إيران: سنقوم بكل ما هو ضروري لضمان استقلالنا نوويا.. وقادرون على قطع الطاقة عن أوروبا

كلينتون تستغل زيارتها إلى أميركا اللاتينية للتحشيد لمزيد من العقوبات

TT

فيما أكد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي أن بلاده «ستقوم بكل ما هو ضروري» في برنامجها النووي للتحقق من استقلاليتها العلمية والتكنولوجية، هدد مسؤول عسكري إيراني كبير أن بإمكان طهران أن تجعل الدول الأوروبية تعاني بقطع إمدادات الطاقة كما يمكن أن تضرب أي عدو بصواريخها.

وقال خامنئي خلال لقاء مع سفراء الجمهورية الإسلامية المجتمعين في طهران، إن «بعض تدابير الوكالة وتقاريرها تدل على أنها غير مستقلة». وأضاف «ينبغي أن لا تتأثر الوكالة بالولايات المتحدة أو بدول أخرى مثل بريطانيا وإسرائيل التي تروج لأكاذيب»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأوضح أن «الجمهورية الإسلامية حققت إنجازات عدة في المجال النووي رغم كل الضغوط وستقوم بكل ما هو ضروري للتوصل إلى استقلالية علمية وتكنولوجية في هذا المجال».

وتزامنت تصريحات خامنئي مع تحذيرات حسين سلامي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، من أن إيران قادرة على قطع إمدادات الطاقة عن أوروبا.

وإيران من أكبر مصدري النفط والغاز في العالم لكن اقتصادها يعاني وسط الأزمة المالية العالمية ونبذها على المستوى الدولي بسبب الخلاف النووي.

ونقلت «وكالة أنباء فارس» عن سلامي قوله في اجتماع مع محاربين قدماء ومتطوعين في كرمان «إيران لديها 50 في المائة من طاقة العالم.. وإذا ما قررت فسيكون على أوروبا أن تمضي الشتاء في البرد». وأضاف أن «صواريخنا قادرة الآن على استهداف أي بقعة يوجد بها المتآمرون.. وتحقق البلاد إنجازات في كل المجالات».

واختبرت إيران عددا من الصواريخ في السنوات القليلة الماضية يمكن استخدامها في أي حرب مع خصمها اللدود إسرائيل. ويقول محللون إن إسرائيل قد تحاول توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية.

وعلى صعيد متصل، كان من المقرر أن تبدأ في وقت لاحق أمس هيلاري كلينتون جولتها إلى أميركا اللاتينية للعمل على تحسين صورة الولايات المتحدة في المنطقة. والبرازيل هي محور رحلة كلينتون التي تستغرق خمسة أيام وستستغل زيارتها إلى هناك سعيا لحشد التأييد للحملة الجارية في مجلس الأمن لفرض عقوبات جديدة على إيران بسبب برنامجها النووي. وتحجم البرازيل وهي عضو غير دائم في المجلس عن اتخاذ موقف مشدد من إيران.

وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي سيرأس فيه الياباني يوكيا أمانو، هذا الصباح بالعاصمة النمساوية فيينا، أول اجتماع يعقده مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، منذ توليه منصب مديرها العام أول ديسمبر (كانون الأول) 2009 وذلك بعد 12 عاما أو ثلاث دورات متتالية كانت فيها الوكالة تحت إدارة المصري، حامل نوبل للسلام، الدكتور محمد البرادعي.

وعلى قمة أجندة أعمال اجتماع اليوم بمقر الوكالة الدولية، الذي يتوقع أن تمتد جلساته حتى نهاية الأسبوع، قضية الملف النووي الإيراني. هذا الملف الذي لم يتزحزح عن صدارة اهتمامات مجلس المحافظين منذ أكثر من ست سنوات. ولا يزال يمثل القضية الأكثر جدلا والأكثر متابعة وملاحقة وخضوعا لعمليات تفتيش وتحر من قبل المفتشين الدوليين. وفيما خمدت قضية الملف النووي الكوري الشمالي بانسحاب حكومة بيونغ يانغ من الوكالة أواخر عام 2002 وطردها المفتشين النوويين ونزع كاميراتهم وأختامهم وفك شموعهم الحمراء، فقد لحق بالملف النووي الإيراني على صدارة اهتمامات مجلس المحافظين الملف النووي السوري، الذي لا يزال بدوره مطروحا للنقاش وتتناثر بسببه اتهامات وقلق دولي مغبة أن يكون للنشاط النووي السوري أذرع عسكرية كما تنتاب اتهامات مماثلة وبصورة أكبر الملف النووي الإيراني.

هذا وكان أمانو، وكما انتهج سلفه، قد استبق اجتماع مجلس المحافظين أو الأمناء برفع تقريرين منفصلين ومفصلين عن آخر تطورات كل من الملف النووي الإيراني والملف النووي السوري. مبينا ما وصلته مسيرة التعاون بين الوكالة وكل من البلدين، مركّزا على أن مسارات التقدم وأوجه القصور والقضايا والمسائل التي لا تزال عالقة تتطلب مزيدا من المعلومات وإتاحة الفرص للتقصي والتحقيقات. مطالبا كلا من الدولتين بالمسارعة بتطبيق البروتوكول الإضافي الذي من دونه لن تتمكن الوكالة من الحركة بحرية أوسع وفجائية أكبر لإكمال مهامها.

