بعد الانتصار في معركة مارجا.. المارينز يحاولون الفوز بثقة الأفغان

تكثيف الدوريات ومراكز الشرطة وتعزيز القوى البشرية لمواجهة مقاتلي طالبان

TT

بعدما أعلنوا خلال الأسبوع الحالي عن انتصارهم في المعركة ضد معقل حركة طالبان في مارجا، أصبح على المارينز، الذين يحتمون بالأكياس الرملية والدوريات السيارة، تنفيذ مهام أكثر صعوبة. وسوف تمثل تلك المهام اختبارا للاستراتيجية التي ركن إليها الرئيس أوباما والجنرالات الذين يديرون حرب أفغانستان. فبعد أشهر من الإعداد لكبرى الهجمات التي تم شنها في أفغانستان منذ 2001، وبعد أسبوعين من القتال، ونقل القوات عبر ميدان المعركة الصحراوي الوعر، انتهت آخر مراحل تقدم الحملة إلى معقل حركة طالبان خلال عطلة الأسبوع الماضي. وكانت وحدات المارينز تنهي جولتها في الساحة المتنازع عليها، وتخلي آخر الطرق من القنابل المدفونة، وتعزز قواعد الدوريات ومراكز الشرطة التي تم تأسيسها على عجل. كما بدأ يتوافد المزيد من القوات الحكومية الأفغانية لتعزيز القوى البشرية لمواجهة مقاتلي طالبان المشتركين في حرب العصابات اليومية التي كانت تشتمل على السيارات المفخخة والمواجهات الخاطفة. وبدأ الانتقال من العمليات القتالية المخطط لها مسبقا إلى العمل على توفير الأمن للحكومة الأفغانية. وبالتالي أصبح على المارينز القيام بسلسلة من المهام أكثر تعقيدا من العمليات القتالية: وهي تشجيع سكان مارجا على قبول وجود حكومة من الخارج.

فمن جهته، يقول الكولونيل راندال نيومان الذي يدير القوات البرية في المارينز في مقاطعة هلمند في حوار أجري معه: «لدينا فرصة لن تدوم لفترة طويلة للفوز بقدر محدود من ثقة الأفغان». ومن جهة أخرى وصف الوضع الراهن للعلاقات باختصار قائلا: «إنهم لا يثقون فينا».

ويرجع جزء من تلك الشكوك إلى العمليات العسكرية الأخيرة، حيث إن محاولة الحصول على التأييد المحلي سوف تكون صعبة بعد أسبوعين من القتال، وتفتيش المنازل، وإطلاق النيران، والضربات الجوية، وفقا للمارينز.

ولكن هناك عامل آخر يرجع إلى ما قبل تلك الهجمات، وهو يتعلق بتعهد الحكومة الأفغانية بتوفير الخدمات وتحسين الظروف المعيشية في مقاطعة هلمند التي تقع مارجا فيها.

ففي مساء يوم الجمعة، التقى الكولونيل نيومان والليوتينت كولونيل برايان كريسماس الذي يدير الكتيبة الثالثة في الفرقة السادسة في المارينز مع ممثلين عن السكان المحليين الذين أعربوا عن استيائهم من تاريخ الحكومة الطويل في التخلي عنهم. فيقول الكولونيل نيومان: «لقد قالوا لنا: لقد كنا في ذلك الوضع منذ 8 سنوات وقد سمعنا الكثير من الوعود. ومن وجهة النظر الإنسانية، لا أستطيع أن ألقي باللوم عليهم، فالثقة هي مسألة تكتسب ولا تمنح، ويجب علينا أن نعمل على الحصول عليها». وأضاف أن معظم الأفغان الذين حضروا ذلك الاجتماع كانوا يحاربون المارينز في الأيام الماضية. ويحمل ذلك اختبار جوهري للاستراتيجية الأميركية التي تجعل من مقاطعة هلمند معيارا لقياس تقدم ما يطلق عليه خطة زيادة القوات في أفغانستان.

