صوت واحد.. وامتناع 66 نائبا أسقط تعديل الدستور اللبناني لخفض سن الاقتراع

وسط مطالبة مسيحية بربطه بتمكين المغتربين من التصويت

مجموعة من الشابات والشبان اللبنانيين خلال تجمعهم أمس في وسط بيروت للمطالبة بإقرار مشروع قانون خفض سن الاقتراع إلى الثامنة عشرة (إ.ب.أ)
TT

سقط مشروع خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة بـ«الضربة الفنية» القاضية في البرلمان اللبناني، وبصوت واحد للنائب الأرمني في كتلة المستقبل سيرج طورسركيسيان الذي صوت وحده ضد مشروع التعديل الدستوري، مقابل 34 صوتوا للمشروع، في حين امتنع 66 نائبا حضروا الجلسة عن التصويت، ما حجب عن المشروع أكثرية الثلثين التي يحتاجها.

واستطاعت القوى المسيحية في الأقلية والأكثرية منع إقرار التعديل، رابطة بين موافقتها عليه بتمكين المغتربين من الاقتراع من أجل ردم الهوة الديموغرافية التي سيولدها إقرار خفض سن الاقتراع بين المسلمين والمسيحيين، فيما ذهب بعضهم إلى المطالبة بربطه بقانون يسمح باستعادة الجنسية لملايين اللبنانيين المنتشرين حول العالم وغالبيتهم من المسيحيين، ذلك أن خفض سن الاقتراع إلى 18 سنة من شأنه أن يضيف إلى الناخبين 250 ألف ناخب جديد، منهم 190 ألف مسلم، و60 ألف مسيحي فقط، علما أن التقديرات تشير إلى أن نسبة المسيحيين تبلغ حاليا ما يقارب الـ35 في المائة، مقابل 65 في المائة من المسلمين، وتوقعت دراسة إكتوارية أجرتها «الدولية للمعلومات»، أن يتناقص عدد المسيحيين في لبنان مع الوقت ليصبح 30.4 في المائة عام 2016 ثم 11.03 في المائة عام 2081 إذا استمرت الأمور في سياقها الحالي.

وفيما استطاع مسيحيو «14 آذار» الحصول على تضامن حلفائهم المسلمين بامتناع تكتل لبنان أولا الذي يرأسه رئيس الحكومة سعد الحريري عن التصويت، صوت حليفا رئيس تكتل التغيير والإصلاح، النائب ميشال عون، كتلة التنمية والتحرير التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، وكتلة حزب الله وبعض الكتل المستقلة مع المشروع، أما النائب وليد جنبلاط فقد وجد «صيغة خلاقة» للتوفيق بين الطرفين، فصوت نواب الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه مع التعديل، في حين امتنع باقي نواب اللقاء الديمقراطي الذي يرأسه أيضا عن التصويت.

وكان مجلس النواب قد اجتمع أمس في جلسة تشريعية للمرة الأولى منذ انتخابه في يونيو (حزيران) 2009 وانتخب أعضاء المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وصادق المجلس على 15 مشروعا واقتراح قانون، وأحيل اثنان على اللجان المشتركة.

وكان الرئيس بري قد افتتح الجلسة التشريعية بالدعوة إلى الوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الطائرة المنكوبة التي سقطت قبالة بيروت الشهر الماضي، بعدها تلا مرسوم دعوة مجلس النواب إلى عقد استثنائي. وطرح مشروع القانون الرامي إلى تعديل المادة 21 من الدستور.

وأعطيت الكلمة للنائب نقولا فتوش، الذي رأى «أننا نتجه إلى بلد الكهولة في لبنان، وأننا ضد الشباب إنما بطرق ملتوية»، معتبرا أننا (في البرلمان) إما أن نكون ضد هذا القانون، وإما أن نحترم توقيعنا وصدقيتنا». وتحدث النائب حسن فضل الله (حزب الله)، قائلا: «ممثلو الشباب موجودون بيننا، نحن حرصنا على أن يكون هذا الموضوع محل توافق، ولم نتقدم به إلا بعد أن حصلنا على تواقيع الكتل الأساسية وأخرناه أشهرا، بعد أن حظي بتواقيع الكتل، وحرصنا على أن يكون محل توافق في المجلس، وعندما أتينا إلى التصويت حظي بإجماع المجلس النيابي وبتوافق داخل الحكومة. لا أدري ما الذي تغير، المجلس لا يزال كما هو، بتوازناته وكتله»، وأضاف: «وإذا كان هناك من يرى إشكالية في التوقيت، ألا يمكن أن نعالج ونقر هذا الأمر ويكون التصويت للشباب في 2013، لأننا سنكون أمام سابقة في التشريع، لأن المجلس النيابي يصوت بالإجماع على الاقتراع والمجلس نفسه يصوت ضد المجلس، حتى لا تبقى الشعارات السياسية مجرد شعارات وحتى لا ييأس اللبنانيون من أي إصلاح في القوانين الانتخابية».

