ناخبون «متجاوزون» على أراض حكومية في البصرة: قوائم انتخابية تساومنا لانتزاع أصواتنا

قالوا لـ«الشرق الأوسط»: سنتعرض للتشرد إن لم نوقع على تعهدات خطية

TT

أعربت أعداد كبيرة من الناخبين، المتجاوزين على أراضي الدولة، عن حيرتها ما بين التصويت للقوائم التي أغرتها بتمليك تلك الأراضي مقابل تعهد خطي بالتصويت لها، والخشية من الوقوع ضحية أوهام دعاية انتخابية للأحزاب الدينية، كما في الانتخابات السابقة. بينما وصف موظفون في شركات النفط قرار رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال زيارته الأخيرة إلى البصرة بتمليك البيوت التشغيلية الفارهة لشاغليها من موظفي شركة نفط الجنوب بـ«عدم العدالة».

وقال ناخبون لـ«الشرق الأوسط» إن «جماعات من أحزاب دينية تجوب أحياء المناطق العشوائية لتوزيع أوراق تعهد خطي بانتخاب إحدى القوائم على الناخبين مقابل تمليكهم الأراضي المتجاوزين عليها، والتلويح بهدها في حالة فوز قوائم انتخابية أخرى».

ونقل شاكر عبد، القاطن في أحد الأحياء العشوائية بمحلة الهادي، «حيرة» أهالي المنطقة حول تلك «التعهدات الخطية»، وقال إن «الكثير من الأهالي يعتزم التصويت للقوائم الانتخابية التي لا تأخذ من الدين شعارا لها لإخفاق هذه القوائم في الدورة الماضية ولم تحقق أيا من شعاراتها الانتخابية سوى العزف على أوتار الطائفية التي باتت منبوذة اجتماعيا، لكنهم صدموا بتلك التعهدات التي تعرضهم للتشرد في حالة عدم التصويت لقائمة معينة». وعبر شاكر عن شكوك الأهالي في أن «الحكومة على علم بهذه التهديدات»، مرجحين صدورها من «أعضاء تابعين لقائمة انتخابية يشكلون الأغلبية في الحكومة المحلية». وفازت قائمة دولة القانون، بزعامة المالكي، بمعظم مقاعد مجلس المحافظة في الانتخابات المحلية التي جرت العام الماضي.

ويرى هشام الشامي، محام، أن «التعهد الخطي هو إحدى الوثائق الرسمية المعمول بها في الدوائر الرسمية التي يتعهد فيها الأشخاص أمام كتاب العدول بما تمليه تلك الدوائر ويحال إلى المحاكم المختصة في حالة ظهور ما يخالف تلك التعهدات، أما لجوء الأحزاب والكتل الانتخابية إلى استخدام التعهد الخطي لأمور انتخابية فهو مخالفة صريحة للقانون»، مؤكدا «عدم شرعيتها من الناحيتين القانونية والإنسانية لاستغلالها الظروف الحياتية للناخبين».

وقال مرشح في الانتخابات طلب عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط» إن «الأعداد الكبيرة من الناخبين القاطنين في الأحياء العشوائية وسيلة جذب كبيرة للقوائم المرشحة، وقد استثمرتها إحدى القوائم في انتخابات مجالس المحافظات السابقة عندما صدر أمر حكومي بعدم ترحيل المتجاوزين على أملاك الدولة وإيقاف استيفاء أجور الماء والكهرباء والهاتف إلى إشعار آخر بادعاء خضوعها للتدقيق، مما أسهم بشكل كبير في تغيير نتائج الانتخابات». ويقدر عدد الناخبين المتجاوزين على أراضي وبيوت الدولة بنحو 200 ألف ناخب.

وأضاف أن «إحدى القوائم بقيت تعزف على الوتر ذاته إضافة إلى إيقاد جذوة ما تحقق من أمن واستقرار خلال صولة الفرسان عام 2008 والتي كادت تكون في طي النسيان وسط توالي الأحداث وعدم تحقيق ما بعدها منجزا كبيرا».

وأوضح سعد راضي من سكنة البيوت العشوائية في منطقة الرباط أنه «كان الأجدر بحكومة المالكي معالجة أوضاع أصحاب البيوت العشوائية خلال تشريع قانوني في أوقات سابقة من الانتخابات، أما تحويل قضيتهم الآن إلى ابتزاز انتخابي بشكل غير معلن فهو مخالفة قانونية ترتكبها قائمة دولة القانون». وأكد أن «لجوء الأحزاب الدينية في خطابها إلى الفقراء دليل على نفاد ما في جعبتهم من برامج لاستقطاب الناخبين».

ومن جانبه، نفى جبار اللطيف، رئيس مجلس محافظة البصرة، أن يكون هناك أي تعهد قد قدم للمتجاوزين على الأراضي والبيوت من قبل جهات حكومية أو قوائم انتخابية.

إلى ذلك، أعرب يوسف علي، موظف نفطي، عن أسفه من أن تتحول أملاك الدولة إلى دعاية انتخابية، وقال إنه منذ أكثر من عقد من الزمن قبل عام 2003 قابلت الجهات الرسمية وقتذاك طلبات شاغلي بيوت شركة نفط الجنوب وسط البصرة التي تمتاز بمساحات كبيرة، ما بين 600 إلى 800 متر مربع وبموقع ممتاز، بالتمليك بالرفض كونها من الدور التشغيلية التي تتحول من موظف إلى آخر وحسب النقاط التي حددتها الشركة بموجب سنوات الخدمة والموقع الوظيفي وما شابه.

ووصف قرار المالكي بتمليك تلك الدور بأنه واحد من «الفرمانات»، التي عادت ما تؤخذ على عجالة وتتسم بعدم العدالة كونها أتت من باب الدعاية الانتخابية. وقال إنه «من غير المعقول أن يمتلك موظف بيتا يصل سعره إلى نصف مليار دينار في حين لا يمتلك موظف آخر قطعة أرض سكنية من أراضي المدينة الشاسعة».

وأعرب المستفيدون من قرار التمليك، الذين تحدثت «الشرق الأوسط» معهم، عن غبطتهم بهذا القرار الذي وصفوه بتحقيق «أمنية العمر».