نزوح 250 عائلة مسيحية عراقية عن الموصل.. وحزب بارزاني ينفي استهدافهم

مظاهرات للمسيحيين استنكارا لأعمال العنف التي طالتهم.. ودعوات لتمكينهم من حماية أنفسهم

TT

تظاهر مئات المسيحيين العراقيين أمس استنكارا لأعمال عنف طالتهم في الآونة الأخيرة في الموصل، مركز محافظة نينوى، التي تشهد نزوحا جماعيا للمسيحيين منها إلى بلدات في سهل نينوى خوفا من استهدافهم.

وتجمع متظاهرون في ساحة الفردوس ببغداد بدعوة من منظمات مسيحية ومدنية. ورفعت خلال المظاهرة لافتات بينها «أوقفوا قتل المسيحيين العراقيين على هويتهم في الموصل». وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال المطران سليمون وردوني، معاون بطريرك الكلدان في العالم الذي شارك في المظاهرة «نخشى قيامهم بتسييس الأمر والسعي لزجنا تجاه أطراف دون أخرى في هذه الهجمات التي تزامنت مع الحملة الانتخابية». وأضاف «نحن أحرار، وسننتخب من نؤمن بكفاءته وبقدرته على بناء العراق».

وحمل وردوني الحكومة العراقية مسؤولية وقوع هذه الأعمال، قائلا إن «الحكومة لم تفعل شيئا حتى الآن». وتابع «نحمل الأمم المتحدة ودول العالم والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي ذلك، فعليهم الدفاع عن حقوق الإنسان، خصوصا المسيحيين في الموصل». ورفع عدد من المتظاهرين أعلام العراق على أكتفاهم، فيما حمل آخرون لافتات ورقية صغيرة كتب على إحداها «للمسيحيين دور كبير في بناء حضارة العراق».

وطالب المتظاهرون في بيان تلاه أحد المنظمين «الحكومة بالتدخل الفوري لمعالجة الأزمة وإيقاف نزيف الدم في الموصل» و«اعتقال مرتكبي هذه الجرائم، وكشف التحقيقات التي أجريت في الجرائم السابقة» و«تشكيل وحدات عسكرية من أبناء المسيحيين، لحماية المناطق المسيحية». كما طالب المتظاهرون بـ«إنشاء جامعة في سهل نينوى لأبناء الطائفة المسيحية الذين أرغموا على التوقف عن الدراسة بسبب التهديدات المتواصلة». وقتل رجل وولداه من طائفة السريان الكاثوليك في 23 من الشهر الماضي، في منزلهم ليرتفع عدد المسيحيين الذين قتلوا في هذه المدينة منذ 14 فبراير (شباط) الماضي إلى ثمانية.

إلى ذلك، أعلن المسؤول في الحركة الآشورية دريد زرما أمس الأحد نزوح 250 عائلة مسيحية تاركة منازلها في مدينة الموصل باتجاه سهل نينوى، فيما نفى الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني الاتهامات الموجهة ضده باستهداف المسيحيين.

وقال زرما لوكالة الأنباء الألمانية «د.ب.أ» إن «نحو 250 عائلة مسيحية نزحت من مدينة الموصل باتجاه قضاء الحمدانية وناحية برطلة والقوش وقرقوش». وأضاف زرما أن «تردي الظروف الأمنية وقتل المسيحيين على الهوية واختطافهم من بيوتهم أبرز الأسباب التي دفعتهم إلى الهجرة باتجاه مدن وبلدات ذات غالبية مسيحية».

من جهته، نفى مسؤول قسم العلاقات بالحزب الديمقراطي الكردستاني، غازي فرمان، الاتهامات الموجهة ضد الأكراد وقوات البيشمركة من قبل أطراف عربية بالوقوف وراء استهداف المسيحيين بالموصل. وقال فرمان لـ«د.ب.أ» إن «هذا الاتهام باطل، فالذين يتعرضون للقمع في الموصل يضطرون إلى اللجوء إلى إقليم كردستان أو سهل نينوى، وهذا طبعا تحت سيطرة قوات البيشمركة، فإذا كانت الأحزاب الكردية تقف وراء هذه الاغتيالات والأعمال الشنيعة ضد المسيحيين، فلماذا يختار المسيحيون الإقليم أو سهل نينوى ملاذا آمنا لهم؟».

وأشار فرمان إلى أن «هذه الاتهامات تندرج ضمن الحملة الإعلامية، وتستغل من قبل البعض للدعاية الانتخابية»، متهما تنظيم القاعدة والبعثيين ومن وصفهم بالعصابات بالترويج لهذه الشائعات ضد الأكراد.

وتظاهر أمس أكثر من 2500 مواطن مسيحي في مناطق الحمدانية والقوش، حاملين لافتات تندد بأعمال الاغتيالات والاختطاف التي تطال المواطنين المسيحيين في الموصل والتي أخذت في الاتساع خلال الشهر الماضي، وطالبوا الحكومة العراقية بالتدخل الفوري لحماية المسيحيين من بطش الجماعات المسلحة. ورافق هذه المظاهرات التي أشرف على تنظيمها عدد من رجال الدين المسيحيين في الموصل تنظيم إضراب عام والتوقف عن الدوام في المؤسسات والمدارس.

وفي سياق متصل طالب البابا بنديكتوس السادس عشر أمس السلطات العراقية بحماية «الأقليات الدينية الأضعف» في البلاد. وقال البابا أمام مسيحيين عراقيين رفعوا علم بلدهم في ساحة القديس بطرس في الفاتيكان: «تبلغت بحزن كبير أخبار قتل عدد من المسيحيين في مدينة الموصل مؤخرا». وأضاف: «في هذه المرحلة السياسية الدقيقة التي تجتازها البلاد، أدعو السلطات المدنية إلى بذل كل الجهود الممكنة لضمان أمن السكان، لا سيما الأقليات الدينية الأكثر ضعفا».