واشنطن: ضجة حول رسائل بريد إلكتروني مفقودة متعلقة باستجواب الإرهابيين

تدمير السجلات الحكومية جريمة جنائية.. واختفاء السجلات يثير الشكوك حول التحقيقات

TT

ضاعت أعداد كبيرة من سجلات رسائل إلكترونية أرسلها المحامون بوزارة العدل الأميركية عندما كانوا يعملون عام 2002 على تبرير الأساليب الوحشية التي استخدمت خلال تحقيقات إدارة بوش السابقة، وأخبرت الوزارة المشرعين يوم الجمعة أنها ستحاول تتبع عملية اختفاء هذه الرسائل. وفي جلسة استماع عقدتها اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ الأميركي، طالب السيناتور باتريك جيه ليهي، (ديمقراطي من ولاية فيرمونت ورئيس لجنة مجلس الشيوخ القانونية)، بمعرفة ما حدث لملفات رسائل البريد الإلكتروني، وأشار إلى أن تدمير السجلات الحكومية، بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني الرسمية، جريمة جنائية. وقال إن اختفاء السجلات يثير الشكوك حول إتمام المراجعات الداخلية التي أجرتها الوزارة لما قام به المحامون في سنوات حكم الرئيس السابق جورج دبليو بوش.

وكان مكتب المسؤولية المهنية بوزارة العدل، الذي قضى أكثر من أربع سنوات في التحقيق في معالجة الآراء القانونية بشأن سياسات التحقيق عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، قد ضغط من أجل الاطلاع على سجلات رسائل البريد الإلكتروني ووثائق داخلية أخرى بوزارة العدل للمساعدة في التحقيق الذي يجريه المكتب. وكان السيناتور باتريك ليهي كشف، يوم الجمعة، اختفاء رسائل بريد إلكتروني داخل وزارة العدل تعود إلى سنتي 2002 و2003، خلال الفترة التي وافق فيها مستشارون في وزارة العدل على طلب إدارة الرئيس بوش بإجراء تحقيق «متطور» مع المتهمين بالإرهاب. وأثار هذا النوع من التحقيق اتهامات التعذيب لأنه شمل وسائل مثل «ووتربوردينغ» (تقييد المتهم على خشبة وإيهامه بأنه سيغرق).

وفي الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس باراك أوباما أنه لن يعاقب المستشارين: يو، (أميركي من أصل فيتنامي)، وآلان (أستاذ قانون في جامعة كاليفورنيا)، وجاي بيبي (الآن قاض فيدرالي في ولاية نيفادا). وقال أوباما إنه سيكتفي بإرسال خطابي لوم إلى كل واحد من المستشارين. غير أن أعضاء في الكونغرس منهم السيناتور ليهي انتقدوا قررا أوباما، واعتبروه تنازلا من جانب أوباما لمواجهة هجوم الحزب الجمهوري عليه في هذا الموضوع. وكان قادة الحزب الجمهوري اتهموا أوباما بأنه «يريد محاكمة مستشارين يريدون جمع معلومات من إرهابيين حتى لا تهاجم بلادنا مرة أخرى»، كما جاء على لسان السيناتور جون كورنين (جمهوري من ولاية تكساس).

وأضاف السيناتور كورنين: «يستحق المستشاران يو وبيبي الشكر من الشعب الأميركي، لا المحاكمة». وقال مراقبون وصحافيون في واشنطن إن خبر وثائق إلكترونية فقدت داخل وزارة العدل، ولها صلة بالاستشارات التي قدمها الرجلان إلى الرئيس السابق بوش، يوضح أن قادة في الحزب الديمقراطي، مثل السيناتور ليهي، لا يؤيدون قرار أوباما بعدم التحقيق مع الرجلين. ويعتقدون أن وزير العدل، إيريك هولدر، رضخ لأوامر من الرئيس أوباما بعدم التشدد في الموضوع. ويوم الجمعة، خلال جلسة استجواب في الكونغرس، سأل السيناتور ليهي مساعد وزير العدل، غاري غلندر، عن الوثائق التي اختفت، وعما إذا كانت فيها معلومات تدين المستشار يو والمستشار بيبي.

ورد مساعد وزير العدل بأنه لا يعرف محتوى الوثائق التي اختفت، وأن الوزارة تواصل البحث عنها. وفي غضب، رد السيناتور ليهي بأنه إذا ثبت أن هذه الوثائق دمرت «تكون وزارة العدل خرقت القانون المسؤولة عن تنفيذه. وتكون عرضت نفسها للمحاكمة بتهمة تدمير وثائق حكومية». وأضاف: «يعلم مساعد وزير العدل أن تدمير وثيقة حكومية جريمة يعاقب عليها القانون». وقال السيناتور إنه، بسبب اختفاء هذه الوثائق، «ثارت شكوك كثيرة» حول التحقيقات التي قامت بها وزارة العدل، والتي قادت إلى قرار الرئيس أوباما بعدم محاكمة المستشارين. وقال السيناتور: «لن نتوقف عن البحث عن هذه الوثائق بسبب دورها في تقديم استشارات إلى الرئيس بوش جعلته يأمر بالتعذيب، ثم يتبرأ منه. لا بد أن نعرف من المسؤول». وأمس، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» أن مكتب المسؤولية المهنية داخل وزارة العدل هو الذي اكتشف اختفاء الوثائق، وخاصة التي لها علاقة بالمستشار يو. ونشرت الصحيفة أن المكتب اكتشف أن هذه الوثائق «لم تختف فقط، ولكن لن يمكن العثور عليها».