رئيس مجلس الشورى: الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد يجب أن ترى النور.. قريبا

قال لـ «الشرق الأوسط» : لن نحصل على إجابات «شفافة» من الوزراء إن حضر الإعلام

د. عبد الله آل الشيخ (تصوير: خالد الخميس)
TT

عدم استخدام رئيس البرلمان، سواء كان مجلس شورى أو نواب أو أمة، لمطرقته، أمر يعني أن مجلسه يحظى بانضباط في الأداء، ولعل هذا ما أراد أن يعكسه الدكتور عبد الله آل الشيخ، رئيس مجلس الشورى السعودي، بتأكيده أنه لم يضطر قط إلى استخدام مطرقته، التي سبق لنانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الأميركية، أن قامت بتجربتها خلال زيارة سابقة للسعودية.

لكن الانضباط داخل الشورى لا يعني عدم الانتقاد وإبداء الرأي بشفافية حول الأداء الحكومي، وهو الحق الذي أكده رئيسه عبد الله آل الشيخ، شريطة ألا يتعدى ذلك إلى «التقييم الشخصي أو التجريح لهذا المسؤول أو ذاك».

وفي حوار خص به «الشرق الأوسط» قبيل أيام من الخطاب الملكي السنوي، سجل الدكتور عبد الله آل الشيخ موقفا مهما، حيث أكد «أهمية إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد التي أقرها مجلس الشورى، وصدرت الموافقة عليها من مجلس الوزراء قبل 3 سنوات».

ويعتقد رئيس مجلس الشورى السعودي أن انضمام بلاده إلى منظمة التجارة العالمية، فرض «الشفافية على العمل الحكومي»، التي سبق أن فرضتها من قبل أحكام الشريعة الإسلامية، التي تعتبر الدستور الذي تحكم وفقه الرياض.

وحاول مجلس الشورى خلال سنته الأولى من الدورة الحالية أن يعزز كل ما من شأنه إحكام الرقابة على المال العام، حيث أخذ يلاحق بالأسئلة مصير 109 مليارات ريال، اعتبرت في عداد المهدورة.

ومن أجل ذلك، اتخذ الشورى قرارا يدعو فيه لتمكين ديوان المراقبة العامة من فحص الحساب الختامي للدولة. ويرى رئيس المجلس، عبد الله آل الشيخ، أن هذا القرار «ليس تقليلا من دور وزارة المالية» في هذا الصدد.

ويعتبر رئيس مجلس الشورى أن ندرة حضور المسؤولين الحكوميين للمجلس قد يعني «رضا عن الدور الذي تقوم به الأجهزة الحكومية»، لكنه يؤكد أن السنة الأولى من الدورة الحالية شهدت حضور وزيرين في جلسة عامة، وعشرات المسؤولين الكبار لاجتماعات اللجان المتخصصة.

وبرر الشيخ عبد الله آل الشيخ إغلاق بعض الجلسات أمام وسائل الإعلام، لطبيعة بعض الموضوعات، التي قد تتصل بـ«السيادة الوطنية»، كما أشار إلى أن تحويل جلسات مناقشة الوزراء إلى «سرية» يهدف إلى الحصول على إجابات شفافة، قد لا تقال حينما يكون الإعلام حاضرا. وفيما يلي نص الحوار:

* يترقب مجلس الشورى ورئاسته وأمانته العامة وأعضاؤه، الخطاب السنوي الذي يلقيه خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، ويعرض فيه سياسة المملكة في الداخل والخارج، كيف تنظرون إلى هذا الخطاب السنوي؟

