218 شخصا أدانتهم السعودية بتمويل الإرهاب وغسل الأموال

TT

في 18 أغسطس (آب) 2003، أصدرت السعودية أول تشريع من نوعه، موجها ضد الجماعات الإرهابية المستفيدة من عمليات غسل الأموال، يقع في 129 مادة، استطاعت بكل جدارة كبح جماح التمويل الذي يصل إلى تنظيم القاعدة.

ونصت المادة الـ11 من نظام مكافحة غسل الأموال، الذي استند عليه الإدعاء العام في السعودية لدى إقامته دعاوى قضائية ضد بعض عناصر تنظيم القاعدة أمام المحاكم السعودية، على إنشاء «وحدة لمكافحة غسل الأموال تسمى (وحدة التحريات المالية) ويكون من مسؤولياتها تلقي البلاغات وتحليلها وإعداد التقارير عن المعاملات المشبوهة في جميع المؤسسات المالية وغير المالية. وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا النظام مقر هذه الوحدة وتشكيلها واختصاصاتها وكيفية ممارسة مهماتها وارتباطها».

وشكلت وحدة التحريات المالية، المرتبطة تنظيميا بوزارة الداخلية السعودية، «حجر الزاوية» في مكافحة العمليات المشبوهة التي تفضي إلى وصول الأموال إلى تنظيم القاعدة، حيث أوكل إليها عند التأكد من قيام الشبهة «أن تطلب من الجهة المختصة بالتحقيق القيام بالحجز التحفظي على الأموال والممتلكات والوسائط المرتبطة بجريمة غسل الأموال لمدة لا تزيد على عشرين يوما».

أما في حال اقتضى الأمر استمرار الحجز التحفظي لمدة أطول من ذلك فيكون بأمر قضائي من المحكمة المختصة.

ولم تكن عمليات غسل الأموال وحدها، الطريقة الوحيدة التي يستفيد منها تنظيم القاعدة في تمويل عناصره وعملياته الموجهة إلى الداخل، حيث كان «العمل الخيري» بما كان يشوبه من العشوائية الماضية، أحد أبرز المصادر التي تم استغلالها من قبل الجماعات الإرهابية لحشد الدعم المادي.

وشهد مجلس الشورى خلال السنوات الأولى من حرب «القاعدة» على السعودية، حراكا كبيرا، لناحية صياغة تشريع ينظم العمل الخيري في السعودية.

وقبل أحداث 12 مايو (أيار)أيار، التي تشكل لدى السعوديين نهاية مرحلة وبداية أخرى، كما هي أحداث سبتمبر (أيلول) بالنسبة للأميركيين، لم يكن العمل الخيري في السعودية، منظما على نحو يمنع تسرب الأموال من خلاله لمصالح غير مشروعة.

ويتذكر الشارع السعودي والعاملون على أراضي السعودية، كيف أن صناديق التبرعات لم تكن تغيب عن أي مكان يشهد وجودا بشريا، حتى في منافذ البيع الصغيرة، ما جعل باب الاستفادة منها من قبل التنظيم الإرهابي مفتوحا على مصراعيه.

ولكن بعد أن بدأت تتكشف مصادر تمويل تنظيم القاعدة، تنبهت الحكومة السعودية لأمر تلك الصناديق، وقامت السلطات المحلية في كل مدينة بسحب الصناديق كافة الموجودة في الأسواق والمساجد والمدارس، بل حتى إن الأمر وصل إلى حد منع جمع التبرعات إلا بترخيص رسمي.

وانسحبت الإجراءات التنظيمية التي تم اتخاذها على العمل الخيري، على التبرعات الخاصة بتفطير الصائم في رمضان، وتلك التي كانت تجمع في إطار حلقات تحفيظ القرآن الكريم، وهو ما دفع بوزارة الشؤون الإسلامية المشرفة على هذين النشاطين إلى إصدار تنبيهات صارمة تجرم أي محاولة لجمع المال في هذين الإطارين.

وصدرت في السعودية العام المنصرم، تعليمات صارمة، تقضي بإيقاع الحجز التحفظي على الحسابات البنكية التي تجمع التبرعات من دون الحصول على ترخيص رسمي، في إطار سد الباب أمام أي عمل قد يتم استغلاله من قبل بعض المتعاطفين لتوفير الدعم المالي اللازم لتنظيم القاعدة.

وأدانت السعودية في الفترة بين 2004 و2008 نحو 218 شخصا، بتهمة تمويل الإرهاب وغسل الأموال، فيما وقعت عقوبة السجن لمدة 10 سنوات على البعض منهم، ومصادرة الأموال كافة المضبوطة بحوزتهم.