فياض بعد الصلاة في الحرم الإبراهيمي: كل صلاة وأذان يؤكدان ارتباطنا بالمكان

الأراضي الفلسطينية تعيش يوم غضب احتجاجا على ضم الحرم للتراث اليهودي.. والصحافة الإسرائيلية تصف نتنياهو بمشعل الحرائق

صبي فلسطيني يحتمي بحاوية للقمامة في مواجهة جندي اسرائيلي مدجج بالسلاح خلال مواجهات في بلدة النبي صالح قرب رام الله امس (رويترز)
TT

شهدت الأراضي الفلسطينية أمس يوم غضب احتجاجا على ضم الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل ومسجد بلال في بيت لحم وأسوار القدس إلى قائمة التراث اليهودي. فقد عمت المظاهرات الضفة الغربية وقطاع غزة، وتحولت المظاهرات في الخليل ومناطق أخرى في بعض مناطق الضفة إلى مواجهات مع الجيش الإسرائيلي.

واتسعت المواجهات لا سيما في الخليل، فأشعل المتظاهرون الغاضبون إطارات مطاطية في الشوارع رغم الطقس الماطر، وقذفوا بالحجارة الجنود الإسرائيليين، الذين ردوا بالرصاص المطاطي والحي وقنابل الغاز، في مشهد يحاكي الانتفاضة الفلسطينية الأولى.

وفرضت السلطات الإسرائيلية أمس إغلاقا شاملا على الضفة يستمر حتى منتصف ليلة الأول من مارس (آذار) المقبل، بذريعة حلول عيد المساخر «بوريم» اليهودي.

واختار رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض أن يؤدي صلاة الجمعة أمس في الحرم الإبراهيمي. وقال بعد الصلاة «إن فجر الحرية سيبزغ من أزقة البلدة القديمة في الخليل ونابلس وفي كل الوطن، وصولا إلى أزقة البلدة القديمة بالقدس عاصمة فلسطين الأبدية». وأضاف في رسالة تحد للإسرائيليين «كل صلاة تقام في الحرم الإبراهيمي وكل أذان يرفع، يؤكدان ارتباطنا بهذا المكان. إن هذا المكان جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية التي احتلت عام 1967 مثل قطاع غزة والقدس الشرقية وكل المدن والبلدات والقرى ومضارب بدو شعبنا التي ستقوم عليها دولة فلسطين المستقلة».

وردا على تصريحات رئيس لوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وصف فيها الرد الفلسطيني على قرار ضم المواقع الدينية بأنه عائد إلى سوء تفاهم، وأن القرار ليس قرارا ذا طابع سياسي، قال فياض «ليس صحيحا أن شعبنا لم يفهم هذا القرار.. إنه قرار يحمل بعدا سياسيا خطيرا يعني من ناحية فعلية أن هذه المناطق إسرائيلية، وهي ليست كذلك، فهي أرض فلسطينية احتلت عام 1967». وأضاف «هذا هو السبب الرئيسي والجوهري لرفضنا هذا القرار، كما أنه سبب رفضنا لكل القرارات والإجراءات الإسرائيلية التي اتخذت منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1967».

وأكد فياض أن «مخالفة إسرائيل الصريحة للقانون الدولي لا يمكن أن تنشئ حقا للجانب الإسرائيلي، فحقنا في هذه الأرض ثابت، وحقنا في الدفاع عنها ثابت، وحقنا في الدفاع عن حقنا في هذه الأرض ثابت أيضا، وهذا ما أردنا التعبير عنه بوجودنا اليوم في الخليل».

ودعا فياض الفلسطينيين للتمسك والبقاء في أرضهم، وقال «إن البقاء على هذه الأرض هو مقاومة، وتعزيز صمود المواطنين في أرضهم هو جوهر برنامجنا ورؤيتنا الذي نسعى من خلاله لخلق واقع إيجابي على الأرض ينسجم مع تطلعات شعبنا بإنهاء الاحتلال والعيش بحرية وكرامة في دولة مستقلة».

وزاد القرار الإسرائيلي بضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال من حدة التوتر في الأراضي الفلسطينية برمتها، وتظاهر فلسطينيون ونشطاء يسار إسرائيليون قرب مستوطنة يتسهار في منطقة نابلس وفي قرى نعلين وبلعين والنبي صالح في رام الله، وهاجموا بالحجارة بعض المنازل الاستيطانية القريبة، والجيش، ورد الجيش بقوة لتفريقهم، وأصاب 6 متظاهرين.

وفي قطاع غزة، خرج الآلاف في مظاهرات رددوا فيها هتافات مثل «للخليل تحية من غزة الأبية». وهددت الجهاد الإسلامي بالتصعيد، في وقت دعت فيه حماس إلى انتفاضة ثالثة. وأكد داوود شهاب، المتحدث باسم الجهاد الإسلامي، أن «ما هو قادم سيكون أصعب على الاحتلال، ولن نكتفي بالمسيرات، بل سيتصاعد الغضب الجماهيري، وسيكون لحركة الجهاد الإسلامي شأن آخر وكلمة أخرى إزاء هذه التهديدات». وطالبت الجهاد بوقف «المفاوضات العبثية»، ودعت للوحدة ورص الصفوف، كما طالبت السلطة بوقف ملاحقة عناصرها في الضفة وإطلاق أيديهم ليضربوا في كل مكان. وهاجمت الصحف الإسرائيلية، أمس، رئيس الوزراء الإسرائيلي، واتهمته باللعب بالنار، وبالخضوع مرة جديدة لضغوط اليمين المتطرف، بسبب قراره ضم الحرم ومسجد بلال.

ونشرت الصحف الإسرائيلية رسما كاريكاتوريا يظهر صورة نتنياهو على علبة كبريت. ووصفت «هآرتس» نتنياهو بـ«المهووس في إشعال الحرائق». وقالت الصحيفة «أثبت نتنياهو مرة جديدة أنه غير قادر على الصمود في وجه الضغوط».

وتحت عنوان «تراث بيبي»، اعتبرت صحيفة «معاريف» بأن نتنياهو «لم يتعلم شيئا من الماضي». أما صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فوصفت الخليل ببركان يهدد بالانفجار. وكشفت الصحيفة أن مسؤولين كبارا في الإدارة الأميركية طلبوا أن يقف نتنياهو أمام الكاميرات، ويوضح بصوته أنه ليست لإسرائيل أي نية لتغيير الوضع الراهن في الأماكن المقدسة في الضفة الغربية.