- تشريف خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، لمجلس الشورى مصدر اعتزاز للمجلس، رئيسا وأعضاء ومنسوبين. حيث يوجه في بداية أعمال كل سنة جديدة من دورات المجلس خطابه الملكي، يتناول فيه السياستين الداخلية والخارجية للمملكة، ومجلس الشورى وأعضاؤه يتطلعون إلى هذه المناسبة، والاستماع إلى ما يوجهه من كلمة تعد وثيقة نستلهم منها مواقف الدولة وتوجهاتها تجاه الكثير من القضايا، والمستجدات على المستويات جميعها، ومضامين خطابات خادم الحرمين الشريفين هي منهاج عمل للمجلس وأعضائه، وخارطة طريق لعمل المجلس في السنة الجديدة، فهي ترسم الأهداف والبرامج والغايات التي تطمح الدولة إلى تحقيقها خلال السنة المقبلة، وبذلك يشرع المجلس في دراساته ومقترحاته انطلاقا من تلك الخطابات، ويعمل على تحقيق الأهداف والغايات التي رسم ملامحها خادم الحرمين الشريفين، أيده الله.

* ما أبرز القرارات التي أصدرها مجلس الشورى خلال السنة الأولى من دورته الخامسة؟

- مجلس الشورى، بحمد الله وتوفيقه، حقق نتائج جيدة خلال السنة الأولى من الدورة الحالية، وأصدر مائة وأحد عشر قرارا في مائة وثمانية موضوعات، أنهى المجلس دراستها من بين 145 موضوعا ناقشها المجلس خلال السنة الأولى شملت مختلف الموضوعات، ومن أبرزها القرارات الخاصة بالأنظمة القضائية الثلاثة، نظام المرافعات الشرعية، ونظام الإجراءات الجزائية، ونظام المرافعات أمام ديوان المظالم، وهذه الأنظمة يعول عليها كثيرا في تحقيق تطلعات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في ضوء مشروعه لتطوير مرفق القضاء.

ومن بين أهم الموضوعات التي درسها وناقشها مجلس الشورى خلال السنة الأولى، نظام مراكز التأهيل الأهلية للمعاقين، والنظام الوطني للحماية من الإشعاعات المؤينة وأمان المصادر المشعة، وتعديل وإضافة مواد على بعض الأنظمة منها نظام الرهن التجاري، والتأمينات الاجتماعية ونظام الضمان الصحي التعاوني.

كما أن هناك موضوعات ما زالت قيد الدراسة في المجلس، أبرزها مشروع الاستراتيجية الوطنية للحرف والصناعات اليدوية، ومشروع جائزة خادم الحرمين الشريفين للمخترعين والموهوبين، ومشروع نظام الصحة النفسية.

* كونكم تترأسون مجلس الشورى لأول مرة، نود معرفة نقاط القوة والضعف التي رصدتموها خلال عامكم الأول في رئاسة المجلس؟

- نقاط القوة تكمن في أن أعضاء المجلس الـ150 هم نخبة مختارة من أصحاب الفكر والرأي، وتتنوع اختصاصاتهم العلمية وخبراتهم العملية، مما يثري نقاشات المجلس ودراساته للموضوعات التي أحيلت إليه، ويسهم في الوصول إلى القرارات الرشيدة التي تسهم بدورها في صناعة القرارات الوطنية.

كما تكمن نقاط القوة في مساحة حرية الرأي للأعضاء أثناء المناقشات، بما يتيحه المجلس من مستوى راق للحوار تحت القبة لإبداء الرأي وتقبل الرأي الآخر.

أما ما أطلقت عليها نقاط ضعف، فما رصدته خلال السنة الأولى لا يمكن أن نطلق عليها نقاط ضعف، بقدر ما هي ملاحظات على أساليب العمل في المجلس، منها ما يتعلق بقواعد وإجراءات العمل الداخلية واختصاصات بعض اللجان، سعيا إلى تفعيل صوت المواطن في المجلس والاهتمام بالقضايا الوطنية الملحة مثل الإسكان.

