خطط الانقلاب في تركيا: استجواب الضباط والجيش يصف الوضع بـ«الخطير»

إسبانيا تدعم مساعي أنقرة للانضمام إلى أوروبا.. وتوقف كرديا ألقى حذاءه على أردوغان

TT

فيما بدأ المدعون العامون في تركيا أمس استجواب الضباط العسكريين السابقين الذين جرى توقيفهم في إطار التحقيقات حول مؤامرات مفترضة تهدف إلى الإطاحة بحكومة حزب العدالة والتنمية ذات الجذور الإسلامية، وصف الجيش الوضع في البلاد بـ«الخطير».

وكانت الشرطة قد اعتقلت أول من أمس 51 ضابطا سابقا، بعد اكتشاف خطط مفترضة لتنظيم سلسلة اعتداءات بالقنابل على مساجد، بغية تحريض المصلين على النزول إلى الشارع للتظاهر بعنف، واتضح أن بين الموقوفين 17 جنرالا و4 ضباط برتبة لواء بحري، إلى جانب 28 ضابطا عسكريا رفيعي المستوى. ومن أبرز الموقوفين القائد السابق لسلاح الجو إبراهيم فرتينا والقائد السابق لسلاح البحرية اوزدن اورنك.

وكان رئيس الوزراء طيب رجب أردوغان قد أعلن أول من أمس، من مدريد التي يزورها، عن الاعتقالات، ورفض التعليق على الأمر باعتباره «قضية أمام القضاء». ونفذت عمليات الاعتقال في اسطنبول بعد توصل الشرطة إلى أدلة تتضمن مكالمات جرى التنصت عليها ومعلومات عن خطط انقلاب مفترضة أعدت عندما كان الضباط في الخدمة بين عامي 2003 و2005. وتضمنت الخطط التي وضعت عام 2003 تحت اسم «المطرقة» زرع متفجرات في أنحاء البلاد لإثارة الفوضى مما يسمح للجيش بإعلان حالة الطوارئ والإطاحة بحزب العدالة والتنمية الحاكم. وكانت صحيفة تركية أول من كشف عن هذا المخطط في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وأكد الجيش أن السيناريوهات التي كشفت عنها التحقيقات لم تكن إلا مناورة عسكرية افتراضية لأغراض تدريبية. وكان الجيش قد انتقد في السابق حزب العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بسبب توجهاته الإسلامية المعتدلة التي يعتبرها تهديدا لعلمانية الدولة التركية التي نص عليها دستور البلاد.

وفيما نشرت صحيفة تركية هي «تاراف» أمس، وثائق عسكرية مسربة قادت إلى الاعتقالات، كتبت صحيفة أخرى هي «زمان»، أن حملة التوقيفات نفذت بعد أن اكتشف الخبراء أن الوثائق التي سربت حقيقية.

وتنفي الحكومة وجود دوافع سياسية وراء الاعتقالات، مثلما تقول بعض أحزاب المعارضة. وقال دنيز بايكال، رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، إن العملية «ليست إجراء قانونيا، وإنما تبدو مواجهة سياسية بحتة». كما اتهم دولت باهسلي، زعيم حزب التحرك القومي المعارض هو الآخر، الحكومة بشن عملية «انتقام سياسي»، وحث الطرفين على وقف إصدار بيانات نارية قد تغذي التوتر أكثر.

وقد توجه إلى الضباط المشتبه فيهم تهم محاولة الإطاحة بالحكومة بالقوة والانتماء إلى مجموعة غير مرخصة لذلك الغرض، حسبما ذكرت صحيفة «ميليت» التركية أمس.

وكانت الصحافة قد كشفت معلومات عن مؤامرات عدة مفترضة ضد الحكومة تعود إلى 2003 و2004، مما تسبب في إجراءات قضائية متتالية أججت التوترات بين أنصار الحكومة المتهمة بأنها تخفي خطة لأسلمة البلاد، ومعارضيها. وكان قد استمع إلى أقوال فرتينا واورنك بصفتهما المشتبه فيهما في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في اسطنبول من قبل مدعين عامين يتولون تحقيقات مختلفة حول مؤامرة في إطار قضية شبكة «أرغينيكون» المتهمة بالسعي إلى القيام بانقلاب عسكري.

