الخارجية الأميركية لـ «الشرق الأوسط»: لا اعتراض على علاقة صحية بين إيران وسورية.. مشكلتنا في الجوانب التي تصعب السلام

كلينتون: إعادة السفير إلى دمشق ليست مكافأة.. ولدينا توقعات واضحة من السوريين

TT

تدور تساؤلات كثيرة في واشنطن حول مستقبل العلاقات السورية - الأميركية، تأتي في وقت تراقب دوائر سياسية وإعلامية العلاقات السورية - الإيرانية، وبخاصة بعد إعلان وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أول من أمس مساعي دفع سورية لـ«بدء الابتعاد عن إيران». ويؤكد المسؤولون على أن قرار إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، تكثيف الحوار مع الحكومة السورية، بما في ذلك بعث مسؤولين رفيعي المستوى إلى دمشق، وإعادة السفير الأميركي إليها لا يعني انتهاء نقاط الخلاف مع سورية، بل بحث طريقة أخرى لحلها ضمن أجندة السياسة الخارجية الأميركية.

وأكدت كلينتون في جلسة أمام الكونغرس الأميركي، أمس، أن «إعادة السفير إلى سورية ليس مكافأة لسورية، بل هو قرار يخدم مصلحتنا الوطنية». وهناك توقعات أميركية عدة من سورية خلال الفترة المقبلة، على رأسها المساعدة على استقرار العراق، والعمل على إحلال السلام في الشرق الأوسط، وحماية استقلال لبنان وسيادته. وعددت كلينتون هذه التوقعات أول من أمس، مضيفة إليها التوقع من سورية أن «تبدأ الابتعاد عن إيران» فيما يخص السياسات التي تزعزع استقرار منطقة الشرق الأوسط. وبينما لم تشر كلينتون إلى هذه القضية في شهادتها أمس أمام لجنة الشؤون الخارجية، التابعة إلى مجلس النواب الأميركي، اكتفت بالقول بأنه «نحن ملتزمون بالتوضيح للسوريين ما نتوقعه منهم، ووجود سفيرنا في دمشق سيمكننا من توضيح تلك التوقعات».

وعبر الرئيس السوري، بشار الأسد، في إجابة سؤال خلال مؤتمر صحافي مع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في دمشق أمس، عن استغرابه حول تصريحات كلينتون فيما يخص الابتعاد عن إيران. وقال: «أستغرب كيف يتحدثون عن الاستقرار والسلام في المنطقة وعن المبادئ الأخرى الجميلة كلها، ويدعون للابتعاد بين دولتين». ولكن أوضحت مسؤولة في وزارة الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» أمس: «ليس لدينا اعتراض على علاقة صحية ثنائية بين إيران وسورية»، مضيفة: «مشكلتنا مع جوانب العلاقات الإيرانية - السورية التي تضعف السلام والأمن الإقليمي». وشرحت أن «السياسة الأميركية تهدف إلى دفع البلدين، من خلال توازن بين الحوافز والضغوط، لإنهاء تأثيرهما السلبي ومشاركة الشركاء الإقليميين في دعم الاستقرار». ويذكر أن العقوبات الأميركية ما زالت قائمة على سورية، ومن المرتقب أن تجدد قريبا، حيث إن الإدارة الأميركي تعتبر أن سياسات سورية مثل دعم حماس وحزب الله ما زالت تشكل حاجة إلى هذه العقوبات. وترغب الولايات المتحدة من دول أخرى في أن تشاركها في الضغط على سورية وإيران، إذ أوضحت المسؤولة الأميركية: «ما زلنا نشجع الشركاء في المنطقة للسعي وراء استراتيجية مماثلة تجاه سورية وإيران»، مع حوافز والضغوط لتبني سياسات تعتبرها واشنطن تبعث الاستقرار في المنطقة.

وعبّر المتحدث باسم الخارجية الأميركية بي جي كرولي، يوم الخميس الماضي، عن استمرار قلق واشنطن من السلوك السوري، إذ أكد للصحافيين في واشنطن أن الأسد «يحتاج فقط إلى أن ينظر حوله في المنطقة ليدرك أن سورية يزداد بعدها عن المنطقة بشكل متزايد».

وكانت سياسة الحوافز والضغوط موقع تساؤلات أعضاء الكونغرس، أمس، خلال شهادة كلينتون أمام لجنة الشؤون الخارجية، إذ كانت غالبية الأسلحة حول إيران وسياسة أوباما بالتمسك بالحوار مع النظام الإيراني، وعدم التوصل إلى حل في الملف النووي. وردت كلينتون على الانتقادات الموجهة لسياسة الحوار، قائلة: «أهمية استراتيجية الرئيس والتزامه بالمد اليد للإيرانيين مهمة، أولا لأنه أعلن عن استعداده لمد يده لمن يفك قبضته، وكانت خطوة ضرورية ومهمة اتخذها، على الرغم من بعض الانتقادات السياسية». وأضافت: «ثانيا، فشل النظام الإيراني في الرد علينا.. والانتهاكات ضد شعبهم ورفضها العرض الدولي لتزويد اليورانيوم الذي يحتاجونه وقرارهم برفع نسبة التخصيب، كل هذا يظهر ما نعرفه من حقائق حول طموحات إيران ورفضها التواصل». وتابعت، أن ذلك يجعل الإدارة الأميركية تكثف من جهودها لفرض عقوبات على إيران وتزيد من عزلتها، مؤكدة «من المهم أن نتحدث بصوت واحد فيما يخص إيران».

وتأكيدا على أهمية التعامل مع الملف النووي بالإطار الدولي، قالت كلينتون: «لقد أحرزنا تقدما في تغيير آراء عدد من الدول، فيما يخص الملف النووي الإيراني، لأننا نقدم رؤية قوية». وأضافت: «قبل عام، لم تكن كثير من الدول تعتبر أن هذه مشكلة تخصهم، لكننا نوضح أنها ستخلق سباق تسلح في منطقة مهمة واستراتيجية لعالم يعتمد على النفط والغاز». وأضافت أن حصول إيران على سلاح نووي «قد يؤدي إلى نظام يؤثر في العالم كله». وركزت كلينتون في تصريحاتها، أمس، على أهمية الإجماع الدولي في مواجهة إيران، مشيرة إلى مشاوراتها مع المسؤولين الأوروبيين بالإضافة إلى زيارتها إلى الخليج الأسبوع الماضي، وجولتها في أميركا اللاتينية الأسبوع المقبل لهذا الغرض.

وأوضحت كلينتون أن الإدارة الأميركية لن تعتمد فقط على مجلس الأمن فيما يخص فرض عقوبات على إيران، بل تعمل على تطوير عقوبات مع دول شريكة في هذا المجال. وأضافت: «نعمل مع سفاراتنا في الخارج لمعاقبة شركات تخرق العقوبات على إيران»، معتبرة أن هذه السياسة في حاجة إلى مراجعة وتقوية. وتابعت: «لقد طلبنا تقييما من الأجهزة الاستخباراتية حول الشركات التي تخرق العقوبات»، لتفعيل نظام العقوبات الحالي في الفترة المقبلة.