* تبنيتم بعد توليكم رئاسة المجلس برنامجا تطويريا لأعمال اللجان، وبعض التنظيمات الداخلية، فإلى ماذا استندتم في تبنيكم مثل هذه الخطوات التطويرية؟

- فيما يتعلق باللجان المتخصصة، عملنا على مزيد من التخصص في عمل كل لجنة، وبعد دراسة للجان القائمة في السنة الأولى من الدورة الحالية وما يحال إليها من موضوعات، وبالنظر إلى وجود ترابط بين بعض الموضوعات في لجان منفصلة، وأهمية بعض الموضوعات والقضايا الراهنة، فقد تم زيادة عدد اللجان إلى ثلاث عشرة لجنة، بإضافة لجنة متخصصة هي « لجنة حقوق الإنسان والعرائض» حيث تم دمج موضوعي حقوق الإنسان والعرائض في لجنة واحدة، بعد أن كانا في السابق ضمن لجنتين مختلفتين، كما تم تعديل مسميات بعض اللجان، ومنها لجنة المرافق والمياه والخدمات العامة التي تم تعديلها إلى لجنة الإسكان والمياه والخدمات العامة، بإضافة الإسكان إليها.

في جانب آخر يتعلق بتطوير قواعد العمل في المجلس، أحب أن أشير هنا إلى أن المجلس عمل خلال العام الماضي على تطوير قواعد وإجراءات العمل فيه، وشكل لهذا الغرض لجنة برئاسة الأمين العام، وأمضت أكثر من سبعة أشهر تقريبا في دراسة النظام الداخلي وقواعده وإجراءاته، مستفيدة من أنظمة وآليات العمل البرلماني في معظم المجالس البرلمانية في الدول العربية والصديقة، وانتهت اللجنة إلى إدخال تعديلات كثيرة على قواعد العمل بلغت 30 مادة جديدة، وننتظر قريبا مناقشتها في جلسة عامة، ومن ثم تصبح نافذة للعمل بها.

وهذا التطوير لعمل المجلس يستند إلى أن العمل في مجلس الشورى في تطور وتحديث مستمرين بما يتلاءم مع تطورات العصر، ويستجيب لمتغيراته ويواكب المستجدات في العمل البرلماني بناء على توجيهات خادم الحرمين الشريفين.

* يلاحظ خلال جلسات المجلس، تعاملكم بحزم مع الأعضاء، وهذا لا يلغي بعض اللين الذي تبديه رئاسة المجلس في بعض المرات، فهل ترون أن الحزم مطلوب للحفاظ على وقت المجلس من جهة، والحفاظ على هيبته من جهة أخرى؟

- أعضاء المجلس جميعهم، ولله الحمد، هم نخبة متميزة من أصحاب الخبرة والتخصص والفكر المستنير، ويقدرون أهمية الوقت أثناء الجلسات، ولكن بعض الموضوعات المهمة المطروحة للنقاش أمام المجلس ربما تتطلب مزيدا من التركيز عليها. وحفاظا على وقت المجلس وعدم الخروج عن الموضوع محل النقاش، لا بد من تدخل رئيس الجلسة والتنبيه على أهمية الالتزام بالوقت المحدد لكل عضو، وهو خمس دقائق في كل موضوع، وفق ما نصت عليه المادة السابعة عشرة من اللائحة الداخلية لمجلس الشورى.

* هل تذكر كم مرة استخدمت فيها المطرقة لضبط الأداء داخل المجلس؟

- المناقشات والمداخلات خلال جلسات المجلس تسير، ولله الحمد، وفق النظام، الذي يلتزم به الأعضاء، من دون الحاجة إلى استخدام المطرقة.

* هناك الكثير من الآراء التي تذهب إلى ضرورة الاستغناء عن مناقشة بعض الموضوعات التي هي في حكم المحسوم، كبعض الاتفاقيات الثنائية التي تبرمها السعودية مع بعض الدول والمجاميع الدولية، وإعطاء أكبر وقت كاف لمناقشة الموضوعات الملحة، فهل من الممكن أن يتحقق هذا الأمر مستقبلا؟

- المجلس يعطي كل موضوع حقه من الاهتمام في الدراسة والمناقشة بغض النظر عن طبيعة الموضوع ومدى أهميته، وهذا عرف برلماني معمول به في أكثر دول العالم، وذلك حتى يصل المجلس إلى قرارات تصب في صالح الوطن والمواطن، والاتفاقيات الثنائية التي تبرمها المملكة مع بعض الدول والمجاميع الدولية لا بد أن تخضع للدراسة والنقاش في المجلس، فهي من الموضوعات التي تندرج ضمن اختصاصات المجلس، والمجلس وفقا لصلاحياته يملك الموافقة على تلك الاتفاقيات أو التحفظ عليها أو على أي من بنودها، مع العلم بأنها لا تأخذ من المجلس وقتا مثل غيرها من الموضوعات والقضايا ذات الصلة بالأنظمة واللوائح والتقارير السنوية لأجهزة الدولة ومؤسساتها.