وفي تفصيل أدق ركز تقرير أمانو فيما يخص قضية الملف النووي الإيراني على أن إيران تعكف على إنتاج رأس حربي نووي. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه أول مرة تستخدم فيها الوكالة هذه الصيغة.

في جانب آخر أكد التقرير أن إيران أنتجت أول دفعة من اليورانيوم المخصب لمستوى أعلى وصل إلى نسبة 20% مبديا استياء كون أن المهندسين الإيرانيين لم يعطوا المفتشين الدوليين الإخطار المسبق اللازم وأنهم قد بدأوا في مزاولة بعض الأنشطة قبل أن يتاح للمفتشين الوقت ليضعوا على نحو مناسب الأختام والكاميرات.

في سياق مواز كشف التقرير الذي جاء في 10 صفحات ونشرته «الشرق الأوسط» كاملا عن أعمال مرتبطة بمتفجرات نووية وكشف النيترونات التي يمكن أن تستخدم في الأغراض العسكرية.

أما فيما يختص بالتقرير الخاص بقضية الملف النووي السوري فقد ذكر التقرير أن سورية رفضت عقد اجتماع طلبته الوكالة لبحث مسألة جزيئات اليورانيوم بشري الصنع التي عثر عليها المفتشون الدوليون بعد عملية تفتيش روتينية لمفاعل الأبحاث بالقرب من دمشق لم ترد ضمن الجردة السورية المعلنة مما يثير مخاوف لدى الوكالة أن يكون لهذه الجزيئات صلة بما سبق اكتشافه من آثار تلوث ببقايا ركام مفاعل الكبر بمنطقة دير الزور الذي تعرض 2007 لهجوم إسرائيلي دكه وحوله إلى ركام بدعوى أنه مفاعل نووي أوشكت سورية على أن تنجح في إنشائه بمساعدة كورية شمالية. ولم تتيقن الوكالة حتى الآن مما كان يدور فيه من أنشطة.

هذا وفيما تتوقع متابعات «الشرق الأوسط» أن يبدأ المجتمعون عصر الأربعاء مناقشة الملف النووي السوري وذلك بعد أن يكملوا مناقشة إجراءات إدارية تتعلق بميزانية الوكالة وما تجابهه هذه المؤسسة ذات الأهمية والتخصص الدولي النادر من مشاكل مالية تحد من مقدرتها على الاضطلاع بدورها كاملا لا سيما تقديم المساعدات الفنية التقنية للمحتاجين من دولها الأعضاء للاستخدامات الآمنة للذرة بجانب مراقبة الأنشطة غير الآمنة مما يتحتم معه ضرورة توسعها وتجديدها وتقوية إمكاناتها البشرية والعينية. ثم يتم بعد ذلك نقاش قضية الملف النووي الإيراني ليدلفوا من ثم للملف النووي السوري الذي تشير مصادر إلى أنه سيتأثر كثيرا بمستجدات منها الرفض السوري الرسمي لاستقبال فريق من المفتشين النوويين لطلعة روتينية كان تقرير المدير العام قد حدد موعدها بيوم 23 الماضي لتفاجأ الوكالة برسالة سورية رسمية بتاريخ 18 منه تعلن اعتذار سورية عن عدم استقبال المفتشين بدعوى أن التوقيت غير مناسب لا سيما أن سورية تستعد لاجتماع مجلس المحافظين.

أضف إلى ذلك تداعيات ما ظهر من تقارب سوري إيراني صعّدت منه الزيارة الأخيرة التي قام بها قبل يومين فقط الرئيس الإيراني أحمدي نجاد إلى دمشق. وكان أكثر من مصدر دبلوماسي عربي وغربي قد أشار في تعليقات خاصة لـ«الشرق الأوسط» متوقعا أن تنعكس آثار القلق والمخاوف الغربية من نتائج زيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق وما أظهرته من تقارب وتنسيق بين الدولتين، على مسار وقائع الأحداث داخل اجتماعات مجلس أمناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

مشيرين على وجه الخصوص إلى التعليق الذي أدلى به الرئيس السوري بشار الأسد بمعية الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في المؤتمر الصحافي الذي عقده الرئيسان معا على هامش الزيارة. إذ حدد الرئيس السوري القضايا النووية التي يواجهانها في قوله «الموضوع مخطط متقن يمنع على الدول الإسلامية من أن تمتلك هذه التكنولوجيا أو ربما غيرها من التكنولوجيات.... يعني حق المعرفة ممنوع علينا. القضية في هذا الإطار وليس أي إطار آخر. وما سيطبق على إيران اليوم سيطبق على كل الدول لاحقا».

في سياق مواز أمنت مصادر في حديثها لـ« الشرق الأوسط» أن الولايات المتحدة وإن كانت تخطط لتحسين علاقاتها الدبلوماسية مع سورية وإعادة سفيرها إلى دمشق إلا أنها - وبدلالة كل المؤشرات - لن تتغاضى مطلقا عن تقارب نووي سوري - إيراني.