الإمارات تستدعي سفراء الاتحاد الأوروبي.. وتبدي قلقها لإساءة استغلال الامتيازات

معلومات عن موافقة نتنياهو على اغتيال المبحوح.. ونسخ جوازات السفر في مطارات إسرائيلية

TT

في خطوة هي الأولى منذ اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح في أحد فنادق إمارة دبي في 19 يناير (كانون الثاني) 2010 دخلت العاصمة أبوظبي أمس على خط تداعيات القضية، داعية الحكومات الأوروبية المعنية بالقضية إلى مواصلة التعاون في عملية التحقيقات للتوصل إلى جميع المعلومات المطلوبة، فيما استدعى وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية أمس سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المعتمدين لدى الإمارات «لإطلاعهم على تطورات القضية، وحثهم على مواصلة دعمهم وتعاونهم في عمليات التحقيق الجارية في هذا الشأن». جاء ذلك بينما أفادت صحف بريطانية أمس بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعطى موافقته شخصيا على عملية اغتيال المبحوح، وأن مطارات إسرائيلية نسخت جوازات سفر الأوروبيين التي استخدمها فريق الاغتيال في دبي لقتل قيادي حماس.

وأعربت الخارجية الإماراتية أمس «عن قلقها العميق إزاء ما وصفته بإساءة استخدام الامتيازات التي تمنحها الدولة حاليا لحملة جوازات سفر بعض الدول الأجنبية الصديقة التي تسمح لمواطني تلك الدول بحق الدخول إلى أراضيها دون تأشيرات، مما أدى إلى استخدام هذه الجوازات بطريقة غير شرعية في ارتكاب هذه الجريمة»، وشددت على أهمية متابعة الدول المعنية لعمليات التحقيق المكثف والتعاون مع الإمارات حتى «استكمال التحقيق في هذه الجريمة وتقديم منفذيها للعدالة». ودعا الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي، أمس الحكومات الأوروبية المعنية إلى مواصلة التعاون في عملية التحقيقات للتوصل إلى جميع المعلومات المطلوبة والمضي قدما في الخطوات الإيجابية التي اتخذتها لتعزيز منع سوء استخدام هذه الجوازات، مشددا على أهمية متابعة الدول المعنية لعمليات التحقيق المكثف والتعاون مع الإمارات حتى استكمال التحقيق في هذه الجريمة وتقديم منفذيها للعدالة.

وأكد المسؤول الإماراتي أن اغتيال المبحوح «عمل إجرامي يمثل انتهاكا لأمن الدولة، ونحن عازمون بقوة على أن يمثل هؤلاء المسؤولون أمام العدالة» مشيرا إلى أن سوء استخدام الجوازات من قبل المتهمين في القضية «يشكل تهديدا عالميا يؤثر على الأمن الوطني لهذه الدول، والأمن الشخصي للمسافرين» معبرا في الوقت ذاته عن امتنان الإمارات العربية المتحدة للتعاون الذي أبدته هذه الدول، مؤكدا استمرار الإمارات في بذل كل ما في وسعها لحماية «مكانتها الريادية الراسخة كدولة مضيافة توفر الأمن والاستقرار لمواطنيها والمقيمين فيها والسياح الذين يزورونها، وبيئتها التجارية المزدهرة في حدود القوانين المعمول بها».

وكانت شرطة دبي قد أعلنت في وقت سابق أسماء وجنسيات أحد عشر شخصا من حملة الجوازات الأوروبية قالت إنهم ضالعون في عملية اغتيال قيادي حماس، محمود المبحوح، والجوازات المستخدمة هي ستة جوازات بريطانية وثلاثة جوازات أيرلندية وألماني وفرنسي.

وقالت وكالة الأنباء الإماراتية إن الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتية، يقوم باتصالات مكثفة مع الحكومات الأوروبية المعنية.. «معربا عن شكره وتقديره لما قدمته كل من المملكة المتحدة وأيرلندا وفرنسا وألمانيا والنمسا من جهود ودعم في هذا الشأن» ولفتت إلى أن وزارة الخارجية تقوم بالتنسيق مع جميع الهيئات الحكومية المعنية، بما فيها الشرطة والأجهزة الأمنية في هذه الدول، للتحقق من جميع البيانات والتفاصيل الخاصة بمرتكبي الجريمة. وأكد وزير الخارجية الإماراتي أن دولة الإمارات تؤمن بأن العلاقات بين الدول يجب أن تقوم على أسس الاحترام والاستقلالية والثقة المتبادلة، وفي إطار الأعراف الدولية.. وقال: «إننا كغيرنا من الدول المتحضرة ملتزمون بهذه المبادئ، ونتعامل مع هذه القضية وفق إطار العمل الدولي المتوقع من مثل هذه الدول».

