تنظيم جند الله ينفي علاقته بـ«القاعدة».. لكنه ينشط في «مثلثها الساخن»

نفذ عمليات.. أبرزها الهجوم الذي استهدف تجمعا للحرس الثوري

TT

«أخذنا على عاتقنا الدفاع عن أهل السنة في إيران كلها وحماية علمائنا ومساجدنا ردا على المظالم التي نتعرض لها»، هكذا كان تفسير عبد الله ريغي زعيم تنظيم جند الله السني في إيران لبروز التنظيم وخروجه على الساحتين الأمنية والسياسية في مواجهة التعسف الرسمي ضد أهل السنة في إيران.

ويعتبر هذا التنظيم أحد أكثر جماعات العنف المسلح غموضا، فهي تنشط في مثلث ساخن يربط الحدود الإيرانية الباكستانية الأفغانية. ويربطها البعض بـ«القاعدة»، بينما يتهمها البعض بأنها مجرد مخلب استخباراتي موجه ضد طهران، فيما تنامى نشاطها مؤخرا مسببة عدة عمليات قاسية للجيش الإيراني. وينفي التنظيم أي علاقة له بطالبان أو تنظيم القاعدة، علما بأن طهران سربت العام الماضي تقارير إعلامية اتهمت عددا من أجهزة الاستخبارات العالمية بتقديم المساعدة لعناصر التنظيم.

ويصنف أمير الجماعة ريغي بالمطلوب الأول لإيران والمحكوم بالإعدام لتورّطه في عمليات خطف وقتل جنود وتشكيل جماعة مسلحة تناهض الجمهورية الإسلامية، هو في العقد الثالث من العمر، ويجتمع حوله عدد كبير من الشباب وغالبيتهم - إن لم يكونوا كلهم - من سنة البلوشستان.

ووضع ريغي مصالح السنة في إيران كمانفيستو للتنظيم الذي يقوده، حيث قال في مقابلة تلفزيونية نادرة العام الماضي: «لا نريد إلا أن نكون مواطنين ونتمتع بالحقوق التي يتمتع بها الشعب الإيراني الشيعي، ولا تمييز بين الشيعة والسنة». ويرى أنصار جماعة جند الله في السلطة الإيرانية قمعا متناميا للتيار السني في البلاد، ويستشهدون دائما بممارسات النظام الإيراني في التضييق على سنة البلاد.

ولا تعترف السلطة الإيرانية بالجماعة، وتعاملها معها قائم على محاولات دائمة في كشف نشطائها، ولعل وعورة الجبال التي تتحصن بها السبب الرئيسي في استمرار نشاطها، حيث يقتصر نشاط الحكومة تجاه مسلحيها على قصفهم بالطائرات، وهي ترسل دائما عدة شخصيات يرجح بأنها عناصر استخباراتية للتشاور مع قادة هذه الجماعة.

وتقول الدراسات المتاحة عن الوضع الاقتصادي لجماعة جند الله إنه يعاني نتيجة غياب وجود تمويل مستمر، مما يجعل أغلب نشاطه قائما على تبرعات المؤيدين المحليين.

وتنشط الجماعة في منطقة بلوشستان على الحدود بين إيران وباكستان، حيث تضم نحو ألف مقاتل من أبناء الأقلية (البلوشية) السنية المتدينة التي تسكن مناطق إقليم (سستان - بلوشستان) الواقع جنوب شرقي إيران على المثلث الحدودي مع أفغانستان وباكستان.

وتأسست الجماعة عام 2002 على يد الشيخ عبد المالك ريغي، وهو أحد طلبة العلوم الدينية، للعمل على الدفاع عن حقوق السنة عامة والشعب البلوشي خاصة، والمطالبة باستقلال أكبر للأقاليم السنية، أو إجبار النظام الإيراني على التعاطي معها كحزب سياسي رسمي، كما يطالبون بتقسيم الثروة تقسيما عادلا، وأن يكون للسنة الحرية في بناء المساجد والمدارس.

في المقابل تنظر طهران إلى جند الله باعتبارها «فئة باغية» أو جماعة متمردة، وتصنف أميرها عبد المالك ريغي، وهو في العقد الرابع من عمره، بأنه المطلوب الأول المحكوم عليه بالإعدام «لتورّطه في عمليات خطف وقتل جنود، وتشكيل جماعة مسلحة تناهض الجمهورية الإسلامية»، متخذة من الأراضي الباكستانية خلفية لها، وهو ما تنفيه جماعة جند الله، مستندة إلى قدرة الجبال الممتدة داخل الحدود الإيرانية على توفير الحماية الكاملة لعناصرها، حيث قال ريغي في تصريحات صحافية سابقة: «لسنا بحاجة إلى المجيء إلى باكستان، معظم مراكزنا العسكرية ورجالنا هم داخل إيران».

ومن بين أبرز العمليات التي نفذتها عناصر تنظيم جند الله، الهجوم الذي استهدف في الثامن والعشرين من شهر مايو (أيار) من العام الماضي تجمعا للحرس الثوري وقوات الباسيج داخل حسينية في مدينة زاهدان. وجاء التفجير متزامنا مع الحديث عن محاولة لتفجير طائرة مدنية في إقليم الأحواز العربي، وبعد أشهر من محاولة اغتيال الرئيس أحمدي نجاد في إقليم بلوشستان.

وتتراوح نسبة المسلمين السنة في إيران بكافة عرقياتهم، وحسب الإحصاءات شبه الرسمية، بين 14 إلى 19 مليون مسلم، يشكلون نسبة تتراوح بين 15 و20 في المائة من الشعب الإيراني، وهم مقسمون إلى 4 عرقيات رئيسية: الأكراد والبلوش والتركمان والعرب، حيث يسكنون بالقرب من خطوط الحدود التي تفصل إيران عن الدول المجاورة ذات الأغلبية السنية، مثل باكستان وأفغانستان والعراق وتركمانستان.