نجل قائد في حماس كان عميلا لإسرائيل قبل سفره إلى أميركا واعتناق المسيحية

يطلق عليه «الشاباك» لقب «الأمير الأخضر».. ولم يتورع حسب «هآرتس» عن إيداع والده حسن يوسف والبرغوثي وغيرهما الكثير السجن.. وسيصدر كتابا عن حياته قريبا

TT

كشفت صحيفة «هآرتس»، في عددها أمس، أن مصعب يوسف، نجل زعيم حركة حماس في الضفة الغربية الأسير حسن يوسف، المعتقل منذ كان عميلا للمخابرات الإسرائيلية «الشاباك» طيلة عشر سنوات. الذي أدت التقارير التي نقلها إلى المخابرات إلى إنقاذ حياة مئات الإسرائيليين، وبفضلها تمكنت المخابرات من اعتقال مجموعة كبيرة من القادة الفلسطينيين، أمثال مروان البرغوثي أمين سر حركة فتح السابق في الضفة الغربية عضو لجنتها المركزية حاليا، والقائدين العسكريين في حماس، إبراهيم حامد وعبد الله البرغوثي.

وقال آفي اسخاروف كاتب التقرير إن مصعب يوسف سيصدر مطلع مارس (آذار) المقبل كتابا باللغة الإنجليزية وستقوم الصحيفة بترجمته للعبرية ونشره على حلقات. وسيوثق الكتاب حسب اسخاروف، قصة حياة نجل أكبر قادة حماس في الضفة وأكثرهم اعتدالا، الموجود حاليا في الولايات المتحدة بعد أن اعتنق المسيحية. وأكدت أن الكتاب يصدر بالتنيسق معه ومن خلال مقابلات صحافية مطولة أجريت معه وكذلك مع عدد من كبار ضباط المخابرات الإسرائيلية الذين جندوه أو قاموا بتشغيله. وأكدت أن مصعب يوسف وافق على إصدار قصته لإيمانه بأنها تخدم عملية السلام.

ونشرت الصحيفة، أمس، ملخصا لتقرير ستنشره في عددها غدا، حول هذه القضية، فقالت إن والد مصعب، الشيخ حسن يوسف، هو قائد حركة حماس في الضفة الغربية وأحد القادة البارزين في هذه الحركة منذ تأسيسها. عرف باعتداله السياسي. وقد تم اعتقال نجله مصعب سنة 1996 كناشط سياسي. وفي المعتقل اكتشف ضباط المخابرات لديه ميولا بعيدة عن حماس. فاخترقوا هذه الثغرة. وخلال سنة من اعتقاله تمكنوا من إقناعه بالعمل لخدمتهم وأطلقوا سراحه سنة 1997. وتولى العمل معه ضابط مخابرات يحمل اسم كابتن لؤي، الذي نسبت الصحيفة إليه القول إن مصعب كان «أكبر مصدر فلسطيني للمخابرات في دقته وأمانته». وأضاف ملخصا تجربة العمل معه لست سنوات: «لا أريد أن أكشف لكم كم هو عدد مديري المناطق في جهاز المخابرات. ولكن أقول إن مصعب يصلح لأن يكون مدير منطقة. بل إنه كان أفضل من كثير من الضباط عندنا». وقالت الصحيفة إن التقارير التي زود بها مصعب المخابرات أنقذت أرواح مئات المواطنين الإسرائيليين القاطنين في إسرائيل أو مستوطنين في الضفة الغربية أو قطاع غزة، حيث أفشل عشرات العمليات التفجيرية. وبفضل تقاريره، تمكنت المخابرات الإسرائيلية من اعتقال مروان البرغوثي،، الذي حكم عليه بالسجن 5 مؤبدات واعتقال العشرات من قادة حماس العسكريين امثال عبد الله البرغوثي الذي حكم عليه بالسجن 36 مؤبدا وإبراهيم حامد الذي حكم عليه 66 مؤبدا. لا بل إن مصعب وشى بوالده حسن يوسف وتسبب في اعتقاله، وهو في الأسر الإسرائيلي اليوم يحاكم بعدة اتهامات.

ووصف كابتن لؤي كيفية أداء مصعب كـ«عميل مخلص»، إنه لم يتورع عن القيام بأي مهمة، لا في الليل ولا في النهار، لا في الصيف ولا في الشتاء، ولا في أي ظروف. وأعطى مثلا عن ذلك: «إذا وصلت الينا معلومة تقول إن إرهابيا ما انطلق لعملية في إسرائيل. وإنه متجه إلى دوار الساعة في رام الله، حتى يلتقي مع الشخص الذي سيسلمه الحزام الناسف. ولا توجد لدينا أي معلومات أخرى. فنبلغ (الأمير الأخضر)، وهو اللقب الذي أعطي لمصعب، فنجده خلال دقائق في المكان مستخدما حسه المرهف ليكتشف هذا الشخص ويكتشف السيارة التي جاءت لأخذه، فيلاحقها ويبلغنا بموقعها حتى نصل إليها».