وفي خطوة عكست التحرك الإماراتي للتعامل مع «أبعاد الجريمة التي ارتكبت على أرض الإمارات» استدعى أنور محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي المعتمدين لدى الدولة لإطلاعهم على تطورات قضية اغتيال قيادي حركة حماس محمود المبحوح في دبي، وحثهم على مواصلة دعمهم وتعاونهم في عمليات التحقيق الجارية في هذا الشأن.

إلى ذلك قالت صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية أمس إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التقى أعضاء فرقة الكوماندوز في مقر الموساد قبيل توجهها إلى دبي لقتل قيادي حماس محمود المبحوح الشهر الماضي. وقالت الصحيفة، نقلا عن مصادر مطلعة على شؤون الموساد من دون أن تكشف اسمها، إن رئيس الموساد مائير داغان استقبل نتنياهو في مقر جهاز الاستخبارات الإسرائيلي وأطلعه على مخططات قتل المبحوح.

وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء أعطى موافقته على «المهمة التي لم تعتبر خطرة أو معقدة». وقالت الصحيفة البريطانية «عادة في مثل هذه المناسبات يقول رئيس الوزراء إن شعب إسرائيل يثق بكم، حظا موفقا». ونقلت الصحيفة أيضا عن أحد المصادر قوله إن حروقا ناجمة عن مسدس صعق كهربائي ظهرت على جثة المبحوح، وإنه كانت هناك آثار لنزيف في الأنف قد يكون نجم عن خنقه. من جهتها قالت صحيفة «صنداي تليغراف» البريطانية إن جوازات سفر أوروبية ظهرت في قضية اغتيال المبحوح استنسخت في مطارات إسرائيلية. لكن متحدثا باسم الخارجية قال لشبكة «سكاي» التلفزيونية البريطانية إن التكهنات في هذه القضية يجب أن تنتظر انتهاء التحقيق، مؤكدا أن تزوير جوازات بريطانية هو أمر بالغ الخطورة، وتتعامل معه الحكومة بجدية.

ورغم نفي إسرائيل تورطها في اغتيال المبحوح، فإن وزير الصناعة الإسرائيلي وزير الحرب السابق بنيامين بن إليعازر، وضع الكرة في ملعب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقال بن إليعازر إن العمليات التي ينفذها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) يجب أن تنال موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي وحده. وأضاف بن إليعازر لإذاعة الجيش الإسرائيلي: «كل شيء رهن برئيس الوزراء، وهو غير مضطر لإطلاع الحكومة حين يحصل رئيس الموساد على تصريح بالتحرك»، وتابع أن «رئيس الحكومة يمكنه - إذا أراد - إبلاغ وزير الحرب، لكنه غير ملزم بذلك». وأبقى بن إليعازر الغموض محيطا بمسؤولية «الموساد» عن قتل المبحوح، واكتفى بالقول «لا أعلم إذا كنا نحن، لكن المهم بالنسبة لي هو النتيجة». وقلل بن إليعازر من الضجة حول العميلة، وقال: «لا أخشى العواقب الدولية، لم يكن أحد يتوقع أن يكون رد فعل العالم هادئا على حدث بمثل هذه المأساوية، لذلك يجب المضي إلى الأمام، وخلال ستة أشهر لن يتحدث أحد في الموضوع، وكل شيء سيكون على ما يرام».

وأثارت هذه العملية توترا دبلوماسيا بين إسرائيل وأربع دول أوروبية تم استخدام جوازات سفر تابعة لمواطنيها في العملية. وطلبت لندن ودبلن وباريس وبرلين توضيحات من سفراء إسرائيل في هذه العواصم حول استخدام جوازات سفر تلك الدول.

وكان عثر على المبحوح، الذي يعد أحد مؤسسي الجناح العسكري لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة، ميتا في غرفته بفندق في دبي يوم 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية إن المسؤولين الألمان يبحثون عن هوية ميخائيل بودنهايمر، الاسم الذي ظهر على جواز السفر الألماني الذي شارك في اغتيال المبحوح في دبي. وأضافت «هآرتس» أن ميخائيل بودنهايمر يعيش في «بني براك» في إسرائيل وقالت زوجته للصحيفة «لا يوجد لدى زوجي جواز سفر ألماني، وإنه لم يطلب قط مثل هذا الجواز».

