مدير وكالة الطاقة الذرية يتهم إيران وسورية بإعاقة عمل الهيئة الدولية

رسالة إيرانية مفتوحة تنتقد «فقدان الصدقية» لدى واشنطن وباريس وبرلين إزاء ملفها النووي

السفير الإيراني لدى وكالة الطاقة الذرية، علي أصغر سلطانية، خلال وصوله إلى اجتماع لأمناء الوكالة في فيينا أمس (رويترز)
TT

جدد الياباني يوكيا أمانو، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في أول بيان افتتاحي له أمام اجتماع لمجلس محافظي الوكالة، صباح أمس في فيينا، اتهام إيران وسورية بعدم التعاون مع الوكالة تعاونا كاملا، الأمر الذي يعيق الوكالة عن قيامها بمهامها كاملة، والتحقق من تطبيق اتفاقات الضمان الموقعة بينها وبين البلدين المذكورين، داعيا إياهما إلى مساعدة الوكالة بتقديم كل ما تحتاجه من معلومات ووثائق.

وأشار أمانو بوضوح تام إلى أن الوكالة لا تزال غير متيقنة من طبيعة الأنشطة التي كانت تتم بمفاعل الكبر بمنطقة دير الزور السورية، وسبب وجود آثار لليورانيوم البشري الصنع التي اكتشفها المفتشون في المفاعل البحثي بدمشق، الأمر الذي لم يمكن الوكالة من تحقيق أي تقدم منذ الزيارة التي قام بها المفتشون للموقع 2008.

وأوضح أمانو أن إيران لا تزال غير ملتزمة بتنفيذ قرارات مجلسي الأمن ومجلس الأمناء، التي تدعوها لتطبيق البرتوكول الإضافي، وتلك التي تحثها على التعاون مع الوكالة للتحقق من أن النشاط النووي الإيراني ليس لأغراض عسكرية.

وفي سياق آخر، أكد أمانو أن الوكالة لا تزال تعمل من أجل تمكين إيران من الحصول على الوقود النووي، الذي تحتاجه لأغراض إنسانية تتمثل في مواصلة تشغيل مفاعل طهران للأبحاث، واصفا مسودة الاتفاق التي اقترحها سلفه، الدكتور محمد البرادعي، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتوفير هذا الوقود عن طريق شحن إيران لـ1200 كيلوغرام مما خصبته من يورانيوم إلى روسيا لتعلية تخصيبه، ومن ثم إلى فرنسا لتحويله إلى وقود نووي، بأنها متوازنة وعملية، مشيرا إلى أن الوكالة لا تزال تحافظ عليها كفرصة يمكن للأطراف المختلفة الاتفاق عليها وتنفيذها.

وقال أمانو إنه يدرس كذلك فحوى الطلب الإيراني القاضي بأن يتم التسليم والتسلم في الوقت نفسه، وداخل الأراضي الإيرانية، رافضا في معرض رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» في المؤتمر الصحافي الموسع، الذي عقده عقب الجلسة الأولى، أن يحدد المدة التي سيظل فيها عرض مسودة الاتفاق معروضا على الطاولة، مكتفيا بالقول إن الوكالة لا تزال على صلة بكل الأطراف المعنية.

وشدد أمانو على ضرورة التزام الدول الأعضاء بإخطار الوكالة بأي تعديلات أو تغييرات تدخلها على برامجها النووية، وذلك بوقت كاف يسمح للمفتشين الدوليين أن يتأكدوا من الالتزام بتطبيقات الضمان، مؤكدا أن إيران لم تطبق هذا الالتزام تطبيقا كاملا عندما استبقت المفتشين يوم قررت رفع درجة التخصيب إلى 20 في المائة، رافضا مرة أخرى أن يحدد المدة التي تعتبرها الوكالة كافية، نظرا لأن لكل حالة متطلباتها وتداعياتها واستعداداتها، معلنا أنه تسلم من إيران دعوة مفتوحة لزيارتها سيتم الاتفاق عليها فيما بعد.

وردا على سؤال إن كان يرى، بوصفه مديرا للوكالة، أن فرض عقوبات على إيران يعيق مسيرة تعاونها مع الوكالة؟ ذكر أمانو أن العقوبات قضية لا تقع ضمن الصلاحيات الموكلة للوكالة، ولذلك فإنه ليس مخولا للحديث عنها.