وفي إطار القرار الذي أصدره أوباما العام الماضي بتعزيز الالتزام الأميركي تجاه الحرب، وصلت المزيد من كتائب المشاة التابعة للمارينز والعناصر المساندة لها، وانتشرت في قرى المقاطعة والمزارع التي تقع بالقرب من قنوات الري في السهوب الجافة. فقبل أقل من عام، كانت معظم أنحاء المنطقة تقع خارج نفوذ الحكومة الأفغانية، وكانت هلمند تقع تحت سيطرة طالبان. أما اليوم فإن عدد القوات في تزايد مستمر، فيقول المارينز إن نحو 20 ألف من المارينز سوف يصبحون هنا قبل نهاية العام. ولكن لا أحد يستطيع أن يجزم بأن دفع ما يقارب 20 ألفا من جنود المارينز وبضعة آلاف من الجنود الأفغان وضباط الشرطة إلى مقاطعة واحدة سوف يغير المناخ الأمني للمنطقة. يعد أحد العناصر الأساسية للحد من التمرد هناك، هو أن يتم وضع قوات أمنية أفغانية قوية، ومنافسة، وأمينة، ولديها ما يكفي من المعدات وتتمتع بقيادة قوية. فإذا ما استطعنا توفير مثل تلك القوات، ستكون الخطة هي أن نسلمهم مسؤولية الحفاظ على الأمن الذي استطاع الجيش وجنود المارينز تحقيقه مما يسمح بالانسحاب الأميركي. ولكن سوء سمعة قوات الشرطة الأفغانية، على نحو خاص، بالإضافة إلى الأداء المتفاوت للقوات الأفغانية في مارجا يشير إلى أن الجهود التي بذلت وإرسال المليارات من الدولارات الأميركية لم تحقق أي شيء من الأهداف التي كان يرجى تحقيقها. وكان الأفغان الحاضرون اللقاء مع الكولونيل والليوتينت كولونيل واضحين تماما. فقد قالوا: «نحن معكم ونرغب في مساعدتكم على البناء، وسوف ندعمكم. ولكن إذا أحضرتم قوات الشرطة إلى هنا فسوف نقاتلكم حتى الموت». وفقا لما قاله الكولونيل نيومان. وتعتمد الخطة أساسا على إعادة قوات الشرطة إلى مارجا، بل إنهم بدأوا يصلون بالفعل إلى المراكز التي أنشأها الأميركيون. وبالتالي، فإن مدى صعوبة وتعقيد الاستراتيجية التي من المقرر تطبيقها أصبح جليا.

وعلى الرغم من أن المارينز قد استمروا في تأمين مارجا والمناطق المحيطة بها، كان الكولونيل نيومان يأمر بالتحول إلى سياسة التقارب، من خلال دفع مبالغ مالية للأفغان التي تضررت منازلهم ومحالهم، وعقد لقاءات مع زعماء البلدة لمناقشة عقود التنمية التي يفترض أن تبدأ في وقت قريب ووضع الأفغان للعمل في المشروعات التي سوف تبدأ مبكرا مثل حفر القنوات وإمداد مراكز الشرطة بالحصى.

وعلى الفور، لاحظ المارينز أن أفراد الشرطة الأفغانية الذين بدأوا في التوافد على مارجا مختلفون عن الضباط السابقين الذين خلف تعاليهم وفسادهم مخزونا من الحقد والاحتقار في نفوس الأهالي. وكانت الرسالة بسيطة: ضباط الشرطة الجدد هم رجال مختلفون، فامنحوهم الفرصة لاكتساب احترامكم. ففي يوم الخميس الماضي، كان جنود المارينز في السرية «كيه» في الكتيبة الثالثة في الفرقة السادسة يسيرون عبر حقول الخشخاش الموحلة أثناء الليل، مثقلين بالأسلحة وحقائب الظهر، ومرهقين بعد دورية سير استمرت ليومين لتمشيط طريق ممتد. وكانت مياه الشرب التي في حوذتهم قد نفذت كما لم يكونوا قد تناولوا الطعام منذ اليوم السابق.

* خدمة «نيويورك تايمز»