كلينتون تدعو دمشق إلى الابتعاد عن طهران ووقف نقل السلاح إلى حزب الله

أكدت استعداد الإدارة الأميركية لبحث استضافة قمة سلام سورية - إسرائيلية

TT

أعلنت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس رغبة بلادها في رؤية سورية تبدأ في الابتعاد عن إيران، في وقت أكدت فيه أن معالجة الملف الإيراني تتصدر أجندة أعمالها. وتصريح كلينتون، الذي جاء عشية زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى دمشق اليوم، هو الأوضح من قبل مسؤول في إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في ما يخص رؤية واشنطن على العلاقات السورية – الإيرانية.

ومثلت كلينتون أمام «لجنة الموازنة» التابعة لمجلس الشيوخ الأميركي لتجيب عن أسئلة السيناتورات ضمن جهود الإدارة للحصول على مصادقة الكونغرس على الميزانية الخاصة بالعمليات الخارجية.

وقالت كلينتون أمام اللجنة إن واشنطن ترغب في أن «تبدأ دمشق بالابتعاد في علاقتها عن إيران التي تتسبب في اضطرابات للمنطقة وللولايات المتحدة». وتابعت الوزيرة الأميركية «أكدنا للسوريين الحاجة إلى المزيد من التعاون حول العراق، ووقف التدخلات في لبنان، ونقل أو تسليم سلاح إلى حزب الله، واستئناف المحادثات الإسرائيلية – السورية». وردا على استفسارات «الشرق الأوسط» حول توقيت تصريحات كلينتون وربط الرغبة الأميركية بابتعاد سورية عن إيران مع عودة السفير الأميركي إلى دمشق، قالت ناطقة باسم الخارجية «رسالتنا الأساسية لم تتغير، وعلاقتنا الثنائية مستمرة في التطور، وعودة السفير الأميركي تأتي في سياق ذلك». وأوضحت «نحن نريد أن نتعاطى مع سورية من خلال الحوار المتواصل»، مشيرة إلى أن «قرار عودة السفير إلى دمشق اتخذ العام الماضي».

وأفادت مصادر دبلوماسية مطلعة في واشنطن بأن عودة السفير الأميركي إلى دمشق تحديدا غير مرتبطة بشروط لسورية مفادها الابتعاد عن إيران. إلا أن مصدرا مطلعا أوضح أن رغبة واشنطن في ابتعاد دمشق عن طهران أمر تعلم به سورية حتى وإن لم توجد تصريحات أميركية متزايدة عنه. وأضاف أن الأميركيين يراقبون عوامل عدة لقياس رغبة السوريين في إبداء حسن نية، وعلى رأس ذلك عدد المقاتلين الأجانب المتوجهين إلى العراق، والأسلحة المتدفقة إلى حزب الله من سورية بدعم إيراني. وهذه مؤشرات تنظر إليها واشنطن لمعرفة التوجهات السورية في المرحلة المقبلة ولقياس نتائج الحوار والانفتاح عليها.

من جهة أخرى، أكدت كلينتون استعدادها لبحث فكرة استضافة قمة سلام سورية - إسرائيلية في واشنطن. وأوضحت كلينتون أن الإدارة الأميركية مستعدة لبحث أي مقترحات تساعد في الدفع باتجاه سلام شامل في المنطقة، بما في ذلك استضافة قمة لقادة سورية وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق سلام بينهما. وردا على سؤال من السيناتور الديمقراطي ارلن سبكتر، حول إمكانية عقد مثل هذه القمة، قالت كلينتون «إنني على استعداد لطرح أي شيء يمكن أن يضع حدا لهذا الجمود»، مضيفة «لكنني لا أعرف ما إذا كان ذلك سيصبح مقبولا وقابلا للتحقيق من قبل الطرفين أم لا».

