أول مدينة نموذجية فلسطينية تواجه حملة إسرائيلية لوقف بنائها

«روابي» تستوعب 40 ألف نسمة وتوفر 5000 فرصة عمل.. لكن الطرق إليها تحت سيطرة إسرائيلية

TT

بدأت أوساط اليمين الإسرائيلي حملة منظمة لوقف مشروع بناء مدينة فلسطينية جديدة تحمل اسم «روابي»، وتقع شمال رام الله، التي انطلق العمل بها في يناير (كانون الثاني) الماضي بعد انتظار طال لسنوات. و«روابي» التي تقع في المنطقة (أ) تحت سيطرة السلطة الفلسطينية هي أول مدينة فلسطينية نموذجية تبنى منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1967. ودعمت السلطة المشروع، لكنها ما زالت بحاجة إلى موافقة إسرائيل؛ إذ إن جميع الطرق المؤدية للمدينة الجديدة تقع تحت سيطرة إسرائيلية.

وتقام المدينة على أرض مساحتها 100 هكتار أي نحو 250 فدانا (نحو مليون متر مربع) شمالي مدينة رام الله، في منطقة جبلية منخفضة عن ثلاث قرى فلسطينية هي عطارة وعجول وعبوين ومستوطنة عطيرت. وقرر سكان هذه المستوطنة وأخرى مجاورة إطلاق حملة كفاحية ضد استمرار مشروع إقامة المدينة.

وينظر الفلسطينيون إلى مشروع «روابي» على أنه رمز للتطور الاقتصادي والعمراني وشكل من أشكال السيادة على أرضهم، كما أنه يحل جزءا من مشكلة أزمة السكن وغلاء الأسعار في الضفة، التي يصل ثمن دونم الأرض الواحد (ألف متر مربع) في مدن منها مثل رام الله وبيت لحم إلى ما يزيد على مليوني دينار أردني (أكثر من 2.5 مليون دولار)، كما يتجاوز سعر بعض الشقق العادية في إسكانات مدن الضفة الـ150 ألف دولار وذلك بسبب العجز السنوي في عرض الشقق الذي وصل إلى 12 ألف وحدة سكنية، بحسب وزارة الإسكان. وتصل تكلفة إقامة المدينة إلى أكثر من 350 مليون دولار.

ويدعي نشطاء يمينيون أن المدينة الجديدة ستشكل خطرا على الأمن وستؤدي إلى حدوث اختناقات مرورية وتلوث في البيئة، ويدرسون حاليا اتخاذ إجراءات قانونية ضد استمرار مشروع إقامة المدينة.

وقال عضو الكنيست اليميني زفولون أورليف، إن «أعمال بناء مدينة (روابي) تجري بوتيرة جنونية في الوقت الذي تشهد فيه أعمال البناء في المستوطنات فترة تجميد». وأضاف أن «الحلول بالنسبة للضائقة السكنية لدى الفلسطينيين يجب أن تكمن في إنشاء أحياء جديدة مبنية على أساس البنى التحتية القائمة، وليس في إقامة مدينة جديدة، لأن مشروعا من هذا القبيل ينطوي على الإسراف والتبذير».

أما يهودا إلياهو مدير عام حركة «رغافيم»، التي تعتزم اتخاذ إجراءات قضائية ضد المدينة الفلسطينية، فقال إن «هدف بناء مدينة (الروابي) ينحصر في خلق تواصل جغرافي بين رام الله والمناطق الفلسطينية الأخرى، وتم تخطيطها على عجل من دون بنى تحتية ملائمة، ومن دون إيجاد حل لمياه الصرف الصحي التي ستسيل في الأودية، ومن دون حلول لمشكلات المواصلات، ومن دون الإجراءات القانونية الضرورية». وأضاف أن «المدينة الجديدة تشكل جزءا من خطوة شاملة لإقامة دولة فلسطينية في الواقع من دون إجراء أي نقاش عام ومن دون اتخاذ قرارات بشكل مرتب ومنظم من قبل سلطات الدولة».

وكانت شركة «بيتي» للاستثمار العقاري، أعلنت الشهر الماضي عن بدء أعمال الحفريات في موقع مدينة «روابي»، إيذانا بانطلاق المرحلة الأولى من عملية بناء أول مدينة نموذجية في الأراضي الفلسطينية.

وقالت الشركة في بيان إن أعمال الحفريات بدأت فورا بعد حصول «بيتي» المطورة لمشروع «روابي» على الموافقات النهائية من السلطة الوطنية الفلسطينية.

وستضم المرحلة الأولى من عملية بناء «روابي» بنايات سكنية عصرية وحدائق عامة وساحات خضراء، ومرافق عامة أساسية تشمل مدارس ومستشفيات وملاعب.

وأكد غانم بن سعد آل سعد، الرئيس التنفيذي لشركة «الديار» القطرية، الشريك الممول لمشروع «روابي»، التزام شركته بمشروع المدينة وذلك للمساهمة في النهوض بالاقتصاد الفلسطيني من خلال خلق فرص عمل جديدة في مشروع وطني فلسطيني يستوعب الخبرات والعمالة الماهرة والمنتجات الفلسطينية المحلية، إضافة إلى تمكين المواطنين من امتلاك منازل بأسعار مناسبة.

وقال بشار المصري، الرئيس التنفيذي لشركة «بيتي» للاستثمار العقاري: «ستوفر المراحل القادمة من البناء في (روابي) بنية تحتية متكاملة، تؤمن جميع الاحتياجات الرئيسية للسكان، إلى جانب الوحدات السكنية العصرية، ومدارس عامة وخاصة ومكتبة عامة، ومرافق تجارية متعددة كمكاتب الخدمات المهنية والحكومية والبلدية، ومركز شرطة ومحطة إطفاء، كما ستشمل مركزا تجاريا وفندقا ودارا للسينما، وكثيرا من المراكز الثقافية والترفيهية».

وسجل عشرات الآلاف من الفلسطينيين أسماءهم في انتظار الموافقة عليها للحصول على شقق سكنية بعد نحو أربع سنوات، ومن المتوقع أن يصل عدد سكانها في المراحل الأولى من عملية البناء إلى نحو 25 ألفا، على أن يزيدوا على 40 ألفا عند اكتمال مراحل البناء نهائيا حيث ستضم 5000 شقة.

وبالإضافة إلى توفير شقق للسكن بأسعار معقولة، تريد «روابي» توفير فرص عمل للشباب الفلسطيني، وأحد الشعارات التي تتبناها الشركة المسؤولة عن المدينة، هو «توفير وظائف للقوى العاملة المتعلمة التي تعمل في وظائف أدنى من قدراتها»، ويدور الحديث عن خلق 5000 فرصة عمل ثابتة.