وتنقل الصحيفة على لسان مصعب قوله إنه اختار هذا الطريق، لأنه يدرك أن «حماس حركة لا تتورع عن قتل فلسطينيين وأنها لا يمكن أن تكون حركة سلام. أقصى ما تستطيعه هو أن تعقد هدنة مع إسرائيل وليس سلاما، لأنها تؤمن بأن اليهود كفار ولا يمكن السلام معهم». وقالت إنه في الآونة الأخيرة اعتنق الديانة المسيحية وهاجر إلى الولايات المتحدة وإنه يعيش هناك تحت اسم جديد. وإنه أعرب عن تمنياته بأن يصبح جنديا في الجيش الإسرائيلي يرتدي الزي العسكري ويدخل إلى قطاع غزة ليساعد في إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير لدى حماس، جلعاد شاليط، لكي لا تضطر إسرائيل إلى إبرام صفقة تبادل أسرى «تؤدي إلى إطلاق سراح إرهابيين فلسطينيين اعتقلناهم بعد عناء طويل» على حد قوله للصحيفة.

وتكشفت حكاية مصعب في أغسطس (آب) 2008، وعاشت عائلته صدمة كبيرة. وواجهت عائلة القيادي الحمساوي ضغطا شديدة بشأن ارتداد ابنها عن الإسلام، وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» في عائلته التي يحافظ مصعب على التواصل معها، أن محاولة إعادته إلى الإسلام متواصلة منذ نحو 4 سنوات. وعبر الإنترنت حاول كثير من مشايخ المسلمين إقناعه بالعودة إلى الإسلام، لكن محاولاتهم باءت بالفشل حتى الآن.

وأكد محمود الرمحي أمين سر المجلس التشريعي عن حماس أن لدى مصعب بعض المراجعات ليعود إلى الإسلام بعد أن ارتد للنصرانية، ونفى الرمحي خبر «هآرتس»، وقال «إنها أرادت أن تحرق كافة الأوراق لكي لا تدع له مجالا للعودة إلى جادة الصواب». وأضاف أنها «تستخدم هذه الورقة الآن لإيجاد إيقاع نفسي في المجتمع الفلسطيني بأن كل قياداته وأبناء قياداته مخترقون، ثم لتقطع الطريق على مصعب في ما لو أراد العودة إلى جادة الصواب».

اما الناطق باسم حماس سامي أبو زهري فاعتبر ما نشرته «هآرتس» «مكيدة صهيونية، تستهدف إثارة ضجة إعلامية للتغطية على تورط الاحتلال في اغتيال الشهيد المبحوح والحملة الإعلامية المصاحبة له». وقال أبو زهري: «لم يعهد سابقا أن يكشف الموساد عن أسماء عملائه بهذا الشكل، والهدف من نشر هذه المزاعم، إلى جانب محاولة إثارة ضجيج إعلامي يغطي على تورطه في اغتيال المبحوح، هو الإساءة إلى حماس وشخصية الشيخ حسن يوسف». ويتلقى مصعب رعاية من الكنيسة التي ينتمى إليها في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة. وبدأت رحلته مع اعتناق المسيحية منذ كان في رام الله، رغم أن شقيقه صهيب قال لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق إنه كان يصلي لغاية سفره إلى الولايات المتحدة في منتصف 2006.

وأظهر مصعب حقدا شديدا على حماس التي كان ينتمي لها أسوة بوالده، وقال بعد نشر قصته إنه أثناء الشهور الـ16 التي قضاها في سجن «مجدو» الإسرائيلي عرف الوجه الحقيقي لحماس، واصفا إياها بأنها «منظمة سلبية وسيئة بكل بساطة، وكان زعماؤهم في السجن، وبخلاف بقية المعتقلين العاديين من أعضاء حماس، يعيشون ظروفا أفضل من حيث الغذاء والاستحمام والزيارات العائلية المتكررة. إن هؤلاء الناس ليست لديهم أخلاق أو مبادئ لكنهم ليسوا أغبياء مثل حركة فتح التي يسرق (قادتها) في وضح النهار أمام الجميع.. إن عناصر حماس يتسلمون الأموال بطرق غير مشروعة ويستثمرونها في أماكن سرية، ويبقون ظاهريا على أسلوب حياة بسيط». وتابع: «في نظري كلهم قبيحون وممتلئون بالقسوة من الداخل». وعقب صهيب شقيق مصعب بقوله: «على كلٍ هناك فرق بين اعتقاده الديني والسياسي». ويحمل مصعب شهادة بكالوريوس في الجغرافيا والتاريخ من جامعة القدس المفتوحة في رام الله، ويشارك الآن في الدروس والصلوات في الكنيسة، على الأقل مرة في الأسبوع.