واشنطن: هجوم مارجا مقدمة لعملية أوسع في قندهار

ثاني كبرى المدن الأفغانية.. المقر الثقافي للبشتون وثقل حركة طالبان

TT

أعلن مسؤول بارز في الإدارة الأميركية، أمس، أن الولايات المتحدة تخطط لشن هجوم واسع هذا العام على ولاية قندهار جنوب أفغانستان التي تعد معقلا لمقاتلي طالبان، واصفا الهجوم الكبير الذي تشنه القوات الأميركية وقوات الحلف الأطلسي في مارجا بأنه «مقدمة تكتيكية» لهجوم قندهار. وتعد هذه التصريحات أحدث مؤشر على أن إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، تخطط لتصعيد القتال ضد طالبان في إطار استراتيجيتها لإرسال آلاف من الجنود الإضافيين إلى البلد المضطرب. وتقود قوات المارينز الأميركية نحو 15 ألف جندي أميركي وأفغاني ومن قوات الحلف الأطلسي في عملية واسعة في منطقة مارجا الجنوبية بهدف القضاء على عناصر طالبان، الذين سيطروا على تلك المنطقة لسنوات، وفرض سيطرة الحكومة عليها. وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن عملية مارجا: «مقدمة تكتيكية لعمليات أكبر وأكثر شمولية ستجري في وقت لاحق من هذا العام في مدينة قندهار». وقال إن هذا «هدف عام 2010. إذا كان هدفنا الكلي لعام 2010 كسب الوقت والمساحة.. علينا أن نسيطر على قندهار هذا العام». وتعتبر قندهار ثاني كبرى المدن الأفغانية، وهي المقر الثقافي للبشتون، وكانت مهد حركة طالبان التي فرضت نهجا أصوليا متشددا من الإسلام على البلاد من عام 1996 وحتى عام 2001.

وقال المسؤول إن قندهار هي «مركز ثقل» طالبان. وأضاف أن الهدف الأميركي هو «إحلال أمن شامل للسكان» في المدينة.

إلى ذلك، قالت مصادر أفغانية موثوقة لـ«الشرق الأوسط» إن أمن أفغانستان لن يتحقق ما لم يتم تطهير الجنوب، في ولايتي هلمند وقندهار، من عناصر طالبان، مشيرة إلى أن أغلب القيادات السياسية والعسكرية للحركة الأصولية جاءت من قندهار مقر حكم الملا عمر حاكم الحركة المخلوع. وأوضحت: «قندهار كانت عاصمة طالبان ومركز ثقلهم الطبيعي». وأضافت أنه توجد في ولاية قندهار أيضا بلدة سبين بولداك، وهي مركز ثقل آخر لحركة طالبان، وهي محاذية لبلدة كويتا الحدودية الباكستانية التي تستضيف «مجلس شورى طالبان»، المسؤول عن العمليات العسكرية للمتمردين داخل أفغانستان.

وتهدف عملية «مشترك» إلى فرض سيطرة الحكومة الأفغانية على مارجا، التي تشتهر بزراعة الأفيون في ولاية هلمند التي كانت تخضع لسيطرة طالبان طوال سنوات. ورفعت السلطات الأفغانية، الخميس، العلم الأفغاني في سماء مارجا، إلا أن القوات واجهت مقاومة شديدة من المقاتلين، الذين يصعب التفريق بينهم وبين السكان المحليين، وحذر الحلف الأطلسي من العبوات الناسفة المصنعة محليا. وأعرب الجنرال بن هودجز، قائد العمليات في جنوب أفغانستان، في حديث لمحطة «بي بي إس» التلفزيونية الأميركية العامة، أول من أمس، عن اعتقاده بأن المعارك الرئيسية انتهت في مارجا ولكن القوات لا تزال مع ذلك بحاجة إلى «عدة أسابيع» للسيطرة على القرى البعيدة في المنطقة. وأشار هودجز إلى أن معظم مقاتلي طالبان إما قتلوا أو اندسوا بين السكان. وقال الجنرال هودجز: «ستحدث بعض المعارك المتفرقة، في اعتقادي، في بعض المناطق الصعبة حيث لا تزال توجد بعض الجيوب. أعتقد، مع ذلك، أن معظم العمليات القتالية الرئيسية ستكون قد انتهت». وأضاف أن قادة طالبان هربوا من المنطقة بمجرد أن أطلقت القوات الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي والقوات الأفغانية الحملة في المنطقة التي تنتشر فيها زراعة الأفيون في 13 فبراير (شباط). وقد وضع الجنرال الأميركي ستانلي ماكريستال، قائد القوات الأميركية وقوات الحلف الأطلسي في أفغانستان، استراتيجية لمكافحة التمرد تقضي بأن يعمل الجيش بشكل وثيق مع السلطات المدنية للقضاء على المسلحين.

وقال إن العملية الواسعة التي تشنها القوات في هلمند «نموذج لعمليات مستقبلية، فهي عملية بقيادة القوات الأفغانية وبدعم من التحالف وتعمل بالمشاركة مع السكان». وقال ديفيد بترايوس، قائد القيادة الأميركية المركزية، أمس، إن عملية «مشترك» مرحلة أولية لخطة وضعها ماكريستال للأشهر الـ12 - 18 المقبلة. ويتطابق هذا الجدول الزمني مع الخطة التي وضعها أوباما، الذي أمر في ديسمبر (كانون الأول) بإرسال 30 ألف جندي إضافي إلى أفغانستان. ويأمل أوباما في البدء بسحب تلك القوات بحلول يوليو (تموز) 2011، حيث يتوقع أن يكون لدى أفغانستان 287 ألف جندي ورجل شرطة مدربين يستطيعون تولي المسؤولية الأمنية في البلاد. وأشار المسؤول إلى نجاحات تحققت في جزء مهم من الاستراتيجية وهو الجزء المتعلق بباكستان. وقال المسؤول: «خلال الأشهر التسعة الماضية رأينا تحولا استراتيجيا مهما في باكستان.. وهو قرار قوات الأمن الباكستانية التحول للقتال ضد طالبان باكستان». وشنت باكستان هجمات في منطقة القبائل التي يغيب عنها القانون والواقعة على الحدود الأفغانية، حيث يعتقد أن الكثير من زعماء طالبان و«القاعدة» يتمركزون. ويشتبه مسؤولون أميركيون في أن عناصر أجهزة الاستخبارات الباكستانية يساعدون المتطرفين. وأدت عملية مداهمة على مدينة كراتشي الباكستانية إلى القبض على القائد العسكري لطالبان الملا عبد الغني برادار. من جهة أخرى، قال حاكم ولاية هلمند، أمس، إن «الوضع طبيعي» في مارجا مركز الهجوم الكبير، الذي أطلق منتصف الشهر الحالي في جنوب أفغانستان، حيث انتهت معظم العمليات القتالية. وقال داوود أحمدي، المتحدث باسم حاكم هلمند: «الوضع طبيعي في مارجا، لكن الألغام والقنابل اليدوية الصنع لا تزال تطرح مشكلة وتهديدا كبيرين».

وأضاف: «أعتقد أنه ستكون هناك مواجهات متقطعة، أعتقد في بعض المناطق الصعبة، حيث لا يزال يصمد بعض المتمردين. لكن أعتقد أن معظم العمليات القتالية المهمة انتهت». وتابع: «أظن أن القسم الأكبر من القوات المعادية قتل أو فر أو اختبأ بين السكان».