دبلوماسيون غربيون لـ«الشرق الأوسط»: استياء من مغالطات المندوب الإيراني في فيينا

لافروف يؤكد اعتراض موسكو على عقوبات تلحق الضرر بإيران

TT

أحجمت مصادر عليا بالوكالة الدولية للطاقة الذرية عن الرد على الاتهامات التي وجهها السفير الإيراني للتقرير الذي رفعه المدير العام الجديد للوكالة، الياباني يوكيا أمانو، ومن تلك الاتهامات أن التقرير لم يأت بجديد، وأنه منحاز ويفتقر للحيادية. ويميل للتكرار وعدم الدقة في إيراد الحقائق بما في ذلك القصور عن أن يتضمن كل ما تقدمت به إيران من معلومات. وكان التقرير قد أشار للمخاوف والقلق الذي يعتري الوكالة لعدم تعاون إيران تعاونا كاملا وشفافا ولإحجامها عن تقديم ما تطلبه الوكالة من معلومات حول بعض القضايا التي لا تزال عالقة، وفي مقدمتها استخدامات الماء الثقيل والدراسات المزعومة، ولعدم التزام إيران بالقرارات التي تمنعها من تخصيب اليورانيوم. متضمنا آخر تطورات النشاط النووي الإيراني بما في ذلك شروع إيران في عمليات تعلية إثراء تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20%. مبديا استياء واضحا من مسارعة إيران لبدء عمليات الإثراء قبل وصول المفتشين الدوليين الذين كانوا وقتها موجودين في طهران. هذا وقد كرر التقرير ما تضمنته تقارير سابقة من دعوة لإيران بضرورة تفعيل تطبيق البروتوكول الإضافي الذي يمنح الوكالة صلاحية زيارات وطلعات تفتيش فجائية غير مقيدة، بالإضافة لإمكانية جمع ما تشاء من معلومات وإجراء مكاشفات ومساءلات لمختلف المسؤولين.

وكان المندوب الإيراني السفير علي أصغر سلطانية قد كال هجومه ضد التقرير الذي يعتبر أول تقرير يرفعه يوكيا أمانو لمجلس الأمناء وستتم مناقشته في الاجتماع القادم للمجلس صبيحة الاثنين. وقد وجه المندوب الإيراني اتهاماته ضمن مداخلاته الكثيرة أثناء إيجاز صحافي قدمته سكرتارية الوكالة أول من أمس، بمقر الوكالة، كما كررها مرة أخرى لحشد الصحافيين ممن تابعوا الجلسة.

من جانب آخر، لم تتحفظ مصادر دبلوماسية غربية في تعليقات لـ«الشرق الأوسط» من إبداء استيائها عما وصفته من محاولات يقوم بها المندوب الإيراني لتشتيت انتباه الحضور بكثرة المقاطعة والإنكار والاعتماد على أسلوب المغالطة وتوجيه أسئلة يصر ألا تزيد أجوبتها عن نعم أو لا بدلا من إتاحة الفرصة لمسؤولي السكرتارية لتوضيح الحقائق والشرح والاستبيان إذ إن الغرض الأساسي من الجلسات التنويرية هذه هو شرح المعضلات التقنية والمسائل الفنية المتداخلة بغرض التوضيح وصولا لمزيد من فهم وإدراك مسائل شديدة التعقيد والتخصص استعدادا لجلسات مجلس الأمناء حتى لا يصبح الأمر مجرد مداخلات سياسية بل إبراز حقائق تقوم على معلومات ومواقف مثبتة.

وكان أكثر من مصدر قد أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن سلطانية لا يفتر أبدا من ترديد اتهامات من قبيل أن الوكالة منحازة وأن مصدرها الأساسي فيما توجهه لإيران لا يعدو أن يكون معلومات حصلت عليها من جهاز حاسوب «لاب توب» أميركي قديم. وبالفعل كانت قضية الحاسوب الأميركي واحدة من النقاط التي طالب سلطانية جموع الإعلاميين بضرورة التركيز عليها مصرا على أهمية أن ننشر أن المعلومات مفبركة ومضللة. وفي تعليق لسيدة من الدبلوماسيات ممن يقدن وفود بلادهن بالوكالة، أشارت، بشرط الإبقاء على هويتها غير معلنة، أن السفير علي أصغر سلطانية يمتاز عند مقارنته بكثير من بقية المندوبين بأنه أساسا عالم فيزياء درس علم الفيزياء النووية في أكثر من جامعة، كما عمل لفترة غير قصيرة ببلاده في أكثر من مجال من المجالات النووية بما في ذلك كمسؤول عن فرق التفتيش الدولية التابعة للوكالة. كما عمل كمدير لمفاعل طهران البحثي الذي أصبحت مسألة توفير وقود نووي له مسألة دولية تحاول الوكالة الوصول فيها لحل عاجل وحاسم يوفر لإيران هذا الوقود الذي تحتاجه لعلاجات إشعاعية، وفي ذات الوقت يجردها مما تكومه من يورانيوم خصب يخشى المجتمع الدولي أن تنجح في استخدامه كسلاح نووي. أضف إلى ذلك ما توفر لسلطانية من خبرة دبلوماسية تدرجت من مجرد عضو في وفد بلاده بالوكالة إلى سفيرها ومندوبها ولفترة ضعف فترات كثير من رصفائه ممن يمثلون بلادهم بالوكالة في مقرها بالعاصمة النمساوية.

في سياق آخر أشار مندوب من دولة نامية إلى نجاح الوفد الإيراني في الاستفادة من المخاوف التي تعتري كثيرا من وفود الدول النامية ذات الطموح النووي التي تخشى أن تدور عليها الدائرة وتحرم بدورها إذا ما فكرت يوما في التطور نوويا. داعيا لدراسة نتائج التصويت على آخر قرار أصدره مجلس الأمناء في اجتماع سابق بتاريخ 27 ديسمبر (كانون الأول) الذي صدر ليس بالإجماع كما تحرص الوكالة وإنما بموافقة 25 دولة وامتناع 7 دول عن التصويت، في مقدمتها دول بوزن وطموحات كل من مصر وباكستان وتركيا والبرازيل فيما رفضت القرار رفضا بينا كل من فنزويلا وكوبا وماليزيا وإن عادت ماليزيا وطردت سفيرها بسبب ذلك الرفض.

من جهة اخرى عادت موسكو إلى المناورة بشأن حقيقة مواقفها من فرض العقوبات ضد إيران. فمن تأكيد على الانضمام إلى المجتمع الدولي وتوجهات فرض العقوبات ضد إيران، إلى التلويح باحتمالات الانضمام إلى هذه العقوبات، ثم أخيرا إلى إعلان الاعتراض على أية عقوبات من شأنها إلحاق الضرر بإيران في الوقت نفسه الذي تعلن فيه أنها لا تستبعد فرضها من جانب مجلس الأمن بسبب رفض القيادة الإيرانية للتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على حد تصريح سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي. وأشار لافروف أمس إلى قناعة موسكو بأن العقوبات في حد ذاتها لا تسفر في أغلب الأحيان عن الأهداف المرجوة منها، مؤكدا أن موسكو سوف تتابع باهتمام شديد جوهر المقترحات التي سوف يناقشها مجلس الأمن ومدى اتساقها مع الأهداف الرامية إلى الحيلولة دون انتهاك معاهدة حظر الانتشار بعيدا عن محاولات «خنق» إيران والمساس بالأوضاع الإنسانية.