حملة جزائرية بفرنسا لحشد التأييد لرفع دعوى قضائية تخص تجريم الاستعمار أمام محاكم دولية

المسعى مكمل لمقترح قانون قدم بالبرلمان الجزائري

TT

يسعى فريق من الأكاديميين والمثقفين وقادة جمعيات جزائريين، إلى حشد التأييد في الأوساط السياسية وتنظيمات المجتمع المدني بفرنسا تحضيرا لرفع دعوى قضائية أمام محاكم دولية بهدف «تجريم الاستعمار الفرنسي»، وقال رئيس الفريق إن المبادرة تحظى بتأييد «قوي» من الخضر والحزب الشيوعي في فرنسا.

أوضح أحمد شنة، رئيس «اللجنة الجزائرية لتجريم الاستعمار الفرنسي» (بالجزائر 1830 - 1962) في لقاء مع «الشرق الأوسط»، أن جزائريين مقيمين بفرنسا بصدد فتح فروع للجنة بالمدن الكبيرة لتكون منطلقا لخطوات في الميدان، الهدف منها الحصول على دعم أكبر عدد من الفرنسيين لدعوى قضائية مرتقبة ترفع أمام محاكم دولية لدفع الدولة الفرنسية إلى تقديم تعويضات مادية عن سنوات الاستعمار.

وقال شنة (43 سنة) إن المسعى «لقي تعاطفا من طرف تنظيمات بالمجتمع المدني المحلي وأحزاب مثل الخضر والحزب الشيوعي الفرنسي. وتفيد المعطيات التي وصلتني من ممثلينا بباريس بأن 63 منظمة وجمعية أيدت الفكرة، وعبرت عن رغبتها في الانخراط في مسار قانوني نتوقع أن يكون طويلا ومضنيا، نهايته ستكون شكوى أمام المحاكم في أوروبا، حيث نعتزم افتكاك إدانة للاستعمار، وإرغام فرنسا على دفع تعويضات لضحايا الاستعمار كأفراد، وللدولة الجزائرية أيضا».

وأضاف شنة، الذي كان مستشارا برئاسة الحكومة قبل سنوات قليلة: «في المرحلة المقبلة، سننتشر في فضاءات المجتمع المدني الفرنسي لنشرح للرأي العام المحلي كم كانت ممارسات الاستعمار بالجزائر بشعة، وسنوضح الجرائم المسكوت عنها ليس فقط ما تعلق بالتجارب النووية، التي أجرتها فرنسا بين 1960 و1962، وإنما كل المجازر والاغتيالات والقهر والنهب والتشريد واستعمال الأسلحة المحرمة أثناء ثورة التحرير».

وتتكون اللجنة من أكاديمية المجتمع المدني الجزائري، التي يرأسها شنة، واتحاد الكتاب الجزائريين والتنظيم الطلابي (الاتحاد الطلابي الحر) ذي التوجه الإسلامي، والاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية (يسيطر عليه الحزب الحاكم).

وتم تأسيس «لجنة تجريم الاستعمار»، في أسابيع قليلة بعد الكشف عن مقترح قانون لتجريم الاستعمار، وضعه 125 نائبا بمكتب البرلمان الجزائري تمهيدا لمناقشته والمصادقة عليه.

وأثار المقترح حفيظة حزب اليمين الفرنسي الحاكم الذي اعتبره «إهانة» للأقدام السوداء (الفرنسيين الذين ولدوا بالجزائر وخرجوا منها غداة الاستقلال) وللحركي (الجزائريين الذين تعاونوا مع المستعمر ضد ثورة التحرير، وانتقلوا إلى فرنسا بعد الاستقلال). وجاء المقترح، بحسب ملاحظين محايدين، تعبيرا عن غضب الحكومة على إدراج الجزائر ضمن قائمة للبلدان مصدر الخطر، التي أعدتها السلطات الفرنسية.

وأوضح شنة أن مسؤولي المكاتب المتفرعة عن «لجنة تجريم الاستعمار» بفرنسا «سيحاولون الوصول إلى العقلاء والمنصفين في البلد، لإيصال رسالة إلى المجتمع مفادها بأننا لا نشن حربا على الفرنسيين، وأن الهدف هو أن تعترف فرنسا بجرائمها في الجزائر، فهي مسألة أخلاقية بالدرجة الأولى، والاعتراف بالذنب ليس معرة ولا نقيصة بل هو قيمة حضارية. والشرفاء في العالم لا يمكن أن يقبلوا أن تدين المحكمة الجنائية الرئيس السوداني بتهمة ارتكاب جرائم في دارفور، ولا تفعل نفس الشيء ضد مرتكبي الجرائم بالجزائر الذين حتى لو غادروا هذا العالم، فإن دولتهم ما زالت قائمة وتتحمل مسؤولية جرائمهم».

ودعا شنة السلطات الجزائرية إلى «الاستفادة من المبادرة لأنها توفر لها سلاحا يتيح المطالبة بحقوق الجزائر»، وتأتي «لجنة تجريم الاستعمار» في سياق توتر حاد تعرفه العلاقات الجزائرية - الفرنسية، كان آخر فصوله احتجاج الجزائر على ضغوط مارستها فرنسا على مالي للإفراج عن 4 إرهابيين، من بينهم جزائريون، تلبية لشروط «القاعدة» مقابل إطلاق سراح فرنسي تعرض للاختطاف.