الجزائر: مصرع مدير الأمن الوطني على يد مسؤول أمني بعد مشادة

وزارة الداخلية تحدثت عن إصابة الجاني بنوبة جنون.. ومحاولته الانتحار

صورة أرشيفية للعقيد علي تونسي المدير العام للأمن الوطني الجزائري في مكتبه (أ.ب)
TT

لقي العقيد علي تونسي، المدير العام للأمن الوطني الجزائري أمس حتفه على يد مسؤول أمني، أطلق عليه النار.

وقالت مصادر متطابقة، إن العقيد تونسي كان يعقد اجتماعا رفيع المستوى، ضم المديرين المركزيين للأمن الوطني، داخل قاعة واسعة، قبل أن تتطور مشادة كلامية بينه وبين الجاني، ما دفع هذا الأخير إلى سحب سلاحه وتوجيه 5 طلقات نارية للعقيد تونسي.

وأضافت المصادر ذاتها، أن العقيد تونسي كان قد اتخذ قرارا بإقالة الجاني من منصبه كقائد لفرقة طياري المروحيات التابعة للشرطة بسبب الاشتباه في تورطه في قضايا فساد. وأعلنت وزارة الداخلية الجزائرية رسميا أن العقيد تونسي لقي أمس مصرعه في مقر الإدارة العامة للأمن الوطني بالعاصمة الجزائرية، برصاص مسؤول بالشرطة أصيب بنوبة جنون. وذكر بيان صادر عن وزارة الداخلية: «علي تونسي توفي اليوم (أمس) الخميس في جلسة عمل قام خلالها أحد كوادر الشرطة، يبدو أنه قد تعرض لنوبة جنون، باستعمال سلاحه حيث أردى العقيد تونسي قتيلا».

وكان مصدر أمني قد أدلى بتصريحات في وقت سابق أمس مفادها بأن العقيد تونسي الذي يشغل منصب مدير الأمن الوطني الجزائري منذ أكثر من 15 سنة قتل بالرصاص داخل مكتبه على يدي مسؤول كبير في الشرطة دخل معه في مشادة. وقال المصدر: «هذا الرجل كان تعيسا، أخرج مسدسه وأطلق منه النار». وزاد قائلا: «إن ضباط الشرطة الذين كانوا على مقربة منه ردوا بإطلاق النار».

ولم يشر بيان وزارة الداخلية إلى إطلاق ضباط الشرطة النار ردا على إطلاقها على العقيد تونسي.

وقالت تقارير إعلامية، إن اغتيال العقيد تونسي لا علاقة له بالإرهاب، وإنه تم في اجتماع أعلن فيه مدير الأمن الوطني الجزائري عن إنهاء مهام أحد مساعديه، فرد الأخير بإطلاق النار عليه، وأرداه قتيلا.

وقال بيان وزارة الداخلية، إن الجاني قام بعد أن قتل مدير الأمن الوطني بتوجيه السلاح إلى نفسه، في محاولة للانتحار، بيد أنه أصيب بجروح خطيرة، ونقل إلى المستشفى في حالة حرجة.

وأفاد مصور لـ«رويترز» من خارج مقر الإدارة العامة للشرطة في وسط العاصمة الجزائرية بوجود عدد كبير على نحو غير مألوف من أفراد الشرطة ضمنهم ضباط من وحدة خاصة للتصدي للهجمات المسلحة.

ووقعت حادثة الاغتيال صباح أمس عند الساعة 10:45 (9:45 حسب توقيت غرينتش).

وأضاف بيان وزارة الداخلية «أمام هذا المصاب الجلل يقدم وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني تعازيه الخالصة، ويعرب عن تعاطفه العميق مع أسرة الفقيد وكافة أفراد سلك الأمن الوطني، ويبرز الروح الوطنية التي كان يتسم بها الفقيد، رفيق السلاح والإطار(الكادر) الشجاع، الذي أفنى حياته لخدمة الوطن ومكافحة الإرهاب طوال السنوات الـ16 الماضية وعصرنة الأمن الوطني».

ودعا وزير الداخلية «كافة مستخدمي المديرية العامة للأمن الوطني للحفاظ على الحركية التي باشرها الفقيد في مهامهم بما يخدم مؤسسات الجمهورية».

وتم فتح تحقيق قضائي «لتحديد ملابسات هذا الحدث الأليم»، حسب البيان ذاته. وأفادت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» بأن العقيد تونسي قتل برصاص شعيب أولطاش، وهو عقيد متقاعد كان يشغل منصب رئيس الوحدة الجوية للأمن الوطني. وذكرت المصادر أن أولطاش (64 عاما) كان يشرف على عتاد الطائرات المروحية في جهاز الأمن الوطني، وأنه كان قد استقدم من القوات الجوية التابعة لوزارة الدفاع، إلى جهاز الأمن الوطني التابع لوزارة الداخلية، في إطار مساعي هذا الجهاز لتطوير علمياته. ولم يبدأ جهاز الأمن الوطني استخدام طائرات الهليكوبتر في عملياته إلا خلال السنوات السبع الأخيرة.

وشغل العقيد تونسي منصب المدير العام للأمن الوطني منذ عام 1994، وكان قبل ذلك ضابطا في جهاز المخابرات الجزائرية، وسبق للعقيد تونسي أن تعرض لمحاولة اغتيال قبل ثلاث سنوات، وعرف عنه صرامته الشديدة، وإعادته الهيبة لجهاز الأمن الوطني الجزائري، التي تضررت بشدة بسبب حوادث الإرهاب. وشارك العقيد تونسي في حرب استقلال الجزائر عن فرنسا في عقدي الخمسينات والستينات من القرن الماضي. إلى ذلك، استبعد المراقبون أن يمثل مقتل العقيد تونسي انتكاسة كبيرة في قتال رجال الشرطة والمخابرات والجيش للمتشددين الإسلاميين.

وقال مصدر رسمي على علم بالقضايا الأمنية لـ«رويترز»: «مقتل تونسي خسارة كبيرة لكنه لن يكون له أي أثر على مكافحة الإرهاب».

وأضاف: «الحرب على الإرهاب لا يخوضها شخص واحد بل كل المؤسسات الجزائرية».