إيران تنوي بناء موقعين لتخصيب اليورانيوم.. والأوروبيون لا يزالون منقسمين حول تعزيز العقوبات

طهران: سنرد بقوة في حال تعرضنا لهجوم.. وأردوغان يحذر من هجوم إسرائيلي ويصفه بـ«كارثة»

صورة وزعتها طهران لمدمرة الصواريخ الإيرانية الصنع «جمران» أثناء تدريبات في الخليج أمس (إ.ب.أ)
TT

أعلن رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية، علي أكبر صالحي، أن طهران تنوي بناء موقعين جديدين لتخصيب اليورانيوم بطاقة مماثلة لطاقة موقع ناتانز (وسط) خلال العام الإيراني المقبل الذي يبدأ في 21 مارس (آذار)، حسب ما أوردت وكالة الأنباء الطلابية (إسنا).

ونقلت الوكالة عن صالحي قوله: «إن شاء الله من الممكن أن نبدأ في العام الإيراني المقبل بناء موقعين اثنين لتخصيب اليورانيوم بأمر من الرئيس» محمود أحمدي نجاد.

وأوضح أن «طاقة هذين الموقعين ستكون مماثلة.. لموقع التخصيب في ناتانز». وموقع ناتانز قادر على احتواء ما يصل إلى 50 ألف جهاز للطرد المركزي. وتابع صالحي: «نحن نعتزم استخدام أجهزة طرد مركزي جديدة في هذين الموقعين». وأوضح أنه «سيتم بناء الموقعين الجديدين في قلب منطقة جبلية»، وذلك «لحمايتهما من أي هجوم».

وكان الرئيس الإيراني أعلن في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) أن بلاده ستبني 10 مصانع جديدة لتخصيب اليورانيوم ردا على قرار للوكالة الدولية للطاقة الذرية نددت فيه بإيران بسبب سياستها النووية وخصوصا لإخفائها أمر موقع فوردو للتخصيب الواقع على بعد مائة كلم جنوب طهران.

وفي الوقت نفسه، كشفت دول الاتحاد الأوروبي، أمس، عن استمرار خلافاتها حول إمكانية تعزيز العقوبات على إيران اعتبارا من الآن، بسبب المأزق الذي وصلت إليه المفاوضات حول برنامج طهران النووي المثير للجدل.

ودعت فرنسا العضو في مجلس الأمن الدولي، التي تصر على المطالبة بفرض عقوبات جديدة على طهران، إلى توجيه «رسالة حازمة جدا» ضد إيران التي يشتبه في أنها تريد امتلاك السلاح النووي تحت غطاء برنامج مدني.

وأعلن وزير الدولة الفرنسي للشؤون الخارجية، بيار لولوش، لدى وصوله إلى اجتماع وزراء الخارجية في بروكسل، حيث يمثل بلاده: «نأمل أن يكون الجميع على الخط نفسه». وأضاف: «أعتقد أن الجميع في صدد التقدم في هذا الاتجاه للأسف، لأن كل الأعمال من الجانب الإيراني منذ بضعة أسابيع تؤكد أنه ينبغي الانتقال إلى العقوبات».

وقال لولوش أيضا: «كنا نرغب في حل دبلوماسي، لكن بما أن كل العروض رفضت»، فإنه ينبغي أن ننتقل إلى أمر آخر. لكن الدول الأوروبية ليست في حالة تناغم، ذلك أن عددا منها يعتبر أن الطريق الدبلوماسي لم يستنفد بعد، ويشدد على ضرورة إيجاد اتفاق في مجلس الأمن الدولي مع الروس والصينيين حول المسألة. وهي طريقة لاستبعاد فرض عقوبات أحادية من دول الاتحاد الأوروبي في حال عدم التوصل إلى اتفاق في الأمم المتحدة.

وقال وزير خارجية لوكسمبورغ، جان اسلبورن: «يجب أن نعرف أننا لن نجد حلولا مع عقوبات، ما من حل آخر سوى الطريق الدبلوماسي، يجب أن نحاول استنفاد كل الأعمال الدبلوماسية». ودعا نظيره السويدي، كارل بيلت، إلى توخي الحذر.

وقال للصحافيين: «هناك مباحثات جارية في مجلس الأمن، فلننظر ما سوف تصل إليه. سيكون لذلك انعكاس إذا كان المجتمع الدولي موحدا فقط»، رافضا أي فكرة عن تحديد مهلة للإيرانيين.

ومن جهته، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، إلى فرض حظر فوري على قطاع الطاقة الإيراني قائلا إنه يجب تجاوز مجلس الأمن الدولي إذا لم يوافق على هذه الخطوة.

وقال نتنياهو في كلمته إنه إذا كان العالم «جادا بشأن منع إيران فإن ما يحتاجه ليس عقوبات مخففة أو عقوبات معتدلة... بل عقوبات فعالة ومؤلمة تقلص صادرات وواردات النفط من إيران وإليها».