ويحاكم منذ 2008 نحو مائتي شخص ينتمون إلى شتى المجالات (بينهم أشخاص من المافيا ومحامون وصحافيون وجامعيون وعسكريون) في إطار قضية «أرغينيكون» التي يعتبر البعض كشفها بمثابة تقدم ديمقراطي في تركيا، لكن آخرين ينتقدونها باعتبارها وسيلة للحكومة لتكميم أفواه المعارضة العلمانية. وكان الجيش الذي أسقط 4 حكومات منذ 1960 ويعتبر العمود الفقري للنظام العلماني الذي وضعه أتاتورك مؤسس تركيا الحديثة، نفى مؤخرا أي مؤامرات للقيام بانقلاب، مؤكدا أن زمن الانقلابات قد ولى.

وفي سياق متصل، تمكن أردوغان، خلال زيارته إلى مدريد، من انتزاع دعم سياسي من إسبانيا التي ترأس الدورة الحالية للاتحاد الأوروبي، بشأن مساعي أنقرة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وقال رئيس الحكومة الإسبانية خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو إثر لقائه أردوغان إن «إسبانيا تؤيد بشدة دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي. لقد عبرنا باستمرار وبحزم عن هذا الموقف. وهذا ما نقوم به اليوم وما سنقوم به غدا». وأضاف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع أردوغان أن «الرئاسة الدورية الإسبانية (للاتحاد الأوروبي) ترغب في بحث وفتح العدد الأكبر الممكن من الفصول في عملية المفاوضات مع تركيا من أجل انضمامها إلى أوروبا». وأشار رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي إلى أن «تركيا تنوي فتح 4 فصول. سوف نرى إلى أين يمكن أن نصل. يبدو أن تركيا تتفهم هذا الأمر» مضيفا أنه «سيبحث هذه المسألة» مع المفوضية الأوروبية الجديدة خلال اجتماع سيعقد الثلاثاء في مدريد. ومن ناحيته، أشاد رئيس الوزراء التركي بكون «إسبانيا لم تترك أبدا تركيا لوحدها». وقال أردوغان إن «دعمها لانضمامنا (إلى الاتحاد الأوروبي) كان ثابتا وعزمنا على الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي ما زال كاملا» مضيفا أن «إسبانيا مع رئاستها الدورية سوف تقدم لنا الدعم الضروري».

في غضون ذلك، أعلنت الشرطة الإسبانية أمس أنها اعتقلت كرديا يحمل الجنسية السورية مساء أول من أمس في إشبيلية (جنوب إسبانيا) لأنه ألقى بحذائه على أردوغان الذي يقوم بزيارة إلى إسبانيا. وأوضحت ناطقة باسم شرطة إشبيلية أن الشخص المعني (27 سنة)، «اعتقل بعد الحادث»، واتهم «برمي حذائه» في اتجاه أردوغان. ووقع الحادث في الساعة التاسعة والنصف مساء أول من أمس، عندما كان أردوغان خارجا من بلدية إشبيلية حيث تلقى جائزة، وأظهرت مشاهد بثتها قناة «سي إن إن تركيا» وتناقلتها وسائل الإعلام الإسبانية أن الرجل استهدف أردوغان عندما كان يهم بالصعود إلى سيارته، لكن حذاءه أخطأ المسؤول التركي.

يشار إلى أنه في 14 ديسمبر 2008، رمى صحافي عراقي الرئيس الأميركي السابق جورج بوش بحذائه، في آخر مؤتمر صحافي يعقده قبل نهاية ولايته، وهو يصرخ: «هذه قبلة الوداع أيها الكلب». ونال منتظر الزيدي الذي حكم عليه بالسجن سنة بتهمة «التعدي على رئيس دولة خلال زيارة رسمية» شهرة كبيرة في العالم العربي، وأفرج عنه بعد 9 أشهر لحسن سيرته.