قبر غولدشتاين يتحول إلى «مقام يهودي مقدس» تلجأ إليه العاقرات والمرضى

بعد 16 عاما من مذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل

TT

بعد مرور 16 عاما على ارتكاب مذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل، تحول قبر باروخ غولدشتاين، منفذ الجريمة، إلى مزار للمرضى والعجزة والعاقرات، الذين يؤمنون بأنه «ولي يهودي مقدس» ويتضرعون أمامه إلى الله سبحانه وتعالى أن يحل مشكلاتهم المستعصية، على الرغم من أن المستوطنين المسؤولين عن حماية القبر الضريح لا يؤمنون بذلك، ويقولون إن غولدشتاين هو «بطل قومي، وينبغي التعامل معه على هذا الأساس وليس في الاتجاه الديني». وكان المستوطنون في الضفة الغربية ومجموعات كبيرة من أنصار اليمين المتطرف، قد أحيوا أمس ذكرى قتل السفاح غولدشتاين بمسيرة كبيرة إلى قبره في مستوطنة كريات أربع القائمة إلى الشرق من مدينة الخليل، وراحوا يمجدونه على المذبحة التي نفذها في الحرم الإبراهيمي.

يذكر أن غولدشتاين، وهو أميركي الأصل وطبيب بالمهنة، ارتكب مجزرته في العاشر من شهر رمضان الموافق 25 فبراير (شباط) 1994. ففي حينه تسلل غولدشتاين إلى الحرم الإبراهيمي في ساعات الفجر الأولى ووجد المصلين ساجدين، راح يطلق الرصاص عليهم من رشاش من صنع الجيش الإسرائيلي. فقتل على الفور 29 مصليا منهم وجرح 125 آخرين. وتمكن أحد المصلين منه وقتله بضربة على الرأس بأنبوبة إطفائية كبيرة.

وفي ذلك اليوم خرج الفلسطينيون للاحتجاج على الجريمة الرهيبة، لكن قوات الاحتلال الإسرائيلي تصدت لهم بالرصاص المطاطي والحي، فقتلت عشرين فلسطينيا إضافيا وجرحت نحو أربعين.

وحاولت بعض القوى العقلانية في الحكومة الإسرائيلية يومها استغلال هذه المذبحة لإنهاء البؤر الاستيطانية في البلدة القديمة من الخليل، لكن رئيس الحكومة اسحق رابين لم يتجرأ على الإقدام على مثل هذه الخطوة. وأقام لجنة تحقيق في المذبحة برئاسة قاضي المحكمة العليا المتقاعد، مئير شمغار. وخرجت اللجنة بتساؤلات كثيرة، بينها أن هناك كاميرات تصوير وضعتها المخابرات الإسرائيلية في الحرم تعمل طيلة 24 ساعة، لكنها في تلك الليلة لم تعمل.. فلماذا، ومن السبب؟

واستغل اليمين المتطرف هذا التساؤل ليقول إن المذبحة مدبرة من المخابرات الإسرائيلية، بهدف جعل المواطنين الإسرائيليين يكرهون جمهور المستوطنين. وينظر الإسرائيليون عموما إلى غولدشتاين على أنه إرهابي. ويتنكرون له. ولكن هناك أعدادا متزايدة من النشطاء في اليمين يرون فيه بطلا قوميا ويحرصون على المشاركة في إحياء ذكراه وتبجيله. وقد حاولوا إقامة نصب تذكاري له من أجل تخليده كأحد كبار القادة الإسرائيليين. لكن حركة «سلام الآن» توجهت إلى المحكمة واستصدرت قرارا بهدم النصب التذكاري ونقل قبره إلى داخل مستوطنة كريات أربع. فحول المستوطنون المتطرفون هذا الضريح إلى نصب تذكاري. وبثوا الإشاعات بأنه قديس. وشيئا فشيئا صار يصل إليه الناس اليائسون، على أنه مقام مقدس. فتصل النساء العاقرات يطلبن الحمل. ويصل المرضى الذين عجز الطب عن علاجهم يطلبون الشفاء. فينبطحون على الأرض ويقيمون الصلوات ويرفعون الدعاء. وتحولت المذبحة إلى نموذج يحتذى من كثير من الإرهابيين. وينظر هؤلاء إلى غولدشتاين على أنه بطل قومي، بدعوى أن مذبحته منعت مذبحة ضد اليهود.