البشير يدشن حملته الانتخابية بالجنوب: حسمنا خلافاتنا مع الحركة الشعبية

الأمم المتحدة تخشى مقتل المئات في اشتباكات دارفور.. والجيش السوداني ينفي ويتهم المتمردين بالتحرش بالسكان

عمر البشير خلال مسيرة لحملته الانتخابية في الخرطوم (أ.ف.ب)
TT

دشن الرئيس عمر البشير أمس حملته الانتخابية للسباق الرئاسي في الجنوب من مدينة توريت الشهيرة، التي شهدت انطلاق شرارة التمرد، محذرا في لقاء حاشد في ميدان رئيسي بالمدينة من «تخريب اتفاق السلام بين الشمال والجنوب»، وقال: «من يمد يده لتخريب السلام سنقطعها له». في وقت عبرت فيه الأمم المتحدة، أمس، عن خشيتها من مقتل مئات المدنيين في دارفور خلال اشتباكات بين الجيش السوداني والمتمردين.

وأعلن البشير في خطاب جماهيري أن حزبه (المؤتمر الوطني) والحركة الشعبية حسما القضايا العالقة بينهما في اتفاق السلام، المعروف باتفاق نيفاشا. وقدم البشير بزيارته إلى توريت رمزية بانتهاء الحرب بين الشمال والجنوب، باعتبار أن توريت تاريخيا هي المدينة التي انطلقت منها شرارة التمرد على الشمال في 18 أغسطس (آب) عام 1955، كما تعتبر المدينة التي شهدت أشرس المعارك بين الطرفين إبان سنوات الحرب الطويلة. وقال البشير وسط هتافات من أنصاره في المدينة إن حزبه حسم كافة القضايا العالقة مع الحركة الشعبية، مثل: قضية نتيجة الإحصاء السكاني الذي قضى بزيادة حصة الجنوب في دوائر البرلمان بعدد 40 مقعدا إضافيا لها في البرلمان القومي، وشرح أن العمل يسير وفق ما تم الاتفاق عليه حول قضية ترسيم الحدود، وأضاف: «بعد اليوم ليس لدينا قضايا عالقة مع الحركة الشعبية».

وشدد البشير على ضرورة تأمين الحدود مع الدول المجاورة حتى تصبح مكانا لتداول المنافع المشتركة، وتعهد بالمضي قدما في «مسيرة الإعمار والتنمية»، مشيدا بالجهود الجارية بإعادة تأهيل خط حديد واو، والعمل على إيصاله حتى جوبا، ومن ثم كينيا وأوغندا». واعتبر البشير الانتخابات التي ستجرى في أبريل (نيسان) المقبل تعد إحدى مطلوبات اتفاقية السلام، وجدد حرص حزبه المؤتمر الوطني على تحقيق وحدة السودان مع احترام رغبة الجنوبيين في استفتاء يناير (كانون الثاني) 2011.

وألقى البشير خطابا مماثلا في مدينة جوبا، عصر أمس، أكد خلاله أنه «لا عودة إلى الحرب مرة أخرى بين شقي البلاد». وسيواصل البشير، الذي يرافقه حشد من قيادات حزبه، زيارته للجنوب اليوم لتشمل عددا من المواقع في غرب الاستوائية. وكان حزب البشير أعلن أنه انسحب من المنافسة في السباق الانتخابي لمنصب رئيس حكومة جنوب السودان لنائبه الأول رئيس الحركة الشعبية سلفا كير ميارديت، غير أن الحركة الشعبية تشككت في الخطوة وقالت إن حزب البشير تنازل لخصمها حزب الحركة الشعبية التغيير الديمقراطي الذي رشح زعيم الحزب الدكتور لام أكول للمنصب.

إلى ذلك قال مصدر بالأمم المتحدة أمس إنه يخشى أن يكون مئات المدنيين في دارفور قتلوا في اشتباكات بين الجيش السوداني والمتمردين. ونفى متحدث باسم الجيش السوداني وقوع أي قتال في منطقة جبل مرة الجبلية في دارفور واتهم المتمردين بالتحرش بالسكان ومهاجمتهم. وشابت تقارير عن اشتباكات على مدى الأسبوع الماضي إعلان الخرطوم عن مسعى جديد للسلام في المنطقة وجاءت قبل ما يزيد قليلا عن شهر من موعد الانتخابات العامة.

وقال مصدر الأمم المتحدة لـ«رويترز»: «نعتقد أن هناك عددا متزايدا من الضحايا.. التقدير الأدنى هو نحو 140. التقدير الأعلى يقترب من 400». وأوضح أن هذه الأرقام تتعلق بالوفيات بين المدنيين. وذكر المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن ما يزيد على 40 ألف مدني فروا من القتال بين قوات الحكومة ومتمردي جيش تحرير السودان الذي دار في الفترة الأخيرة حول بلدة دريبات. وأضاف المصدر: «بالنسبة لنا أهم شيء الآن هو الوصول للمنطقة». وتابع أن عمال الإغاثة ووكالات تابعة للأمم المتحدة منعوا من دخول جبل مرة بسبب القتال الدائر والتهديد بهجمات عصابات على طواقمها. وقال سليمان مرجان القائد الميداني لجيش تحرير السودان لـ«رويترز» إن الغارات الحكومية قتلت 170 مدنيا على الأقل حول دريبات على مدى الأيام العشرة الماضية، كما قتل المزيد في مناطق أخرى. ومن جهته، قال المتحدث باسم الجيش لـ«رويترز»: «ليس هناك اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات حركة عبد الواحد». وعبد الواحد محمد نور هو زعيم أحد فروع جيش تحرير السودان المتمرد.

وأعلن الرئيس السوداني عمر حسن البشير انتهاء الحرب في دارفور يوم الأربعاء الماضي، وأعلن إطلاق سراح 57 متمردا كانوا محتجزين بعد التوصل إلى تسوية مبدئية مع حركة العدل والمساواة، وهي حركة التمرد الأقوى في دارفور. ووقعت حكومة البشير اتفاقا في الدوحة يوم الثلاثاء الماضي يلزم السودان بالتوصل إلى اتفاق سلام نهائي مع حركة العدل والمساواة بحلول 15 مارس (آذار) الجاري. لكن فصيل عبد الواحد في جيش تحرير السودان وجماعات متمردة أخرى رفضت الاتفاق، مطالبة بإقرار الأمن على الأرض قبل بدء المحادثات.