روسيا تعارض «العقوبات المعوقة» ضد إيران: لن ننخرط في أي عمل يؤدي إلى عزلة هذا البلد

مسؤول بالحكومة التركية لـ«الشرق الأوسط»: لدينا اختلافات مع واشنطن.. ونحتاج إلى مزيد من النقاش حول العرض النووي

لاريجاني خلال مباحثاته في طهران مع وزير الخارجية الياباني الذي عرض ان تقوم اليابان بتخصيب اليورانيوم الإيراني لحل الازمة النووية الحالية (رويترز)
TT

في أقوى لهجة علنية ضد مفهوم «العقوبات المعوقة» ضد إيران، والتي تستهدف النفط والغاز والبنوك الإيرانية، قالت روسيا أمس إنها لن تدعم عقوبات من مجلس الأمن الدولي تستهدف هذه القطاعات، موضحة «لن ننخرط في أي عمل لفرض عقوبات أو اتخاذ إجراءات قد تؤدي إلى عزلة سياسية أو اقتصادية أو مالية لهذا البلد». ويأتي ذلك فيما قال مسؤول بارز بالحكومة التركية لـ«الشرق الأوسط» إن تركيا تعارض بدورها مبدأ «العقوبات المعوقة» ضد إيران، وترى أن الوقت ما زال متاحا لمزيد من الدبلوماسية. وفيما رفض المسؤول التركي الحديث عن تفاصيل «الوساطة التركية» في الملف النووي الإيراني، فإنه أشار إلى «اختلافات» بين أنقرة وواشنطن فيما يتعلق بالعرض النووي، الذي وصفه بأنه أصبح «مشكلة» أمام التفاوض وليس تسهيلا للتفاوض. وتابع «العقدة أن الإيرانيين يصرون على تعديلات في الخطة النووية. ودول غربية تصر على عدم إجراء أي تعديلات. وهذا شيء يبطئ التقدم. فهذه الملفات معقدة جدا. وفي رأينا أن الحل يبدأ عندما يكون هناك نقاش حول خطة التبادل النووي. غلق باب التفاوض حول هذه الخطة سيعقد الوضع الراهن. أفكار تركيا تتلخص في إيجاد مخرج للطرفين. وأعتقد أننا نحتاج إلى إجراء مزيد من النقاش».

وكانت واشنطن قد أجرت خلال الفترة الماضية اتصالات واسعة مع دول الشرق الأوسط من أجل بحث الخيارات فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني.

وساعد التقرير الأخير لوكالة الطاقة الذرية واشنطن في تقوية حججها فيما يتعلق بتلكؤ إيران في الرد على أسئلة حساسة ما زالت عالقة. إلا أن دولا في المنطقة من بينها تركيا، العضو في حلف الناتو وأحد أعضاء مجلس الأمن الدولي في دورته الحالية، أعربت عن شكوكها في أن تكون العقوبات هي الحل لأزمة الملف النووي الإيراني. وفي هذا السياق، قال نائب وزيرة الخارجية الأميركية جيمس ستنبرغ لصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية «لدى تركيا من الأسباب ما يجعلها تقلق من احتمالات تحول إيران لقوى نووية، مثل أي دولة أخرى». وقال المسؤول الأميركي معلقا على وصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لإيران بأنها «دولة صديقة»: «لا نحتاج إلى أن نضع ألقابا لإيران. نحتاج من الأتراك أن يعملوا معنا للتأكد من أن إيران لن تصبح قوى نووية.. ونحتاج إلى أن نجد مدخلا عمليا لتحقيق هذا الهدف». إلا أن المسؤول الأميركي رفض في الوقت نفسه فكرة أن اللجوء للقوة العسكرية أصبح «مرجحا» بعد رفض إيران كتابيا العرض النووي مع الغرب، قائلا «لا أحد ينظر في حل عسكري.. أنا أعني: لا أحد».

يذكر أن الأجواء توترت الأسبوع الماضي بين دبلوماسيين كبار من كل من تركيا وأميركا خلال لقاء بين هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأميركية ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان. إذ أراد جوزيف لوبارون، سفير الولايات المتحدة لدى قطر، أن يقطع الاجتماع بين المسؤولة الأميركية والمسؤول التركي حتى تلتقي هيلاري مع أمير دولة قطر في الوقت المحدد لاجتماع آخر أعد له مسبقا، إلا أن دبلوماسيين أتراكا أمسكوا به لمنعه من مقاطعة الاجتماع، وذلك وفقا لمسؤولين في الخارجية الأميركية.

وفي موسكو، قال دبلوماسي روسي أمس إن روسيا لن تساند فرض عقوبات «معوقة» على إيران بما في ذلك أي عقوبات قد تفرض على القطاع المصرفي وقطاع الطاقة بالبلاد. وقال أوليج روجكوف، نائب مدير إدارة الشؤون الأمنية ونزع السلاح في وزارة الخارجية الروسية للصحافيين «لن ننخرط في أي عمل لفرض عقوبات أو اتخاذ إجراءات قد تؤدي إلى عزلة سياسية أو اقتصادية أو مالية لهذا البلد». وأضاف «ما العلاقة بين منع الانتشار النووي وحظر الأنشطة المصرفية مع إيران إذا كانت هناك أي علاقة؟ هذا حصار مالي، وحصار للنفط والغاز. هذه العقوبات تستهدف فقط شل البلد وشل النظام».

وتريد الولايات المتحدة فرض عقوبات على إيران تشمل حظرا أوسع على واردات البنزين، فيما طالبت إسرائيل بفرض حصار فوري على قطاع الطاقة الإيراني. وقال بعض خبراء الطاقة إن فرض عقوبات على واردات الوقود الإيرانية من شأنه أن يرفع الأسعار، لكنه لن يوقف الإمدادات لأن حدود البلاد مليئة بالثغرات. ورفضت الخارجية الأميركية التعليق فورا على الموقف الروسي.

وزار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو روسيا الأسبوع الماضي للضغط على الكرملين لتأييد فرض عقوبات أشد على إيران. ودعا نتنياهو إلى فرض عقوبات فورية على قطاع الطاقة الإيراني، إلا أن موسكو لم تستجب سوى لمطلب تأجيل إرسال نظام الدفاع الصاروخي «إس 300» لطهران على أساس أن إرساله حاليا يمكن أن يزيد الوضع في الشرق الأوسط توترا.

إلى ذلك، وفي إطار مساعي إسرائيل لإقناع الصين بمخاوفها من إيران نووية، سافر ستانلي فيشر، محافظ بنك إسرائيل المركزي إلى الصين أمس، لحث بكين على دعم فرض عقوبات صارمة على إيران. وقال متحدث باسم موشي يعالون، وزير الشؤون الاستراتيجية في إسرائيل، إن فيشر المعروف في الصين منذ أن كان مسؤولا كبيرا في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي توجه إلى بكين برفقة يعالون وممثلي مجلس الأمن القومي الإسرائيلي. وأضاف «سيناقشون مع الصينيين قضايا ذات اهتمام مشترك. وتشمل هذه القضايا المسألة الإيرانية المهمة بالنسبة للصينيين كما هي مهمة بالنسبة لإسرائيل». والصين هي أكثر الدول الخمس التي تملك حق النقض في مجلس الأمن الدولي مقاومة لفرض عقوبات جديدة على إيران. وترى بكين أن الدبلوماسية بإمكانها حل القضية. وتقول إن إيران مورد مهم للنفط وشريك تجاري ولاعب استراتيجي كبير في الشرق الأوسط الذي تشتري منه الصين، ثاني أكبر مستهلك للنفط الخام في العالم، كميات متزايدة من النفط.