مقتل 3 من الناتو.. ونشر الشرطة الأفغانية في مارجا

طالبان ترفض دعوة الرئيس الأفغاني إلى الحوار

قوات من مشاة البحرية الأميركية (المارينز) يؤمنون أمس الطرق خارج مارجا من عبوات طالبان الناسفة (أ.ف.ب)
TT

أعلن حلف شمال الأطلسي أمس مقتل ثلاثة من جنوده خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة في أفغانستان، منهم اثنان في الجنوب والثالث في الشرق. وقالت القوة الدولية للمساعدة على إحلال الأمن في أفغانستان (إيساف) في ثلاثة بيانات مقتضبة إن اثنين من العسكريين، لم تكشف هويتيهما، قتلا السبت والأحد في الجنوب في انفجار قنابل يدوية الصنع. وأوضحت أن الجندي الثالث، الذي لم تكشف أيضا جنسيته، قتل السبت شرق البلاد في «إطلاق نار غير مباشر» سواء بسبب قذيفة صاروخية أو قذيفة هاون.

وقتل 12 جنديا من الحلف الأطلسي في عملية «مشترك» منذ بدئها في 13 فبراير (شباط) في ولاية هلمند. ويشن 15 ألف جندي أفغاني ومن القوة الدولية، على رأسهم الأميركيون والبريطانيون، هجوما واسعا على منطقة مارجا في ولاية هلمند معقل حركة طالبان. وبمقتل الجنديين يرتفع عدد الجنود الأجانب الذين سقطوا في عمليات مرتبطة بالحرب في أفغانستان منذ بداية 2010 إلى 91 جنديا، حسب الموقع المتخصص «آي ماغواليتيز. أورغ».

إلى ذلك، رفضت طالبان الأفغانية أمس أحدث دعوة للرئيس حميد كرزاي للسلام، رغم الهجوم الذي يشنه حلف شمال الأطلسي على الحركة وإلقاء القبض على الرجل الثاني فيها. وجدد كرزاي دعوته في البرلمان أول من أمس لطالبان لقبول اقتراح السلام. وفي مؤتمر عن أفغانستان عقد في لندن في يناير (كانون الثاني) أيدت الدول المانحة خطط كرزاي لإجراء محادثات سلام مع المتشددين الذين ينبذون العنف وتعهدت بتقديم ملايين الدولارات لإقناع المقاتلين بإلقاء السلاح. ورفضت طالبان مرارا مقترحات كرزاي للسلام قائلة إن على القوات الأجنبية مغادرة أفغانستان أولا، لكن مشاورات مبدئية بشأن المحادثات أجريت. وقال قاري محمد يوسف المتحدث باسم طالبان معقبا على دعوة كرزاي لطالبان للعمل من أجل السلام وإعادة الإعمار «كرزاي لا يمكنه أن يمثل أمة أو حكومة».

وأضاف أنه «غارق في الفساد ويحيط به قادة الفصائل الذين يزيدون من ثرواتهم». وتواجه طالبان ضغوطا.. فقد ألقي القبض على ثلاثة من كبار مسؤوليها في باكستان هذا الشهر، منهم الملا عبد الغني برادر، الرجل الثاني في الحركة وكبير قادتها العسكريين، وهو أكبر زعيم لطالبان يجري احتجازه. ويمضي حلف شمال الأطلسي قدما في واحدة من أكبر هجماته في أفغانستان منذ بداية الحرب بهدف طرد طالبان من آخر معقل رئيسي لها في أكثر الأقاليم عنفا في البلاد لإفساح الطريق للسلطات الأفغانية لتولي المسؤولية. وما زال مقاتلو طالبان يبدون تحديا في مواجهة هجوم يختبر استراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما لإرسال 30 ألف جندي إضافي للسيطرة على المناطق التي استولى عليها المسلحون، وذلك قبل بدء خفض القوات في 2011. وقالت قوة المعاونة الأمنية الدولية في مارجا «وردت أنباء عن مقاومة شديدة في بعض المناطق». ويعتقد قائد القيادة الإقليمية في الجنوب أن مرحلة التطهير تمضي بشكل جيد، وأن استكمالها سيستغرق 30 يوما على الأقل. وأدى صمود طالبان إلى إثارة تساؤلات بشأن المدة التي يمكن للدول الغربية أن تبقى خلالها داخل أفغانستان. وانهار ائتلاف رئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بالكننده أول من أمس، عندما لم يتفق أكبر حزبين على ما إذا كان ينبغي سحب القوات من أفغانستان هذا العام كما هو مقرر أم لا.

وتساءل يوسف: كيف يعجز 15 ألف جندي من حلف الأطلسي والقوات الأفغانية يلقون دعما جويا عن اكتساح مارجا محور الهجوم في إقليم هلمند بالجنوب؟. وقال «مقاومتنا مستمرة بلا هوادة ليلا ونهارا. إن الجنود يلقون مقاومة في كل أركان مارجا».

ويقول حلف شمال الأطلسي إن 12 من جنوده لقوا حتفهم خلال القتال منذ بدء الهجوم قبل ثمانية أيام. ويقول يوسف إن طالبان فقدت 14 مقاتلا. وفي مارجا انتشرت الشرطة الأفغانية أول من أمس في منطقة أعادت قوات مشاة البحرية الأميركية السيطرة عليها من أيدي طالبان هذا الأسبوع، في مرحلة مبكرة من خطة تهدف إلى وضع البلاد تحت سيطرة محكمة للسلطات الأفغانية. ووصل ما يقرب من مائتين من قوات شرطة النظام المدني الوطنية الأفغانية إلى مدينة مارجا في إقليم هلمند الجنوبي العنيف، التي كانت، قبل بداية هجوم حلف الأطلسي تحت القيادة الأميركية، منذ أسبوع آخر المعاقل القوية لطالبان هناك. وبدأت قوات حلف شمال الأطلسي عملية «مشترك» في مارجا، وهي مركز من مراكز إنتاج الأفيون، بهدف طرد المتشددين ثم ترك السيطرة للشرطة والسلطات الأفغانية. وهذا الهجوم هو الأول منذ أرسل الرئيس الأميركي باراك أوباما 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان لترويض طالبان قبل انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان المقرر في 2011. ويكمن جوهر الخطة في كسب السلطات الأفغانية لتأييد الأفغان الذين اعتبروا الحكومة، لفترة طويلة، ناقصة الكفاءة، واعتبروا الشرطة جهازا فاسدا. وقال الكابتن محمد كاظم، قائد مجموعة من الشرطة الأفغانية، لسكان مارجا، الذين تجمعوا في سوق كورو شاريه أمس، نحن هنا لنحل السلام والأمن على مدينتكم، نحن نرغب في مساعدتكم. وواجهت قوات مشاة البحرية الأميركية في كورو شاريه مقاومة عنيفة من طالبان في الأيام القليلة الأولى من هجومهم على مارجا. ولا يزالون بعد أسبوع يتلقون طلقات من القناصة ويعثرون على متمردين يزرعون القنابل على الطرق القريبة. وقال ضابط بمشاة البحرية الأميركية «إن هجوما جويا لمشاة البحرية أمس أدى إلى مقتل ستة متشددين كانوا يقومون بزرع قنابل وقتل اثنان آخران عندما انفجرت بالخطأ قنبلة كانا يزرعانها». ولقي وصول قوات الشرطة الأفغانية إلى مارجا، التي كانت تحت سيطرة طالبان ووصفها قادة حلف شمال الأطلسي بأنها نقطة ملتهبة حيث ينعدم وجود الحكومة، ترحيبا واسعا من السكان القرويين في سوق كورو شاريه.