وبحسبها فإن أصول زوجها وأجداده من ألمانيا، لكنهم هاجروا إلى الولايات المتحدة، ومن ثم إلى إسرائيل قبل 30 عاما. وتقول معلومات أخرى لمجلة «دير شبيغل» الألمانية إن جواز السفر الألماني الذي كان بحوزة مجموعة الاغتيال هو وثيقة قانونية تم تسليمها لحامل جواز سفر إسرائيلي. وأشارت المجلة وفقا لـ«رويترز» إلى أن جواز السفر أُعطِي في يونيو (حزيران) 2009 في كولونيا لشخص يدعى ميخائيل بودنهايمر. وقدم بودنهايمر جواز سفر إسرائيليا صادرا في نهاية عام 2008 لإثبات هويته. وقدم الرجل آنذاك ما يثبت أنه يقيم في كولونيا وأن والديه تعرضا للاضطهاد في الحقبة النازية.

ومن المتوقع أن يواجه وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أسئلة حادة من نظيريه البريطاني والأيرلندي في بروكسل اليوم بسبب مزاعم بأن فريق اغتيالات إسرائيليا استخدم جوازات سفر أوروبية مزورة لتنفيذ عملية اغتيال في دبي.

ويلتقي ليبرمان بوزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند ووزير الخارجية الأيرلندي مايكل مارتن على هامش اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في الوقت الذي تريد فيه بريطانيا وأيرلندا إجابات عن الدور الذي ربما تكون إسرائيل قد لعبته في تزوير جوازات السفر وقتل محمود المبحوح القيادي في حركة حماس. وتقول شرطة دبي إنها تعتقد أن عملاء إسرائيليين نفذوا عملية الاغتيال ونشرت هويات 11 شخصا يحملون جوازات سفر بريطانية وأيرلندية وفرنسية وألمانية وتقول إنهم متورطون في الاغتيال. ونفى العديد من هؤلاء الأشخاص أن تكون لهم صلة بالاغتيال أو أن يكونوا قد زاروا دبي مما أدى بالمحققين إلى أن يشكوا في أن وكالة المخابرات الإسرائيلية (الموساد) نسخت جوازات السفر وعدلت في بياناتها لتسمح لفريق الاغتيالات بدخول الإمارات بهويات زائفة وقتل المبحوح.

وقال وزير خارجية أيرلندا إن الأمر خطير وإنه سيطلب تفسيرا عندما يلتقي ليبرمان. وقال إن الموضوع خطير جدا وإنه يريد توضيحات. وأكدت متحدثة باسم البعثة الأيرلندية في بروكسل إنهما سيجتمعان صباح اليوم. واستدعت بريطانيا وأيرلندا سفيري إسرائيل لديهما الأسبوع الماضي للتشاور لكنهما لم تتلقيا تفسيرا وافيا. وقال رون بروسور السفير الإسرائيلي في لندن إنه لا يستطيع مساعدة البريطانيين بالمزيد من المعلومات.

وحث ميليباند إسرائيل على التعاون بينما تجري بريطانيا تحقيقها في الوثائق المزيفة، وقال إنه سيناقش الأمر مع ليبرمان اليوم لكن لم يتضح مقدار ما سيعلن حول هذا الموضوع. وقال ليبرمان الأسبوع الماضي إنه لا يوجد ما يدعو إلى الاعتقاد أن الموساد له دخل في عملية الاغتيال. وكانت العلاقات البريطانية الإسرائيلية قد شهدت توترا بسبب التهديد بإلقاء القبض على مسؤولين إسرائيليين حال زيارتهم بريطانيا وسط مزاعم بارتكابهم جرائم حرب.

وطالبت فرنسا وألمانيا إسرائيل بتوضيحات لكن ليس من المقرر أن يحضر وزيرا خارجية البلدين اجتماع وزراء الخارجية اليوم ولم يتبين بعد ما إذا كان ليبرمان سيلتقي بنائبيهما.

ومع أن أربعة فقط من 27 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي لها علاقة بالموضوع، فإن بعض المسؤولين أشاروا إلى احتمال طرحه للمناقشة في اجتماع وزراء الخارجية الكامل مما يعني تصعيدا دبلوماسيا كبيرا. ورفض المتحدثون باسم المفوضية الأوروبية مرارا في الأسبوع الماضي التعليق على الموضوع، قائلين إنه مسألة ثنائية بين إسرائيل ودول أخرى. وقالوا إن طرحه في الاجتماع الوزاري للاتحاد الأوروبي سيكون غير ملائم.