* تعرضت السعودية خلال العام المنصرم إلى عدة أزمات، كزلزال العيص، وإنفلونزا الخنازير، وكارثة جدة، كيف تعامل المجلس مع تلك الملفات الثلاثة، وإلى أين وصلت متابعته لهذه الموضوعات؟

- مجلس الشورى يولي القضايا المحلية أهمية كبيرة ويعطيها الأولوية، فقد اهتم بمرض إنفلونزا الخنازير، وشكل لجنة فرعية من لجنة الشؤون الصحية والبيئة لدراسة المرض وتداعياته، والجهود التي بذلت من قبل الجهات ذات الاختصاص، للحد من انتشار المرض، أما فيما يتصل بفاجعة السيول التي اجتاحت محافظة جدة في شهر ذي الحجة الماضي والوفيات التي نتجت عنها وما خلفته من أضرار مادية في الممتلكات والخدمات العامة، لم يكن وقعها سهلا على القيادة الرشيدة والمجتمع بشكل عام، ولعلنا نتذكر الموقف الحازم الذي اتخذه خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بضرورة محاسبة المتسببين في الكارثة، حيث شكل لجنة لتقصي الحقائق برئاسة سمو أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، للتحقيق في أسباب الكارثة وتقديم المسؤولين عنها للمحاكمة، ونحن في مجلس الشورى أولينا القضية ما تستحقه من الاهتمام بوصفها قضية تهم المجتمع بأكمله، وكلفت لجنة المياه والمرافق والخدمات العامة بدراسة الكارثة، وليس التحقيق فيها، لأن هذا من مهمة لجنة تقصي الحقائق التي شكلت بأمر ملكي، وإنما دراسة أسبابها والحلول الناجعة، حتى لا تتكرر الكارثة في جدة أو في غيرها من مدن المملكة ومحافظاتها.

* على ذكر كارثة جدة، تسربت أنباء عن وقف يد اللجنة المختصة في الشورى ببحث هذا الموضوع، فهل لكم أن تضعونا في صورة التطورات التي أدت إلى هذا الأمر؟

- كما ذكرت لك سابقا، مجلس الشورى يتعامل مع الكارثة على أنها قضية وطنية يبحث في أسبابها ووضع الحلول المناسبة لها، حتى لا يتكرر حدوثها في أي مدينة أو محافظة في مختلف مناطق المملكة، ولا يتعامل معها من باب البحث والتحقيق مع المسؤولين عن كارثة السيول في جدة، فهذه المسألة خاصة بلجنة تقصي الحقائق التي شكلها خادم الحرمين الشريفين، والمجلس مثلما ذكرت آنفا درس عبر اللجنة المعنية هذه الكارثة لمنع تكرار حدوثها.

* كان لخادم الحرمين الشريفين موقف صارم إزاء ما حدث في جدة جراء السيول التي ضربت المحافظة، وكان لكم إشادة قوية بمضامين الموقف الملكي، هل تعتقدون ضرورة تحول هذا القرار إلى برنامج عمل تقاس عليه الأحداث المستقبلية كافة التي قد تكشف قصورا في أداء الأجهزة الحكومية؟

- نأمل في أن يتحول الموقف الحازم لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز من كارثة السيول في جدة إلى برنامج عمل يتم التعامل به مع أي قصور لأي جهة كانت، سواء حكومية أو قطاع خاص في أداء الواجبات والمسؤوليات الخاصة بها حتى تسير الأمور فيها وفق النظام، وتؤدي خدماتها بشكل منتظم وتنفذ المشاريع التنموية وفق ما خطط لها. وهنا لا بد أن أشير إلى أهمية إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الفساد التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد التي أقرها مجلس الشورى بقراره رقم 4/3 في 13/3/1425هـ وصدرت الموافقة عليها من مجلس الوزراء في 1/2/1428هـ.