أما النائب اسطفان الدويهي، فقد قال: «لا أعتقد أن هناك أي لبناني ضد إجراء الإصلاحات، لكن السؤال هل بإمكاننا اجتزاء الإصلاحات وإخضاعها للعمل السياسي الانتقائي وحيث الاستنساب وجلب العناوين الكبيرة إلى الأزقة»، وأضاف: «إننا أمام الانقسام والاصطفاف السياسي القائم، نرى الحقيقة المرة أننا لم نحسم بعد أي لبنان نريد، فلا إصلاحات في كل هذا الإطار السياسي القائم». أما الوزير وائل أبو فاعور (كتلة جنبلاط)، فقد تمنى السير في مطلب تخفيض سن الاقتراع وهو حق للشباب اللبناني، داعيا إلى تقديم اقتراحات، عن حق المغتربين اللبنانيين وإيجاد التطبيقات العملية للفكرتين».

وأعلن النائب جورج عدوان (القوات اللبنانية) عدم معارضته خفض سن الاقتراع، لكنه أضاف: «ماذا نقول عن اللبناني الموجود في الخارج عندما يريد أن يتكلم عن حقوق مكتسبة. اللبناني في الخارج لديه الحقوق ولم يحصل عليها». ودعا إلى «التوازي بين اقتراع المغتربين وانتخاب عمر 18 سنة».

وتحدث النائب نعمة الله أبو نصر (كتلة عون) عن اقتراح القانون المقدم منه حول استعادة الجنسية. أما النائب عقاب صقر (كتلة الحريري)، فقال: «أنا مع تصويت كل الشباب، أي الشباب المقيم والمغترب، فكيف أصوت لصالح الشباب المقيم وأترك الشباب المغترب. لبنان ليس فقط المسلم والمسيحي، بل بشقيه المقيم والمغترب، وبما أن هناك فريقا متأثرا بالتصويت، فنحن لسنا ضد القانون ولكننا نحتاج إلى الظروف لإقراره، ونحن مع مواقف صلبة تتحدث عن حقوق مكتسبة، شارحا موضوع الامتناع».

من جهته، قال النائب أيوب حميد (كتلة بري): «هناك دول اعتمدت سن الـ14 ومنها سن الـ16 سنة، وهناك خطأ متمادٍ، كان على لبنان أن يقوم به منذ سنوات طويلة، ووافقت الحكومة عليه، وأعادته إلينا كقانون دستوري». متمنيا «إقرار هذا القانون كما ورد دون تأجيل».

واعترض ممثل حزب البعث النائب عاصم قانصوه بشدة الداعين إلى ربط خفض سن الاقتراع باقتراع المغتربين، وقال: «نحن بانتظار 1975 جديدة في لبنان - في إشارة إلى الحرب الأهلية اللبنانية - ودعا إلى نزول كل الشباب وكل الأحزاب المؤيدة لهذا المبدأ إلى الشارع لإقراره بالقوة».

ثم تحدث المعاون السياسي لبري النائب حسن خليل، فقال: «كل الدول أعطت الحق للشباب باستثناء بعض الدول، نؤمن بأن غير المقيمين لهم حق، لكن لا يمكن أن يربط بحق آخر، وإلا سقط النظام السياسي الذي يقول إن هناك حقا يجب أن يعطل حقا آخر»، وأعلن النائب مروان حمادة أنه مع تطبيق هذا المبدأ وخفض سن الاقتراع إلى 18 سنة، وقال: «نحن حريصون على الاتفاق مع رئيس الحزب (رئيس اللقاء الديمقراطي)، على العمل التوفيقي في هذا المجلس وعلى المناخ التوافقي، ومنعا للاصطفافات الموصوفة قد يمتنع قسم منا عن التصويت على هذا القانون».

ورأى النائب إبراهيم كنعان (كتلة عون) أن المشكلة في لبنان ليست فقط بتوفير حق الاقتراع حتى بالآلية، فالحق مكرس في الدستور إنما الآلية غير متوافرة، يعني أن يصل الصندوق إلى المغتربين حيث هم من دون معاناة»، معلنا: «أن الامتناع عن التصويت هو موقف من المسار».

وكانت «الحملة المدنية للإصلاح الانتخابي» قد نظمت اعتصاما سلميا ومدنيا صباحا، قرب مدخل مجلس النواب، بالتزامن مع التئام الجلسة العامة، شارك فيه منظمات المجتمع المدني والهيئات المشاركة في الحملة ومواطنين من كافة المناطق اللبنانية بهدف «الضغط على مجلس النواب لتحمل مسؤولياته في الدفاع عن المصالح الحيوية للشعب اللبناني، إصرارا على إجراء الانتخابات البلدية في موعدها، وتعزيزا للسيادة الوطنية واحتراما للدستور اللبناني».