تركيا: الجيش والحكومة يتعهدان بحل الخلاف بشأن مؤامرة الانقلاب

أردوغان يستبعد الانتخابات المبكرة.. وارتفاع عدد الضباط المحالين للمحاكمة إلى 20

الرئيس غل، ورئيس الوزراء أردوغان، ورئيس هيئة الأركان باشبوغ خلال اجتماعهم في القصر الرئاسي بأنقرة أمس (رويترز)
TT

تعهد قائد الجيش التركي والزعماء السياسيون بحل التوترات التي نجمت عن اعتقال ضباط عسكريين بتهمة التخطيط للانقلاب على الحكومة، وذلك بعد إجراء محادثات أزمة أمس، في الوقت الذي يتواصل فيه التحقيق مع عدد من المشتبه بهم. وعقب اجتماع جرى بين رئيس هيئة الأركان في الجيش إيلكر باشبوغ، والرئيس عبد الله غل، ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ذكر بيان للقصر الرئاسي أن «المشاكل ستحل في الأطر الدستورية». كما وصف أردوغان في تصريحات للصحافيين المحادثات بأنها «جيدة للغاية».

وجاء الاجتماع بناء على دعوة من الرئيس غل بعد أن تحدث الجيش عن «وضع خطير» في أعقاب اعتقال نحو 50 ضابطا حاليا ومتقاعدا الاثنين الماضي للاشتباه بضلوعهم في خطة أعدت للإطاحة بالحكومة ذات الجذور الإسلامية عام 2003. وجاء في بيان لمكتب الرئيس أن المحادثات «أكدت ضرورة أن يتصرف كل شخص بمسؤولية حتى لا تضعف المؤسسات خلال هذه العملية».

ومن جانبه، أفاد أردوغان أمس أن إجراء انتخابات مبكرة ليس مدرجا على جدول أعمال حزب العدالة والتنمية الحاكم. وجاء رده هذا تعليقا على دعوات أطلقها بعض السياسيين لإجراء انتخابات مبكرة على خلفية أزمة اعتقالات الضباط. ومن المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في 2011. وذكر أردوغان من ناحية أخرى، أن حكومته تستعد لمراجعة النظام القضائي والدستور الموروثين من انقلاب عام 1980.

وجاءت أزمة التحقيق في خطة الانقلاب لتزيد من توتر العلاقات بين الحكومة والجيش والذي نشأ في العام الماضي وسط اتهامات بأن عناصر من الجيش وضعوا سلسلة من الخطط لنزع الأهلية عن الحكومة وتقويض حزب العدالة والتنمية. ويقول مؤيدو الحزب إن على الجيش، الذي أطاح بأربع حكومات ويتمتع بنفوذ سياسي قوي، أن يتوقف عن التدخل في السياسة. لكن معارضي الحزب، الذي يتولى السلطة منذ أواخر 2002، يقولون إنه يستخدم غطاء الديمقراطية لإضعاف نفوذ الجيش الذي يعتبر حامي النظام العلماني في تركيا وتحقيق تطلعاته الإسلامية المزعومة.

وانتقد الجنرال باشبوغ ما قال إنه حملة تشهير بحق الجيش، فيما كرر مرارا التزامه بصون الديمقراطية. وفيما كان أردوغان يلتقي باشبوغ في أنقرة، كانت شرطة مكافحة الإرهاب تقتاد إلى قصر العدل عددا من الضباط الموقوفين، ومن بينهم القائد السابق لسلاح الجو الجنرال إبراهيم فيرتينا، والقائد السابق لسلاح البحرية الأميرال أوزدين أورنيك، والرجل الثاني السابق في رئاسة أركان الجيوش أرجين سايغون.

وفي وقت سابق من يوم أمس، أصدرت المحكمة قرارا بالاستمرار في احتجاز ثمانية ضباط آخرين بانتظار محاكمتهم، مما يرفع عدد المشتبه بهم المعتقلين إلى 20، حسب وكالة «الأناضول» للأنباء. وقررت المحكمة في المقابل الإفراج عن نحو 12 من العسكريين الذين أوقفوا الاثنين.

ويندرج هذا الإجراء القضائي في إطار تحقيقات يجريها منذ ثلاث سنوات مدعون في إسطنبول حول مؤامرات مفترضة ترمي إلى إطاحة حزب العدالة والتنمية المنبثق عن التيار الإسلامي، الحاكم منذ 2002. ونشرت المعلومات الأولية عن هذه الخطة التي تحمل اسم «المطرقة» في يناير (كانون الثاني) الماضي في إحدى الصحف ونفاها الجيش التركي الذي يعد حارس النظام العلماني، منددا بما اعتبره حملة «تشهير». وبحسب الصحافة فإن الخطة كانت تقضي بمهاجمة مقاتلة تركية فوق بحر إيجه وتوجيه الاتهام إلى الطيران اليوناني، وزرع قنابل في مساجد في إسطنبول وغيرها من الأمور التي من شأنها إثارة الفوضى وتبرير وقوع انقلاب عسكري. وقالت الصحيفة إنه جرت مناقشة الخطة في ندوة في مارس (آذار) 2003، ورد الجيش أن الندوة كانت تناقش خطط طوارئ لأوقات الحرب نافيا أي خطة لقلب نظام الحكم.

ويتهم عناصر من الجيش في قضية أخرى يجري التحقيق فيها منذ فترة ضد شبكة علمانية تتهم بالتخطيط لبث الاضطرابات للتحريض على انقلاب عسكري ضد حزب العدالة والتنمية. إلا أن مصداقية التحقيق ضعفت بعد أن بدأت الشرطة في اعتقال صحافيين وكتاب وأكاديميين يعرف عنهم انتقادهم للحزب الحاكم، مما أثار اتهامات بأن التحقيق تحول إلى حملة لإسكات المعارضة العلمانية. وقد تمكن حزب العدالة والتنمية، بمساندة وضغط من الاتحاد الأوروبي، من تقليص دور الجيش في الحياة السياسية وتعزيز السلطات المدنية بشكل ملحوظ.