* خلال إعلان الميزانية العامة للدولة، صارح خادم الحرمين الشريفين وزراءه أمام الشعب بأن هناك مشاريع ضائعة لم تنفذ، واضعا بذلك الكرة في ملعب مجلس الشورى وبقية الأجهزة الرقابية للتدقيق وراء هذا الموضوع، فهل تعتزمون متابعة هذا الملف والرفع للملك برؤيتكم حوله؟

- المجلس يقوم بدوره الرقابي وفق صلاحياته بهذا الشأن، وعادة ما يحرص المجلس وأعضاؤه عند مناقشة تقارير الأداء السنوية للوزارات والأجهزة الحكومية على معرفة ما تم تنفيذه من المشروعات المعتمدة أو ما يواجهها من صعوبات للعمل معا على تجاوزها.

ومجلس الشورى يراقب أداء الأجهزة الحكومية سعيا لرفع كفاءة العمل وتحسين الأداء، فمن خلال دراسة التقارير السنوية لها، تتضح الرؤية للمجلس عن المشاريع التي تم تنفيذها أو التي ما زالت تحت التنفيذ، ويناقشها مع المسؤولين في تلك الأجهزة من خلال اللجان المتخصصة في المجلس التي تطلب الاجتماع بهم لمعرفة رؤيتهم عن تلك المشاريع والمعوقات التي تعيق تنفيذها وفق ما خطط لها، والمجلس يطالب في قراراته التي تصدر بشأن تلك التقارير بأهمية سرعة العمل على تنفيذ تلك المشاريع وفق الخطة الزمنية لها.

كما أن النظام منح المجلس بعض الآليات الرقابية مثل طلب المعلومات من الأجهزة الحكومية، إضافة إلى أن المجلس يقوم بين فترة وأخرى بزيارات إلى مقار بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية للاطلاع عن قرب على الأعمال والمنجزات التي تمت، والخدمات التي تقدم من جانب هذه القطاعات.

* كمجلس يمارس دورا رقابيا، كيف تنظرون إلى أداء الوزراء بشكل عام؟

- نحن في المجلس نقدر الجهود الحكومية كلها المبذولة في سبيل صياغة غد أفضل للوطن والمواطن، ولسنا بعيدين عن ملامسة كل ما يرجوه المواطن من أي مسؤول، سواء كان وزيرا في الحكومة أو مسؤولا حكوميا آخر، وننقل لهم بكل شفافية وموضوعية تطلعات المواطن وآماله، سواء أثناء المناقشات التي تجري داخل المجلس بحضور هؤلاء المسؤولين على مستوى جلساته العامة أو اجتماعات لجانه المتخصصة الـ13، أو من خلال ما نصدره من قرارات بعد أن تجري اللجان المتخصصة دراساتها ومناقشاتها لتقارير الأداء السنوية لكل جهة حكومية، وبناء على هذا تجرى المناقشات تحت قبة المجلس بسقف مرتفع وموضوعي لحرية إبداء الآراء من الأعضاء تجاه الأداء الحكومي مبتعدين - بالطبع - عن التقييم الشخصي أو التجريح لهذا المسؤول أو ذاك.

* هل العدد المحدود لطلبات مناقشة الوزراء تحت قبة الشورى، دليل على رضا المجلس عن أداء الحكومة؟

- لا أدري ما المقصود بالعدد المحدود لطلبات مناقشة الوزراء في سؤالك، لكن على كل حال فإن من المتعارف عليه في العمل البرلماني السائد في مختلف دول العالم أن عدم حضور مسؤولي الحكومة أمام المجلس أو البرلمان أو قلة عدد الماثلين أمامه مؤشر على أن هناك نوعا من الرضا من المجلس أو البرلمان عن أداء الحكومة، ثم إن مجلس الشورى، ولجانه المتخصصة، قد طلب خلال العام المنصرم حضور الكثير من الوزراء والمسؤولين في الحكومة سواء تحت قبته، أو لاجتماعات لجانه المتخصصة.

