«ميدان» إلكتروني يتخطى حواجز اللغة بين مستخدمي الإنترنت بالعربية والإنجليزية

يعتمد على ترجمة إلكترونية ينقحها المحررون ويتيح التواصل الفوري وقراءة الأخبار

الصفحة الرئيسية لموقع ميدان
TT

خلال السنوات الماضية أصبح الإنترنت الوسيلة الأكبر للتواصل بين الشعوب حول العالم ولمعرفة ثقافة وآراء الطرف الآخر من خلال مواقع إخبارية إلكترونية ومواقع التعارف الإلكترونية. ويعتبر الإنترنت من الوسائل المهمة للتقارب بين العرب والغرب، إلا أن إحدى أكبر العقبات أمام مستخدميه هي اللغة، فعلى سبيل المثال مستخدم الإنترنت باللغة الإنجليزية لا يستطيع التواصل مع مستخدم عربي لا يجيد الإنجليزية، كما أنه لا يستطيع قراءة الأخبار باللغة العربية. والأمر نفسه ينطبق على مستخدم الإنترنت العربي الذي لا يجيد الإنجليزية ولا يستطيع الاطلاع على المواقع الإخبارية باللغة الإنجليزية. وهناك أرقام وإحصاءات متفاوتة حول عدد مستخدمي الإنترنت العرب الذين لا يجيدون الإنجليزية ولا يستطيعون استخدام المواقع الإنجليزية، بعضها تشير إلى أكثر من 60 في المائة. وبالطبع الغالبية العظمى من مستخدمي الإنترنت في الغرب لا يتحدثون العربية، بينما المحتوى العربي الإلكتروني لا يمثل سوى 1 في المائة من المحتوى العالمي للشبكة الإلكترونية، على الرغم من أن العربية خامس أكثر اللغات انتشارا في العالم.

وانطلق أمس موقع إلكتروني يسعى إلى معالجة هذه المشكلة وتخطي حدود اللغة يجمع مستخدمي الإنترنت باللغتين العربية والإنجليزية ويقدم الأخبار المتاحة على الإنترنت باللغتين إلى الطرف الآخر. فـ«ميدان» هو اسم الموقع الذي تم إطلاقه رسميا، أمس، بعد 9 شهور من إطلاق النسخة التجريبية، يقدم محتوى باللغتين بناء على تقنية متطورة للترجمة الآلية، بالإضافة إلى فريق من المترجمين البشر لبناء مساحة واحدة لمجتمع ثنائي اللغة.

وهناك غرضان أساسيان للموقع، الأول تقديم مقالات تعتبر ذات أهمية يختارها محررو موقع «ميدان» على الموقع، وترجمتها إلى اللغة الأخرى بهدف التداول الأوسع. أما الغرض الثاني هو إتاحة الفرصة للقارئ والمتصفح ترك التعليقات على أي موضوع وترجمة التعليقات إلى اللغة الثانية كي تقرأ من قبل الطرف الثاني ونقل الآراء العربية إلى القارئ الأجنبي ونقل الآراء الغربية إلى القارئ العربي. وهناك برنامج يساعد مستخدم الموقع على التحاور مع مستخدم آخر للموقع وتبادل الآراء المترجمة من قبل «ميدان». وشرح نائب الرئيس للشؤون الهندسية لدى الموقع، أنس طويلة لـ«الشرق الأوسط» أن «شخصا في العراق وآخر في الولايات المتحدة لا يتحدثان نفس اللغة يمكنهما التواصل وتبادل الرسائل التي يترجمها الموقع». وأضاف أن «الموقع مثل المرآة، أي مادة في العربية توجد بالإنجليزية والعكس بالعكس، والهدف هو أن القارئ يحصل على نفس الأفكار والمواد بغض النظر عن اللغة». ويتيح الموقع أيضا لمستخدميه نشر روابط إلكترونية لمقالات منشورة على الإنترنت ويتم بعد ذلك ترجمتها في نفس موقعها.

واعتبر طويلة أن «موضوع الترجمة وجودتها كان تحديا كبيرا بالنسبة لنا، ولقد اعتمدنا على الترجمة التشاركية، أي نأخذ الخبر ونمرره على خدمة الترجمة الإلكترونية التي طورتها شركة (آي بي إم) ومن ثم يطلع عليها المحررون». وأضاف طويلة أن «الترجمة الآلية سريعة ولكن الجودة من خلالها ليست عالية وبخاصة في المواضيع الحساسة، فكلمة واحدة يمكن أن تغير المعنى كله». وهناك نحو 40 محررا يعملون في موقع «ميدان» يراقبون الترجمة بالإضافة إلى اختيار المواد الإخبارية والثقافية التي يستضيفها الموقع. كما أن الموقع يستخدم فكرة موقع «ويكيبيديا» الذي يسمح للمستخدم أن يسهم أيضا في الترجمة. وخلال الفترة التجريبية للموقع، كان هناك نحو نصف مليون مستخدم يوميا له، ومن المرتقب أن يرتفع بعد تطويره وتوسيع المواد المتاحة عليه.

وقال مؤسس الموقع، إد بايس، في بيان أمس، إن «عندما بدأنا هذا المشروع، سألنا أنفسنا: كيف يمكننا أن نجعل شخصا يعيش في نبراسكا في الولايات المتحدة يرى حدثا بعين شخص يعيش في نابلس في الضفة الغربية»، مضيفا أن «موقع ميدان هو الإجابة، إذ إنه يتيح لك التصفح والبحث باللغتين العربية والإنجليزية، علاوة على ترك تعليقاتك والمشاركة بروابط لمواقع أخرى بهاتين اللغتين». ويؤمن بايس بأن توفير ترجمة الأخبار وعرض الآراء المحلية عنها من شأنه أن يساعد على زيادة درجة التفاهم بين العالم الإسلامي والغرب. ويذكر بايس أنه «على الرغم من ظهور الإعلام الفردي وانتشاره، لا يزال حيز التعبير عن الرأي ضيقا ومحدودا في محتواه في المواقع الموجهة للمستخدمين العرب مقارنة بنظرائهم الغربيين». ولدى الموقع قاعدة بيانات للمصادر الإعلامية، مثل الصحف ومواقع المدونات الإلكترونية «البلوغرز». وقال طويلة إن «من يريد أن يتعرف أكثر على مصادرنا، التي تشمل صحيفة (الشرق الأوسط)، يمكن أن يذهب إلى قاعدة البيانات ويتابعها». وأضاف: «انحيازنا ليس للمصدر في اختيار الأخبار في انحيازنا للخبر نفسه وأهميته على نطاق واسع».

وقد حصل الموقع على دعم من شركة «آي بي إم» التي طورت تقنيات الترجمة على حسابها، والتي تقدر قيمتها بملايين الدولارات. كما قدمت مؤسسات فكرية وخيرية مثل «معهد ماكارثر» الدعم للموقع الذي بدأ العمل على تطويره منذ عام 2006. وأكد طويلة أن المؤسسة غير ربحية وغير منحازة لطرف أو جهة سياسية، موضحا أن «الهدف النهائي هو عندما يتعرف بعضنا على بعض سوء التفاهم يزول ويمكن مواجهة التصورات الخاطئة». وأضاف: «الميدان الحقيقي هو ساحة للقاء الناس والتعارف والتعاون فيه، والأمر نفسه في الميدان الإلكتروني».