قضية «غوغل» بانتهاك قوانين الخصوصية الإيطالية تشكل تحديا للشبكة العنكبوتية

بعد أول قضية تدين مسؤولين تنفيذيين في الشركة بمسؤوليتهم الجنائية

TT

أدين 3 مسؤولين تنفيذيين في شركة «غوغل»، الأربعاء الماضي، بانتهاك قوانين الخصوصية الإيطالية، في أول قضية تدين مسؤولين تنفيذيين في الشركة، بمسؤوليتهم الجنائية عن المحتوى المنشور على النظام الذي يديرونه.

من الممكن أن يخلف الحكم، القابل للاستئناف، تداعيات كبرى على مستوى العالم فيما يتعلق بالحرية على صعيد الشبكة العنكبوتية. ويوحي الحكم بأن محرك البحث «غوغل» ليس مجرد أداة في أيدي المستخدمين، مثلما تعلن الشركة، وإنما لا يختلف فعليا عن أي شركة إعلامية، مثل الصحف أو محطات التلفزيون، تقدم محتوى يمكن تنظيمه.

يزيد هذا الحكم من تعقيد بيئة العمل التجاري أمام «غوغل» داخل أوروبا، حيث تواجه موجة من الشكاوى المتعلقة بممارستها الاحتكار. ويأتي الحكم بعد فترة وجيزة من تهديد «غوغل» بالانسحاب من الصين، جراء تعرضها لهجمات معقدة من قراصنة «هاكرز»، ومطالبة الصين إياها بفرض قيود على المعلومات المتوافرة أمام المستخدمين المحليين.

وتشكل الخطوة الإيطالية تجاه تحميل الشركة أو مسؤوليها التنفيذيين مسؤولية النصوص أو الصور أو المقاطع المصورة التي تضعها أطراف ثالثة عبر «غوغل» وخدماتها على شبكة الإنترنت، مثل «يوتيوب»، تحديا كبيرا للنموذج التجاري الخاص بالشركة، علاوة على نماذج الشركات الأخرى المعنية بالشبكة العنكبوتية، مثل «فيس بوك» و«تويتر».

في إيطاليا، حيث يملك سلفيو برلسكوني، رئيس الوزراء، معظم وسائل الإعلام الخاصة، ويتحكم على نحو غير مباشر في وسائل الإعلام العامة، ليست هناك ضغوط قوية لتنظيم شبكة الإنترنت على أنحو أقوى مما عليه الحال في أنحاء أخرى من أوروبا. حاليا، ينظر البرلمان الإيطالي في أمر عدد من الإجراءات المقترحة ترمي لفرض الكثير من القيود على الشبكة. ويقول منتقدو برلسكوني إن الإجراءات المقترحة تتجاوز المسائل الروتينية المتعلقة بحقوق الطبع، وترمي للعمل كوسيلة لكبح المنافسة التي تفرضها شبكة الإنترنت أمام محطات التلفزيون العامة والقنوات الخاصة المملوكة له، والإبقاء على النقاشات العامة قيد السيطرة.

في هذا الإطار، قال خوان كارلوس دي مارتن، مؤسس «مركز نيكسا» في جامعة الفنون المتعددة (Polytechnic University) في تورينو، التي تعنى باستخدام شبكة الإنترنت في إيطاليا: «إنها جهود متعمدة للسيطرة على وسائل الاتصال».

يذكر أن إيطاليا تتسم بواحد من أدنى معدلات استخدام شبكة الإنترنت والتجارة الإلكترونية في أوروبا، وحذر خبراء من أن الحكم الصادر الأربعاء الماضي يمكن أن يزيد من انحسار مكانة البلاد على هذا الصعيد، ويقلص المعلومات المتاحة أمام الشباب الذين يشاهدون التلفزيون بمعدلات أقل من آبائهم.

في ميلانو، أصدر القاضي أوسكار ماغي حكما بمعاقبة مسؤولين تنفيذيين في «غوغل» غيابيا بالسجن لمدة 6 أشهر مع إيقاف التنفيذ لانتهاكهم قوانين الخصوصية. وقال المدعون إن «غوغل» لم تتحرك بسرعة كافية لإزالة مقاطع مصورة من على موقعها، حظيت بنسبة مشاهدة مرتفعة عام 2006 تظهر فيها مجموعة من الصبية المراهقين يتحرشون بفتى يعاني مرض التوحد.

لكن القاضي ماغي برأ ساحة مسؤولي «غوغل» التنفيذيين من اتهامات القذف. والمسؤولون التنفيذيون الثلاثة هم: بيتر فليشر، المستشار الأول لشؤون الخصوصية، وديفيد درموند، نائب رئيس الشركة والمسؤول القانوني الأول، وجورج ريز، المستشار المالي الأول السابق. وقد برئت ساحة متهم رابع، أرفيند ديسيكان، وكان واجه اتهامات بالقذف فقط. وانتقد نشطاء معنية بشبكة الإنترنت والسفير الأميركي الحكم، الذي شبهه البعض بمعاقبة رجل بريد لنقله خطابا بذيئا.

* خدمة «نيويورك تايمز»* ـ شارك في هذا التقرير إيريك سيلفيرز من ميلانو وإيريك فانر من باريس