حضر للمجلس خلال السنة الأولى من الدورة الحالية معالي وزير الخدمة المدنية، ومعالي رئيس ديوان المراقبة العامة، إلى جانب حضور مديري الجامعات في المملكة وعدد من كبار المسؤولين ووكلاء الوزارات والمؤسسات الحكومية اجتماعات اللجان المتخصصة، ومثل هذه الاجتماعات تكاد تكون أسبوعية، يتم من خلالها نقاش جاد عن أداء تلك الوزارات والمؤسسات الحكومية.

* لماذا تحاط جلسة مناقشة وزراء الحكومة دائما بالسرية، على الرغم من أن نظام المجلس يتيح علانية الجلسات؟ فهل ترون مبررا لإبقاء الجلسات سرية؟ مع التقدير الكامل لدوركم في محاولة إحاطة الإعلام بأكبر قدر من تفاصيل الجلسة بعد انقضائها.

- في الوقت الذي تقدر فيه وسائل الإعلام دور المجلس في إحاطتها بأكبر قدر من تفاصيل جلسات اللقاء مع مسؤولي الحكومة إن لم يكن كامل الجلسة في قالب إعلامي مهني، كما أن الجلسة يتم بثها في التلفزيون وعبر الإذاعة، فإننا نقدر اهتمام مختلف وسائل الإعلام وحرصها على نقل وقائع جلسات المجلس بكل مصداقية.

وكما أن نظام المجلس يتيح علانية الجلسات، فإنه يسمح بتحويلها إلى جلسة مغلقة أمام وسائل الإعلام، وهذا الأمر تحدده طبيعة الموضوع المطروح للنقاش ومدى أهميته وصلته بالسيادة الوطنية.

ومن جانب آخر، فإن المجلس يطمح عند مناقشة الوزير أو المسؤول في الحصول على إجابات شفافة ومعلومات واضحة قد يتحرج المسؤول من إيضاحها أمام الإعلام، لأنها قد تكون قرارات بصدد الموافقة عليها أو مقترحات لا تزال قيد الدراسة، ونحن في المجلس نبني على شفافية الوزير أو المسؤول في المعلومات التي يدلي بها تحت القبة قراراتنا ورؤانا تجاه مختلف القضايا الوطنية.

* دائما ما يلام مجلس الشورى على تواضع دوره الرقابي على أداء أجهزة الدولة، فهل هذا يعود إلى الصلاحيات المحدودة للمجلس في ممارسة دوره المطلوب؟

- لعل المتابع لدور المجلس وحضوره يتفق معي في أن مجلس الشورى، وفق نظامه الحديث وصلاحياته، شريك في صناعة القرارات، وهذا ناتج للدعم الكبير الذي يلقاه المجلس من القيادة الرشيدة وتطلعاتها في ألا يكون دور المجلس في الرقابة على العمل الحكومي فحسب، وإنما في سن الأنظمة والتشريعات وتعديل الأنظمة واللوائح القائمة بما يحقق المصلحة العامة للوطن والمواطن.

أما من يلوم المجلس على ما سميته بتواضع دوره الرقابي، فأعتقد أنه غير متابع لأعمال المجلس، لأن المجلس يمارس دوره الرقابي من خلال دراسة ومناقشة خطط التنمية والتقارير السنوية للوزارات والمؤسسات الحكومية ويبحث القصور في أدائها السنوي أو في تنفيذ مشاريعها مع المسؤولين ذوي العلاقة فيها من خلال اللجان المتخصصة في المجلس التي تطلب حضور المسؤولين ومناقشتهم بهدف التعرف على رؤيتهم تجاه الملاحظات التي سجلها أعضاء اللجنة على أداء الوزارة أو المؤسسة الحكومية خلال عام التقرير، وتبني اللجنة توصياتها في تقريرها الذي ترفعه للمجلس على ما توصلت إليه من رؤى خلال مناقشة التقرير وحصيلة الاجتماعات التي عقدتها مع المسؤولين في الجهة المعنية.

