«حفل الزواج» كشفت معسكرات حزب العمال الكردستاني بالتنسيق بين أجهزة أمنية أوروبية

تركيا اعتبرته مسؤولا عن تسهيل عمليات نفذت ضدها من العراق

TT

شهدت الساعات القليلة الماضية تنسيقا من جانب عدد من الأجهزة الأمنية الأوروبية لملاحقة واعتقال عناصر ينتمون إلى منظمة «حزب العمال الكردستاني»، وأعلنت هولندا عن اعتقال أحد قيادات المنظمة في ألمانيا، الذي تطالب أنقره بتسليمه إليها، وأعلنت السلطات الأمنية الإيطالية عن اعتقال 22 من عناصر المنظمة، كانوا في معسكرات للتدريب في إيطاليا وفرنسا، وقالت وسائل إعلام أوروبية في بروكسل، إن معسكرات حزب العمال الكردستاني فوق الأراضي الأوروبية، انكشفت بعد تفكيك خليتين في إيطاليا يشتبه في تجنيدها وتدريبها الشباب الأكراد للالتحاق بميليشيا الحزب. والعملية مكنت من اعتقال اثنين وعشرين شخصا نصفهم في إيطاليا والنصف الثاني في جنوب فرنسا. ونقلت وسائل إعلام أوروبية، عن رئيس شرطة مدينة البندقية قوله: «لقد اكتشفنا تنظيما دوليا له معسكرات في فرنسا وإيطاليا، متورطا في تجنيد وتدريب الشباب الأكراد بينهم نساء. وبعد التدريب كان من المفترض أن يلتحقوا بصفوف حزب العمال الكردستاني». عملية الاعتقال تمت بتعاون مع قوى الأمن في بلجيكا وألمانيا في إطار ما يعرف بعملية «دوغون» أو «حفل زواج» بالتركية. وذلك بموجب مذكرات اعتقال صادرة في نهاية عام 2008 ضد عناصر الحزب الذي تعتبره تركيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منظمة إرهابية. وفي هولندا قالت السلطات الهولندية إنها اعتقلت حسن ادير أحد قيادات المنظمة في ألمانيا، وذلك خلال لجنة تفتيش ومراقبة على الحدود بين هولندا وألمانيا، وقال محامي المعتقل، بارت نويتخداخت، إن تركيا سبق أن أصدرت طلب توقيف دولي في حق موكله، وأيضا سارعت أنقره فور إعلان اعتقاله من جانب السلطات الهولندية وتقدمت بطلب لتسليمه إليها. وقال متحدث باسم النيابة العامة الهولندية، إن القيادي الكردي جرى اعتقاله يوم 19 من الشهر الحالي، في «فينلو» الحدودية بين هولندا وألمانيا، وإن هناك جلسة ستنعقد يوم الـ18 من مارس (آذار)، في محكمة رورموند الهولندية، للنظر في طلب أنقره تسليمها قيادي حزب العمال الكردستاني. وقال المحامي لوسائل الإعلام الهولندية، إن موكله يخشى ترحيله إلى تركيا خوفا من التعذيب وربما القتل، خاصة أنه سبق أن تعرض للملاحقة والتعذيب من جانب السلطات في تركيا، كما أن عددا من أفراد عائلته تعرضوا للقتل والتعذيب على يد رجال الشرطة والجيش في تركيا في الماضي، الأمر الذي دفعه إلى السفر مع باقي أفراد عائلته إلى ألمانيا، يضيف المحامي: «وللأسباب نفسها رفضت محكمة ألمانية في وقت سابق تسليمه إلى أنقره»، وأبدى دهشته من موافقة وزارة العدل على النظر في طلب أنقره تسليمه إليها. ويرفض حسن ادير اتهامات توجهها له تركيا، ويعتبر نفسه ناشطا سياسيا فقط وينفي تورطه في أي عمل غير شرعي، بينما تعتبره أنقره من قيادات الحزب وأنه قام بأنشطة لجمع معدات وأسلحة لعناصر المنظمة في العراق لتنفيذ هجمات من هناك. ويدرج الاتحاد الأوروبي حزب العمال الكردستاني على قائمته للمنظمات الإرهابية. وتلقي الحكومة التركية على عاتق هذه الجماعة المتمردة مسؤولية مقتل قرابة 40 ألف شخص منذ بدأت عام 1984 حملتها المسلحة من أجل وطن للأكراد في جنوب شرقي تركيا .وسبق أن أصدرت محكمة العدل الأوروبية في لوكسمبورغ قرارا ينص على ضرورة استبعاد حزب العمال الكردستاني من قائمة الاتحاد الأوروبي السوداء التي تضم المنظمات والأفراد أصحاب الصلة بالإرهاب وتمويله. واستخدمت المحكمة في حيثيات القرار الأسباب والعبارات نفسها التي استخدمتها في قرار سابق يقضي بحذف منظمة «مجاهدين خلق» الإيرانية من القائمة الأوروبية للإرهاب، وقالت المحكمة إن قرار ضم المنظمة إلى القائمة لا يعتمد على أدلة قوية وكافية، وفي الوقت نفسه أشارت إلى أن حق الدفاع عن المنظمة لم يتوفر بشكل تام ومناسب. وكان الاتحاد الأوروبي قد قرر في عام 2002 إدراج حزب العمال الكردستاني ضمن القائمة السوداء للإرهاب، وهو منظمة دخلت في صراع عسكري ضد الحكومة التركية منذ 1984 للمطالبة بالانفصال. وقالت ثانية أعلى المحاكم في الاتحاد الأوروبي إن الاتحاد لم يقدم تبريرا كافيا لقراره في هذا الشأن حينما أصدره عام 2002. غير أن مسؤولا في الاتحاد الأوروبي قال إن نسخة جديدة من القائمة وضعت في ديسمبر (كانون الأول) عام 2007 وتتضمن حزب العمال الكردستاني مرة ثانية، وتأخذ في الحسبان وجهات النظر في قضايا مماثلة في الماضي، وكان الحزب قد تأسس عام 1978 وبدأ بعد ست سنوات العمل المسلح ضد السلطة المركزية التركية من أجل إقامة دولة كردية في جنوب شرقي الأناضول، ونتج عن الصراع المسلح حتى الآن 37 ألف قتيل، وتنسب الحكومة التركية للحزب عدة اعتداءات بالقنابل وقعت في إسطنبول ومنتجعات أخرى غربي تركيا، ولكن الحزب يرفض تلك الاتهامات. وتحولت مطالبة الحزب بالحصول على استقلال المنطقة الكردية إلى مطالبة بالحكم الذاتي في إطار نظام فيدرالي والعفو عن المتمردين والإفراج عن زعيمهم عبد الله أوجلان. وبعد اعتقال الأخير في كينيا والحكم بإعدامه ثم تخفيف الحكم إلى السجن المؤبد في 1999 تخلى حزب العمال الكردستاني عن المطالبة بالاستقلال ثم أعلن وقفا لإطلاق النار من جانب واحد ولم تعترف به تركيا، ويوجد الجناح العسكري للحزب في مخيمات تقع في كردستان العراق، بينما يمثل الجناح السياسي للحزب سياسيون أكراد مقيمون في المنفى في دول أوروبية، لا سيما بلجيكا.