المسؤول الأفغاني الجديد عن مارجا يزورها للمرة الأولى

الحاج زاهر تعهد بتنفيذ برامج توظيف ليدفع السكان إلى إلقاء أسلحتهم

TT

قام المسؤول الأفغاني عن حكم مدينة مارجا بزيارة المدينة التي تتنازعها الصراعات أول من أمس، ودعا السكان المحليين فيها إلى نبذ حركة طالبان وتعهد بتنفيذ برامج توظيف ليدفع السكان المحليين إلى إلقاء أسلحتهم. وقال الحاج زاهر، عمدة مارجا المعيَّن مؤخرا، لمجموعة تضم قرابة 50 رجلا تجمعوا في محطة بنزين بالقرب من الميدان الرئيسي داخل المدينة، إن العملية العسكرية الأفغانية الأميركية الكبرى لطرد مقاتلي حركة طالبان تهدف إلى إحداث «تغيرات إيجابية». وقال عن مشاة البحرية الأميركية، الذين يسيطرون حاليا على القطاعات التجارية والسكنية المهمة داخل مدينة مارجا: «إنهم ليسوا هنا ليحتلوا بلادنا، ولكنهم من أجل إحلال السلام».

ومع ذلك، لم يلقَ زاهر، وهو مواطن أصلي من جنوب أفغانستان قضى 15 عاما في ألمانيا، سوى قبولا فاترا من جانب الرجال الذين تجمعوا للقائه. وأظهرت الأسئلة التي طرحوها أن حركة طالبان لا تزال تتمتع بدعم قوي داخل المدينة، وأن هناك نفورا شديدا من الحكومة الأفغانية، وهو ما يظهر التحدي الكبير الذي يواجه مشاة البحرية الأميركية ومتخصصين في الاستقرار المدني يسعون إلى بناء إدارة مدنية أساسية. ويقول فاكر محمد، وهو سائق جرار يبلغ من العمر 32 عاما: «لقد وفرت حركة طالبان لنا بيئة سلمية للغاية، ولم يضايقونا وكنا سعداء بوجودهم هنا». ويقول محمد إن الفساد داخل الشرطة والأعمال المنحرفة دفعت المواطنين إلى دعم المتمردين، وقال: «لم يكونوا فاسدين مثل الشرطة». واتهم رجل القوات الأميركية والأفغانية بالرد على إطلاق نيران من أسلحة «إيه كيه 47»، وهو سلاح يشيع استخدامه بين المتمردين، بإطلاق الصواريخ وقذائف هاون. وقال آخر: «حكومتكم تسقط القنابل علينا».

وقال موهيادن غوري، قائد القوات الأفغانية المشاركة في العملية الذي انضم إلى زاهر في ذلك اللقاء، للمجتمعين: «أفهم أن بعضا من منازلكم قد حرق، ولكن هيا ندعو إلى حل مشكلاتنا بالمفاوضات، وليس بالسلاح».

وأضاف غوري أنه منفتح على التصالح مع المتمردين الذين سيتركون القتال. وقال: «يمكن أن أعفو عن عناصر طالبان الأفغانية الذين أطلقوا النار على جنودي، فهم أبنائي وأشقائي، وهم من الشعب الأفغاني».

وكان حديث غوري أكثر حماسة من كلام زاهر، ورفع صوته عندما دعا الرجال إلى إقناع رفاقهم بنبذ القتال. وقال: «دعونا نبدأ بدعم بعضنا بعضا، ستكون لدينا مدارس ومستشفى وطرق جيدة. قولوا لي الحقيقة: عندما كانت طالبان هنا، هل فعلوا أي شيء لكم؟ هل وفروا لكم ولو حتى طلمبة مياه؟».

ولكن قال كثير من السكان المحليين إن اهتمامهم بأن يتركوا وشأنهم أكثر من اهتمامهم بالخدمات الحكومية. يذكر أن المحصول الرئيس في مدينة مارجا هو الخشخاش المستخدم في إنتاج الأفيون، ويخشى كثير من الفلاحين من أن تأسيس حكومة محلية وقوة شرطة سوف يضع نهاية لوسيلة حياة مربحة بالنسبة لهم. وخلال اللقاء قال المزارع علي محمد لزاهر: «ليس لدي شيء ضد الأميركيين، ولكني لا أحب حكومتنا. إنها تسرق المال الذي يعطيه الأجانب لنا». وتعهد زاهر أن يكون صريحا، وقال: «لا يمكن أن تخدعني بالمال». ووصل زاهر إلى مارجا على متن طائرة مروحية تابعة لقوات مشاة البحرية من طراز «إم في - 22 بي أوسبري» برفقة مجموعة من جنود مشاة البحرية وحاشية صغيرة من شيوخ القبائل الذين كانوا يعيشون في مناطق أخرى من إقليم هلمند، وظل على أرض مارجا لنحو ساعتين، ولم يغامر بالتحرك لمسافة أكثر من 100 ياردة من المكان الذي أنزلته فيه طائرته، ولم ينتقل حتى إلى موقع مركز البلدية الجديد الذي تعتزم قوات مشاة البحرية الأميركية إنشاؤه، على بعد أقل من نصف ميل.

وسعى زاهر إلى تهدئة المخاوف بشأن الوقت الذي قضاه في الخارج بالإشارة إلى أنه ولد ونشأ في هلمند، وأخرج صورة صغيرة «أبيض وأسود» من محفظة الجيب الخاصة به، التي أظهرته وهو جندي شاب في الجيش الأفغاني. لكنه سعى أيضا إلى استثمار الوقت الذي قضاه في الخارج لمصلحته. وقال: «لقد سافرت إلى دول أخرى، ولم يكن بها الظروف التي نمر بها. علينا تغيير الأمور هنا».

ودعا الرجال إلى أن يتذكروا أن المهندسين الأميركيين ساعدوا على تصميم وبناء القنوات المنتشرة في مارجا، التي حولت الصحراء القاحلة إلى أرض زراعية خصبة. وقال: «من ساعدكم قبل 60 عاما؟ إنهم الأميركيون، وهم الآن هنا لمساعدتكم».

وقام مساعدو زاهر بتوزيع منح صغيرة على الطريق الأفغانية لأبناء دائرته الجديدة، حيث حصل كل منهم على بطاقة اتصال هاتف جوال بقيمة 250 أفغاني، نحو 5 دولارات.

وظل الضباط الأميركيون في الخلفية أثناء اللقاء، وتركوا زاهر وغوري يديران العرض. وبعد نحو ساعة، انقسم الرجال إلى مجموعات صغيرة، وجلسوا على الأرض في حلقتين صغيرتين.

وقال علي محمد غوري: «سنعطيكم عامين. إذا وفيتم بوعودكم، سندعمكم». وتعهد غوري قائلا: «سنؤدي مهمتنا في عامين». ودفع ذلك جون كايل ويستون، المسؤول بوزارة الخارجية، الذي كان يستمع إلى المحادثة، ليقول: «عامان تقريبا كل الوقت الذي لدينا». وقال ويستون بعد ذلك: «إذا لم تنجح هذه الحكومة بعد عامين، فسيهتف هؤلاء الرجال المهذبون الموجودون هنا باسم طالبان، وهذا ليس شيئا جيدا، علما بأنه أريق كثير من الدماء الأميركية في هذه المدينة في الأيام القليلة الماضية».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»