* دائما ما يتكرر في الخطابات التي تخرج من رئاسة المجلس عند افتتاح أعمال كل سنة جديدة، مسألة توسيع الصلاحيات، غير أن تلك الخطابات لا تحدد ماهية الصلاحيات التي يطمح لها المجلس، فهل لكم أن تضعونا بها؟

- نحن في مجلس الشورى نشارك في الجهود التنموية والإصلاحية التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، بوصف مجلس الشورى أحد أركان السلطة التشريعية في الدولة، ويجد الدعم من القيادة الرشيدة وتتبنى الحكومة قراراته التي طالت مختلف أجهزتها، في سبيل تطوير وتحديث بنية الدولة وتعضيد أجهزتها، ومن المعروف أن المجالس البرلمانية من المؤسسات المهمة في الدولة التي تعمل على تعزيز خطى التحديث والتطوير والنهوض بالبلاد في مختلف المجالات.

وإننا على يقين بأن ما قدم للمجلس من خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين والنائب الثاني وحكومتنا الرشيدة، سيمكن مجلس الشورى من تحقيق التطوير بما يتفق مع تطور العصر ومتغيراته وبشكل متدرج، بما يحافظ على استقرار المجتمع ويحقق التكامل والتوازن بين السلطات الثلاث، ولعلي أقول لك بشكل مباشر إن الممارسة الشورية في المملكة العربية السعودية شهدت خلال الأعوام الماضية تطورا وتناميا في الدور التشريعي والرقابي الذي يقوم به مجلس الشورى.

* كان لمجلس الشورى موقف إيجابي من ضرورة تمكين ديوان المراقبة العامة من فحص الحساب الختامي للدولة، فهل ترون أن تعطيل هذا الحق يسهم في تعزيز عدم إحكام السيطرة على المال العام؟

- موقف المجلس هذا نابع من إحساس وطني بضرورة إيجاد جهة يدعمها النظام لتقوم بهذه الوظيفة على أتم وجه، من دون التقليل من الجهود المبذولة حاليا من وزارة المالية، وليس من الواضح بحسب ما نلمسه من خلال مناقشاتنا لما يردنا من تقارير الأداء الحكومي أن ثمة تعطيلا لإحكام السيطرة على المال العام، والمؤشرات الحالية جميعها تبين أن العمل الحكومي بات يتمتع بالكثير من الشفافية والحوكمة في المجالات جميعها، وهذا الأمر من متطلبات انضمام المملكة إلى منظمة التجارة العالمية، وقبله الامتثال لما قررته الشريعة الإسلامية وأنظمة المملكة النابعة منها.

* ما الموقف العام من تعيين المرأة عضوا متفرغا في مجلس الشورى؟ وهل تعيين مستشارات للمجلس كاف من وجهة نظركم للتصدي للكثير من القضايا التي تهم المرأة السعودية؟

- تعيين المرأة عضوا كامل العضوية في المجلس أمر يقرره ولي الأمر متى ما رأى أن هناك مصلحة عامة سيحققها ذلك. ومجلس الشورى لديه حاليا اثنتا عشرة مستشارة غير متفرغة في المجلس، ولا تقتصر مشاركة المستشارات على قضايا المرأة فحسب، وإنما تشمل قضايا المجتمع كلها، التعليمية والصحية والاجتماعية وغيرها، حيث تحال إليهن الموضوعات ذات العلاقة بالمرأة، وبعض الموضوعات والتقارير التي هي أقدر على مناقشتها حسب خبرتها وتخصصها. كما أن من مهامهن تقديم الرأي عند طلبه من لجنة أو عضو، أو تقديم الرأي فيما يعرض على المجلس دون طلب ذلك منها، أو تقديم الرأي بناء على ما تلمسه المستشارات من أمور تهم الوطن والمواطن، إضافة إلى المشاركة في اجتماعات اللجان المتخصصة عن طريق الدائرة التلفزيونية المغلقة للنقاش حول ما تتناوله اللجان من مواضيع.