وأضاف: «هذا هو المطلوب الآن. قد لا يفي بالغرض لكن أي شيء آخر لن يفي به، وعلى الأقل سنعرف أنه تمت تجربة هذا الأمر. وإذا لم يتم إقرار هذا في مجلس الأمن فيجب القيام به خارج مجلس الأمن ولكن فورا»، حسب «رويترز». وعلى الرغم من أنها خامس دولة مصدرة للنفط في العالم، فإن إيران تستورد نحو 40 في المائة من احتياجاتها من البنزين من الخارج. ويعتقد دبلوماسيون غربيون كثيرون أن الصين إلى جانب روسيا - وهما يتمتعان بحق النقض (الفيتو) - ستعارضان فرض عقوبات تستهدف قطاع الطاقة الإيراني. وتركز العقوبات المقترحة في الوقت الحالي على أصول حكومية إيرانية مثل أصول الحرس الثوري.

وقال مارك ريجيف، المتحدث باسم نتنياهو، إن إسرائيل تفضل أن يكبح مجلس الأمن جماح إيران، لكنها تعتقد أن هناك ما يكفي من الدعم الدولي خارج المجلس لفرض عقوبات على قطاع الطاقة.

وأضاف: «إذا تحركت الولايات المتحدة وأوروبا والدول صاحبة نفس الرأي معا فمن الممكن أن تنجح في إرسال الرسالة المرغوبة وإجبار النظام في طهران على إعادة التفكير في برنامجه للأسلحة النووية». وفي عام 2008 ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية أن إيهود أولمرت، سلف نتنياهو، اقترح على الولايات المتحدة فرض حصار بحري على إيران. وأحجم ريجيف عن مناقشة ما إذا كانت الحكومة الإسرائيلية الحالية لديها أفكار مماثلة.

ومن جهته أعلن نائب وزير الخارجية الإيراني، علي أهاني، في مقابلة نشرتها صحيفة «فيسيرنيي ليست» الكرواتية، أمس، أن إيران لا تنوي البدء بحرب، لكنها سترد «بقوة» على هجوم محتمل.

وقال المسؤول الإيراني: «إن إيران لن تبدأ بشن حرب. لكن إذا ما تعرضنا لهجوم، فسوف نرد بقوة»، من دون التطرق إلى اسم إسرائيل.

وردا على سؤال حول الاستثمارات الإيرانية في مجال التسلح، أكد أهاني أن الشعب الإيراني «مسالم»، وأن كل ما تقوم به بلاده في هذا المجال يرتدي «طابعا دفاعيا» بسبب «التهديدات» التي تواجهها إيران، على حد قوله. وتحاول إيران خصوصا أن تتزود بأنظمة روسية مضادة للصواريخ «إس 300»، وهو ما لا يعارضه الغربيون وإسرائيل.

وحذر أهاني الذي أجريت معه المقابلة بمناسبة زيارته إلى كرواتيا حيث شارك الأسبوع الماضي في تنصيب الرئيس الكرواتي الجديد إيفو يوسيبوفيتش، من مغبة وجود «قوات عسكرية أجنبية بينها الحلف الأطلسي عند كل الحدود» الإيرانية تقريبا.

وقال المسؤول الإيراني: «إن القوى الغربية تبيع من جهة أخرى كميات ضخمة من الأسلحة إلى الدول المجاورة وكل دول المنطقة. ونظرا إلى هذا الوضع، أعتقد أن من حقنا أن نكون على استعداد للرد في أي لحظة».

إلى ذلك، أعلن رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، أن إقدام إسرائيل على شن هجوم وقائي على منشآت نووية في إيران يشكل «كارثة على المنطقة». وأكد أردوغان في مقابلة نشرتها صحيفة «إل بايس» الإسبانية الذي سيلتقي في مدريد رئيس الحكومة الاشتراكية الإسبانية، خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، أنه «من الضروري إيجاد حل للنزاع بالوسائل الدبلوماسية».

وقال أردوغان «يجب أن لا نغادر طاولة التفاوض ولنعتمد الوسائل الدبلوماسية حتى النهاية»، مشيرا إلى أن هجوما إسرائيليا سيسفر عن «عواقب غير متوقعة.. لا أريد حتى أن أتصورها».

وذكر رئيس الوزراء التركي من جهة أخرى أنه لم يجر أي اتصال بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فيما تدهورت العلاقات بين البلدين إلى حد كبير بعد الهجوم الإسرائيلي على غزة مطلع 2009. وانتقد أردوغان من جهة أخرى العوائق التي تضعها باريس وبرلين أمام دخول تركيا الاتحاد الأوروبي، بينما «يقيم حتى الآن 5 ملايين مواطن تركي في أوروبا»، كما قال. وأضاف: «لم نفقد الأمل» في دخول الاتحاد الأوروبي، لكن «ما تفعله فرنسا وألمانيا معنا ليس صحيحا» لأن هذين البلدين يريدان «تغيير قواعد اللعبة» وفرض شروط على تركيا تتخطى «المعايير الأوروبية».