التائبون من طالبان ينتظرون الوعود الأميركية

قالوا إنهم انضموا إلى الحركة الأصولية لأسباب دنيوية

TT

نظر عبد الوهاب، بصفته زعيم طالبان في منطقة بوشتي زارغون غربي أفغانستان، إلى نفسه على أنه القانون. على سبيل المثال، حال تعرض نعجة للسرقة، يتولى اختيار عقوبة اللص، وهي في كثير من الأحيان إصابة بعيار ناري في الساعد أو الساق، مع الحرص على تجنب العظام.

عندما وصلت المرتبات من قيادة طالبان في باكستان، وهي مائة دولار شهريا لكل رجل، قام بتوزيعها عليهم. تحرك ثلاثون مقاتلا بأمره. وأكد أنه «إذا طلبت منهم أن يقفزوا في النهر ويغرقوا، سيفعلون ذلك». السلطة والاحترام، هذا هو ما تعنيه حركة طالبان بالنسبة إلى عبد الوهاب. الوظيفة الحكومية والحماية من الغارات الأميركية كانت هي ما اعتقد عبد الوهاب أنه سيحصل عليه عندما وافق على وضع سلاحه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. تحاول الولايات المتحدة، بالاشتراك مع حلفائها في حلف الناتو وأفغانستان، «إعادة إدماج» مسلحين مثل عبد الوهاب في المجتمع، عن طريق تقديم وظائف لهم على افتراض أنهم سيفضلون تلقي راتبا بدلا من قضاء بقية عمرهم في القتال. هذه الخطوة هي الركيزة الأساسية في استراتيجية إدارة أوباما بشأن الحرب في أفغانستان. سخر قادة طالبان من هذه الفكرة، وقالوا إن أتباعهم يشنون حربا مقدسة ضد الجيوش الكافرة من الدول الغربية ولا يمكن شراؤهم بالمال. وتشير المقابلات التي أُجريت مع عبد الوهاب والمقاتلين الآخرين، الذين انفصلوا عن حركة طالبان مؤخرا كجزء من محاولة الحكومة الأفغانية إغراءهم لإبعادهم عن ميدان القتال، إلى أنه في كثير من الحالات قد يكون صانعو السياسة الأميركيون على وشك تحقيق إنجاز ما. قال ستة مقاتلين سابقين إنهم التحقوا بحركة طالبان لا من أجل التعصب الديني لكن من أجل الكثير من الأسباب الدنيوية، مثل الغضب من الحكومة في كابل، أو الثأر لفقدان وظيفة حكومية، أو ضغوط من الأسرة أو أعضاء في القبيلة، أو ببساطة لأنهم كانوا مفلسين. وقال عبد الوهاب: «لا يذهب أحد إلى الجانب الآخر من أجل المتعة. يجب أن يكون في قلبك ألم». وفي العالم المعقد للولاءات الأفغانية، حارب البعض من أجل طالبان وضدها. اعتاد أكثر قادة طالبان رهبة في هرات، الذي لقي مصرعه في غارة جوية أميركية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الاضطلاع بدور العمدة.

وتجعل الخيوط المتعددة للتمرد من الصعوبة التعميم بشأن دوافع المقاتلين في أنحاء البلاد. من المحتمل أن يكون المتمردون في هرات مختلفين عن نظرائهم في أي مكان آخر، خصوصا في جنوبي أفغانستان، وهي المنطقة التي وُلد فيها أتباع قائد طالبان محمد عمر. لكن على الأقل في هذه المدينة المهمة من الناحية الاستراتيجية والواقعة على الحدود الغربية لأفغانستان، هناك دليل على تأثير البراغماتية العميقة عند اختيار الولاء.

وقال دلاور شاه دلاور نائب رئيس شرطة هرات: «أعضاء طالبان هنا ليسوا عقَدِيّين. لقد فقد هؤلاء الأشخاص شيئا ما. إنهم يشعرون بالخجل لأنهم لا يمتلكون سيارات، وليس لديهم حرس شخصي. فكيف يمكنهم مقابلة الناس عندما يمشون في الشوارع؟». أفضل من يناسبه هذا الوصف هو غلام يحيى أكبري، الذي كان يعمل عمدة هرات في أوائل تسعينات القرن الماضي عقب الانسحاب السوفياتي من البلاد. وفي هذه الفترة كان من أشد المعارضين لطالبان، وهرب إلى إيران عندما تولت الحركة السلطة في البلاد. وبعد الغزو الأميركي، عاد ليدير إدارة الأشغال العامة في هرات وساعد على تنمية واحدة من أحدث المدن في أفغانستان. لكن بعد خلاف مع الحاكم الأسبق، جرى فصل أكبري من وظيفته عام 2006.

قال أحمد يوسف نوريستاني حاكم هرات: «كان غلام يحيى رجلا طيبا. عندما تسأل أي فرد سيخبرك بذلك. يقول معظم الناس إن الحكومة أجبرته على اتخاذ هذا الموقف. ربما لم يكن أمامه خيار». وبعد فصله من وظيفته عزل أكبري نفسه في قريته سياووشان وبدأ في تجنيد الناس. وقال مسؤولون في الشرطة إنه على الرغم من أن أكبري طاجيكي، فإنه تحالف مع طالبان، التي يسيطر عليها البشتون والتي أرسلت الأموال والأسلحة وستة خبراء في المتفجرات من باكستان وإيران لتدريب أتباعه.

ونما عدد المقاتلين لديه ليشكلوا أكثر الميليشيات إثارة للخوف في هرات. وقاموا بإطلاق صواريخ بشكل دوري على مطار هرات ومجمع الأمم المتحدة والقاعدة العسكرية الأميركية، بما في ذلك الصاروخ الذي اخترق الثكنات، وفقا لمسؤولين أميركيين وأفغان. كما قام هؤلاء المقاتلين بقطع رؤوس المعارضين وطلبوا الفدية من رجال أعمال مختطفين لتمويل عملياتهم.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»