اتصالات عربية ـ دولية ـ إقليمية عجلت إطلاق الحوار حول سلاح حزب الله

دول غربية طالبت بالعودة إليه وضبط الحدود.. والغائبون عن «الطاولة» يعترضون

TT

كشفت مصادر دبلوماسية عربية لـ«الشرق الأوسط» عن اتصالات جرت بين دول عربية معنية بالملف اللبناني مع الولايات المتحدة، نجمت عنها اتصالات أميركية مع دمشق وبيروت وتل أبيب هدفت إلى «ضبط» الوضع الأمني في المنطقة، وإبعادها عن حافة الحرب التي أوحت التطورات الأخيرة بالاقتراب منها، فيما أشارت مصادر غربية في بيروت إلى أن هذه الاتصالات هدفت إلى «احتواء التوتر» في أعقاب الإعلان غير المباشر عن «تحالف دمشق» الذي ضم الرئيسين السوري بشار الأسد، والإيراني محمود أحمدي نجاد، والأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

وأشارت المصادر إلى أن الاتصالات مع الجانب اللبناني هدفت إلى إعادة إطلاق عجلة الحوار الوطني حول سلاح حزب الله كإشارة لبنانية إلى «جدية» البحث في هذا الملف الذي يثير قلق المجتمع الدولي، أما الإطار الثاني، فكان الطلب إلى لبنان التشدد في عملية مراقبة الحدود، ومنع تهريب الأسلحة، التزاما بالقرار الدولي 1701 الذي صدر لوقف الحرب الأخيرة في عام 2006 بين إسرائيل وحزب الله.

أما في الداخل اللبناني، فقد كان لإطلاق هيئة الحوار بصيغتها الجديدة وقع غير إيجابي على الفرقاء الذين استثنوا منها، بالإضافة إلى ملاحظات لفريق «14 آذار» حول «الصفة التمثيلية» لبعض من أدرجت أسماؤهم في لائحة المتحاورين. علما أن مصادر وزارية قريبة من رئيس الجمهورية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن جلسة الحوار الأولى قد تكون الأسبوع المقبل، مشيرة إلى أن الرئيس سليمان يدرك تماما إمكانية وجود «ملاحظات» على الأسماء، لكنه انطلق من قاعدة اعتمدها منذ إطلاق طاولة الحوار السابقة، ولا يزال لجهة تمثيل كل كتلة يتجاوز عدد نوابها الأربعة نواب، بالإضافة إلى وجود رؤساء الحكومات السابقين الذين يحملون الصفة النيابية، ونائب رئيس مجلس النواب، ونائب رئيس الحكومة، الذي هو في الوقت نفسه وزير الدفاع، والأولى بأن يكون ممثلا في هيئة تبحث موضوعا من صلب اختصاصه، أما في ما خص مشاركة البروفيسور فايز الحاج شاهين، فهو يمثل المجتمع المدني، ومتمرس في الحقوق والعلوم السياسية.

واستغرب وزير العمل بطرس حرب قرار استبعاده من هيئة طاولة الحوار، رافضا القيام بأي اتصال لتعديل هذا القرار لأسباب باتت معروفة، كما قال. وأعلن أنه «لم يعد مؤمنا بجدوى انعقاد طاولة الحوار، لأنها تحولت إلى إطار للتطمين والتخدير، وليس إطارا للحل»، مشيرا إلى «المواقف التي صدرت عن بعض فرقاء الطاولة، والتي اعتبرت أن الطاولة لن يصدر عنها أي جديد». واعتبر أن إخراجه من طاولة الحوار قد يكون عقابا له لتمسكه بالدستور.