وردا على سؤال ثان لـ«الشرق الأوسط» حول ما صرح به الرئيس السوري بشار الأسد، في المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس أحمدي نجاد، على هامش زيارة نجاد لدمشق، والذي قال فيه إن قوى تسعى إلى حرمان البلدين من التكنولوجيا النووية. قال أمانو إن مسؤولية الوكالة أن تتأكد من عدم إساءة استخدام أي دولة لنشاطها النووي بأي وجه من الوجوه، مضيفا أن من مصلحة كل الدول أن تتعاون مع الوكالة تعاونا مطلقا، بحيث يسهل الحكم على نوعية أنشطتها، وإن كان لها أذرع عسكرية أم لا.

وأوضح أمانو أن الوكالة محايدة حيادا تاما، وأنها تعتمد في معلوماتها على وسائل وجهات متعددة، واصفا جهازها الفني بأنه «جهاز قدير وخبير».

من جانبه، أبدى المندوب الإيراني لدى الوكالة، السفير علي أصغر سلطانية، في معرض تصريحاته للصحافيين، قليلا من الرضا عما سماه «الحديث الشفوي» الذي أدلى به أمانو أمام المجتمعين، مشيرا إلى أن أمانو اعترف بحق إيران في الحصول على مساعدة الوكالة للحصول على الوقود النووي، كما أكد أن الوكالة تتابع ما تقدمت به إيران من اقتراح، مبينا أن بلاده مصرة على تسجيل خيبة أملها إزاء التقرير المكتوب لأمانو. وما جاء فيه من قصور وانحياز.

وفي سياق آخر، كشف سلطانية عن استعداد إيران لشراء الوقود نقدا حتى لا يتوقف العمل في مفاعل طهران للأبحاث، مؤكدا أن إيران نجحت في رفع درجة تخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20%، وأنها خصبت ما تحتاجه لإنتاج الوقود لمفاعل طهران.

وكشف سلطانية أن طهران بعد اكتمال هذه العملية بنجاح أعادت مخزونها من اليورانيوم إلى موقعه القديم تحت الأرض، مشددا على مقدرة بلاده في المضي قدما لإنتاج هذا الوقود للحصول على النظائر المشعة، لولا أنها تفضل أن تمنح أطرافا أخرى فرصة التأكد من حسن نواياها. الجدير بالذكر أن الجلسة الافتتاحية لاجتماعات مجلس محافظي الوكالة كانت قد تأجلت وسط جدل ولغط دام أكثر من ساعتين بسبب موقف روسي فاجأ الأطراف كافة، ذلك أن روسيا أصرت على عدم إجازة أجندة الاجتماع إلا بعد حذف المادة «2 ب» التي تقر مسودة متطلبات الأمان المتعلقة بالتخلص من النفايات المشعة.

انتقدت إيران أمس «فقدان الصدقية» لدى الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا نحو ملفها النووي، وذلك في رسالة مفتوحة إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المجتمع في فيينا للبحث خصوصا في إمكانية فرض عقوبات على طهران.

وفي هذه الرسالة التي نشرتها وكالة فارس للأنباء، أشارت إيران إلى «تخلف» هذه الدول الثلاث عن تنفيذ العقود المبرمة مع إيران في المجال النووي قبل ثورة 1979.

وطلبت إيران من محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن «يأخذوا في الاعتبار» أثناء تقويمهم «المطالب المشروعة» لإيران في الملف النووي.

وتحدثت إيران خصوصا عن مشكلة «ثقة» نحو القوى العظمى لرفض اقتراحها مبادلة اليورانيوم الضعيف التخصيب الذي تملكه مقابل وقود لمفاعلها المخصص للبحوث في طهران، مفضلة أن تطلق بنفسها إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب (بنسبة 20%) للحصول على هذا الوقود.

وفي رسالتها المفتوحة، ذكرت إيران بخلافاتها مع الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا الناجمة عن عدم تسليم هذه الدول الثلاث، بعد الثورة الإسلامية في 1979، الوقود النووي الذي اشتراه نظام الشاه لمفاعل طهران ولمحطة بوشهر النووية (جنوب).