يذكر أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك يصل إلى واشنطن يوم الجمعة ضمن زيارة إلى الولايات المتحدة تستمر 5 أيام. ومن المرتقب أن يبحث باراك مع كلينتون الملف الإيراني، بالإضافة إلى المستجدات في المنطقة التي تشمل العلاقات السورية – الأميركية.

وكان المدير السياسي لوزارة الخارجية الأميركية وليام بيرنز زار العاصمة السورية الأسبوع الماضي، في إطار الجهود الأميركية لتحسين العلاقات مع سورية. وتعتبر الزيارات المتكررة من قبل مسؤولين أميركيين إلى دمشق بمثابة رسالة من واشنطن إلى طهران بأنها تتقارب من سورية، وتجري لقاءات بناءة مع المسؤولين السوريين.

وأكدت مصادر مسؤولة أميركية أن العمل على تقوية التعاون الدولي لمواجهة إيران وزيادة عزلتها من أبرز السياسات الأميركية الحالية لمعالجة الملف الإيراني.

وكانت مسؤولة أميركية رفيعة المستوى قد أفادت لـ«الشرق الأوسط» في حوار سابق بأن «السبب وراء التواصل مع سورية هو لمعرفة إذا كان مثل هذا التواصل الدبلوماسي يمكن أن يؤدي إلى تغييرات في السياسة لتدفع هذه الأهداف إلى الأمام». وتعمل واشنطن على أن تظهر للسوريين نقاط تلاق في الأفكار والمصالح بين سورية والولايات المتحدة، مختلفة عن تلك التي تجمع دمشق وطهران. وقالت المسؤولة في تصريحات قبل زيارة بيرنز الأسبوع الماضي «مبدئيا، الولايات المتحدة وسورية لديهما مصالح مشتركة قد تكون أكبر من المصالح السورية والإيرانية المشتركة، فسورية تقول إنها ملتزمة بالسلام الشامل، وهذه ليست وجهة النظر الإيرانية، وسورية تقول إنها ملتزمة باستقرار العراق، وحكومة تمثل كل العراقيين، لكنني غير متأكدة أن هذه أجندة الحكومة الإيرانية»، مضيفة «أعتقد أنه أمر قد يمكن التساؤل حوله، شعورنا هو أنه يمكن لسورية لعب دور إيجابي جدا في المنطقة، ورأينا أن الحكومة الإيرانية الآن لا تلعب دورا إيجابيا في المنطقة».

وأكدت كلينتون أثناء مثولها أمام الكونغرس أمس أن الملف الإيراني على رأس جدول أعمالها وفي اتصالاتها الدولية. وقالت كلينتون «إيران لم تترك خيارا للمجتمع الدولي سوى فرض المزيد من الضغط (عليها) في مواجهة الخطوات الاستفزازية»، مضيفة «نحن نعمل جاهدين الآن مع شركائنا للاستعداد ولتطبيق خطوات جديدة للضغط على إيران لتغير مسارها». واعتبرت أن «الكثير من التقدم» قد أحرز في ما يخص الحصول على دعم صيني في الجهود الدولية لمعالجة ملف طهران النووي، لكنها أقرت بأن دولا فعالة مثل الصين ما زالت غير مقتنعة بدعم عقوبات دولية جديدة على إيران.

ويدرس الكونغرس الأميركي حاليا فرض عقوبات أميركية جديدة على إيران، مما دعا كلينتون أمس إلى الطلب من أعضاء الكونغرس ترك مجال كاف للإدارة الأميركية للتحرك على صعيد العقوبات الدولية، والعمل ضمن إطار الأمم المتحدة بدلا من العمل الأحادي الجانب.

ومن جهة أخرى، دافعت كلينتون عن طلب 52.8 مليار دولار لوزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية لعام 2011، وهي زيادة بقيمة 4.9 مليار دولار عن عام 2010. يذكر أنه ضمن هذه الزيادة، 3.6 مليار دولار لأفغانستان وباكستان والعراق، الدول التي تعتبر «دول الصف الأمامي» للولايات المتحدة.