اليمن: إعلان الطوارئ في الضالع.. ومظاهرات غاضبة في مدن جنوبية لقوى الحراك

قطع الاتصالات الجوالة.. وشهود عيان يتحدثون عن حشود عسكرية كبيرة

TT

أعلنت السلطات اليمنية حالة الطوارئ في مدينة الضالع، أمس، مرجعة ذلك إلى احتمال وقوع هجمات انفصالية بعد يومين من مقتل شرطي بالرصاص في كمين بمحافظة قريبة. وشهد عدد من المحافظات اليمنية الجنوبية، أمس، مظاهرات غاضبة لعشرات الآلاف من أنصار ما بات يعرف بالحراك الجنوبي.

وقال اليمن إن انفصاليين قتلوا ضابطا في جنوب اليمن أول من أمس، مما يرفع عدد الأشخاص الذين قتلوا في هجمات على رجال الأمن الجنوبيين إلى 4 في أسبوع، فيما صعدت السلطات أيضا حملاتها ضد الانفصاليين. وقال مسؤول حكومي إن حالة الطوارئ في مدينة الضالع تهدف إلى الحيلولة دون وقوع أعمال عنف يعقد الخارجون على القانون العزم على تنفيذها داخل المدينة، مستخدما المصطلح الذي يشار به في صنعاء إلى الانفصاليين.

وخرج عشرات الآلاف من اليمنيين الجنوبيين في مسيرات ومظاهرات في مدن ومناطق بمحافظات الضالع ولحج وأبين، وذلك لمطالبة المشاركين في مؤتمر الرياض للمانحين لليمن، بتبني «قضية الجنوب» والمطالب بـ«فك الارتباط» بين الشمال والجنوب أو «الانفصال»، وكذا للمطالبة بإطلاق سراح العشرات من المعتقلين على ذمة المشاركة في فعاليات سابقة للحراك، حسب مصادر معارضة.

وندد المتظاهرون بما سموه «أعمال القمع» الأمني للمظاهرات السلمية، وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن المتظاهرين رددوا هتافات «شطرية» تنادي بعودة دولة جنوب اليمن، وبعودة رموزها وقياداتها المنفية في الخارج، إضافة إلى رفع صور أولئك القادة وأبرزهم علي سالم البيض، نائب الرئيس السابق، الذي يعتبره أنصار الحراك الجنوبي الرئيس الشرعي للجنوب، وكذا أعلام دولة الجنوب السابقة، كما رفع المتظاهرون رايات خضراء، وذلك تلبية لدعوة البيض الذي اعتبر تلك الرايات رمزا لـ«الأمل والاستقلال».

وفي المظاهرة التي شهدتها مدينة الحبيلين، مركز مديريات ردفان بمحافظة لحج، ألقى الدكتور ناصر الخبجي، عضو مجلس النواب اليمني (البرلمان) أحد أبرز قيادات الحراك الجنوبي، كلمة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، قال فيها إن المظاهرات التي تعم مناطق كثيرة في الجنوب، هي استجابة لدعوة البيض إلى «تصعيد الاحتجاجات السلمية خلال انعقاد مؤتمر الرياض لكي تعبروا عن الإرادة الشعبية لأبناء الجنوب التواقين إلى الحرية والاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية دون قيد أو شرط»، وأضاف «وها نحن نرد على من يقولون الوحدة أو الموت، ونحن نقول الاستقلال والحرية للجنوب أو الموت، لأن الوحدة لم يعد لها وجود».

وأكدت مصادر متطابقة أن السلطات الرسمية أقدمت وبالتزامن مع هذه المظاهرات، على إيقاف خدمات الهاتف الجوال للشركات الثلاث العاملة في اليمن، عن محافظة الضالع. وقال شهود العيان إن أجهزة الأمن شنت حملة اعتقالات واسعة النطاق في أوساط المشاركين في المحافظات والمناطق التي شهدت الأعمال الاحتجاجية، دون أن يعلن رسميا عن عدد المعتقلين، غير أن المصادر المحلية تشير إلى أن عدد الأشخاص الذين اعتقلوا كان كبيرا.

وأعلن اللواء علي قاسم طالب، محافظ الضالع، اتخذ إجراءات أمنية استثنائية في المحافظة، اعتبارا من صباح أمس، وذلك بعد اجتماع استثنائي عقده بمشاركة قيادة السلطة المحلية واللجنة الأمنية بالمحافظة، في وقت متأخر من مساء أول من أمس. وتتضمن تلك الإجراءات إغلاق كل المداخل الرئيسية والفرعية المؤدية إلى عاصمة المحافظة، و«منع دخول الخارجين على القانون، ومنع قيام أي مظاهرات أو تجمعات غير مرخصة»، وإلزام كل المسؤولين في المحافظة بـ«النزول الميداني إلى كل المرافق للتأكد من سير العمل بالشكل المطلوب دون غياب أو تهاون».

وبررت سلطات الضالع اتخاذ هذه الإجراءات بأنها تهدف إلى «تأمين حياة المواطنين والمحافظة على الأمن والاستقرار، وذلك بعد ورود أنباء عن دخول عناصر مسلحة إلى المديرية (عاصمة المحافظة) لتنفيذ مخططات تآمرية وإقلاق السكينة العامة والإضرار بالمصلحة العامة». وبعد أن كانت مصادر إعلامية في حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم اعتبرت أن تلك الإجراءات إعلان لـ«حالة الطوارئ» في محافظة الضالع، فقد نفى مصدر مسؤول إعلان «حالة الطوارئ». وقال المصدر إن هذه «مزاعم لا أساس لها من الصحة»، وإنها تندرج في إطار «الأكاذيب التي تروج لها العناصر التخريبية الخارجة عن النظام والقانون». وأضاف أن ما تم اتخاذه هو «إجراءات أمنية احترازية عادية لحماية المواطنين وممتلكاتهم من أعمال التخريب والفوضى التي تثيرها تلك العناصر التخريبية المأجورة والخارجة على النظام والقانون».

في هذه الأثناء، قال مواطنون في الضالع في اتصالات هاتفية مع «الشرق الأوسط» عبر الهواتف الأرضية، إن عاصمة المحافظة تحولت إلى ما يشبه الثكنة العسكرية، حيث شوهدت بعض الدبابات وأرتال من الطواقم العسكرية المحملة بالجنود المدججين بالسلاح، وهي تنتشر في مداخل ومخارج المدينة والطرق التي تربطها بالمناطق والقرى والمجاورة، مشيرين إلى أنه ورغم هذه الإجراءات تمكن المتظاهرون من إقامة فعالياتهم.