وفي زحلة التقى فريقا الأقلية والأكثرية على رفض تمثيل المنطقة بالبروفيسور شاهين، فاعتبر النائب والوزير الأسبق إلياس سكاف «8 آذار» أن «طاولة الحوار لن تحل المشكلات وقد تحولت إلى فولكلور»، متسائلا: «لماذا وجودها ما دامت كل الأمور لا تحل إلا بتوافق إقليمي». وإذ أخذ على الرئيس ميشال سليمان «وجوب درسه أكثر لأهمية التمثيل الكاثوليكي ولا يتبرر بأنه محشور بالمقاعد»، رأى أن: «على الحكَم أن يكون عادلا». وأبدى خشيته «من مؤامرة على مدينة زحلة»، موضحا أنهم «يريدون كسرها، وجرحي كبير لأنهم يغيبون طائفة بكاملها». وأعلن عضو كتلة «نواب زحلة» (14 آذار) النائب جوزيف معلوف أنه فوجئ بتشكيلة هيئة الحوار الوطني، وبالتوضيح الصادر عن رئاسة الجمهورية في الصحافة، وهو توضيح غير دقيق، وقال: «الملفت أن زحلة، مدينة وقضاء، غير ممثلة اليوم على طاولة الحوار». وتعليقا على عدم إدراج اسمه ضمن هيئة الحوار الوطني، قال نائب حزب «البعث» عاصم قانصو: «حاولت بعد ظهر (أول من) أمس الاتصال بفخامة الرئيس ميشال سليمان ووضعه بالمستجدات، ولكن لم أتلق جوابا، وأتمنى أن يكون هذا الخطأ (غلط تليفوني)». وأضاف: «أولا نحن كنواب بعلبك الهرمل العشرة لم نمثل، إذا كنا نتكلم مناطقيا، وإذا كنا نتكلم طائفيا أصبحت الطائفة الشيعية ممثلة بشخصين، بينما الطائفة الأرثوذكسية ممثلة بثلاثة». وأعرب عن أمله أن يتم التعديل في هذا الموضوع، وإلا سيكون هناك مواقف مضادة. وسأل: «لماذا الطائفة العلوية ستكون خارج طاولة الحوار والأقليات أيضا؟». وأضاف: «لا نتوقع أي نتيجة من طاولة الحوار، لأنه على ماذا سنحاور بعضنا، إذا كان هناك ممن يطالب بنزع سلاح المقاومة، يعني تجريد حزب الله من ثيابه ومن ثيابنا».

وفي الإطار نفسه أكد مسؤول العلاقات السياسية في الحزب «العربي الديمقراطي» رفعت علي عيد أن «الحزب وجه كتابا مفتوحا إلى الرئيس ميشال سليمان في موضوع المشاركة في طاولة الحوار لا سيما أننا كطائفة (علوية) نحن نوجد في لبنان قبل وجود لبنان».

وأضاف: «إذا كان المعيار عدديا فالطائفة العلوية هي في العدد كنصف الطائفة الأرمنية التي لديها ممثلان، لذا يجب أن يكون لدينا ممثل واحد».

ورأى عضو «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا أن «طاولة الحوار فضفاضة، ولا تساعد على الوصول إلى نتائج علمية وجدية، مشيرا إلى أنه «كان بالإمكان اختصارها عدديا مع احترامنا للتمثيل السني، وإذا كانت الطاولة ستضمن 19 شخصا ومع رئيس الجمهورية ميشال سليمان 20 فسنأخذ أسابيع للمناقشة في حال أراد أي شخص إعطاء رأيه». ولفت زهرا إلى أن المشاركة العربية ضرورية لأننا نتكلم عن استراتيجية هي جزء من المنظومة العربية لمواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، وهناك مسؤولية عربية مشتركة لهذه المواضيع، ولا يمكن الإطاحة بالإجماع العربي. وآمل أن يتقدم حزب الله بشيء جديد هذه المرة، مشيرا إلى أنه «ليس صحيحا أن إسرائيل تملك وحدها قرار الحرب، بل هناك إيران تمتلك أيضا هذا الأمر، وسورية في بعض الوقت».

ولفت عضو كتلة حزب الله النائب نواف الموسوي إلى أن «الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله دعا منذ فترة إلى إعادة النظر في تركيبة طاولة الحوار» مشيرا إلى أن «التعديل الذي قام به الرئيس سليمان تعديل ضروري، حيث إن هناك قوى يجب أن تكون مشاركة والأسماء لها حيثيتها وتمثيلها». ورأى الموسوي أن «الموضوع ليس عدديا لأنه لا تصويت في طاولة الحوار، بل الموضوع هو أن هناك قوى سياسية معينة موجودة، وقد يكون هناك قوى غير مشاركة، ولكن لها من يمثلها على الطاولة، وأعتقد أننا سنسمع اعتراضات من الجانبين»، وقال: «لا أظن أن هناك فريقا سيقاطع طاولة الحوار، ومقاطعة الحوار تعتبر خطوة في وجه رئيس الجمهورية». وأبدى الموسوي رفضه مشاركة الجامعة العربية في الحوار مبديا تساؤله: «لماذا لا نأتي بالأمم المتحدة وكل الجمعيات العالمية للمشاركة في طاولة الحوار؟ وإذا كانت إيران وسورية ممثلة على طاولة الحوار، كما يقولون، فمن يمثل الأميركيين؟».