نتنياهو يوقف مشروع هدم 88 بيتا في حي سلوان في القدس المحتلة

في ضوء رد الفعل الفلسطيني المتوقع والضغوط الغربية

TT

على أثر الرد الفلسطيني الحاد وفي ضوء التدخل الغربي، أوقف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المشروع التهويدي الجديد في حي سلوان في القدس الشرقية المحتلة، وطلب من رئيس بلدية القدس، نير بركات، أن يتريث قليلا ويحاول التفاهم مع السكان الفلسطينيين حتى لا يتيح لأعداء إسرائيل تحويل هذا الموضوع إلى قنبلة تنفجر في وجهها.

وكان بركات قد قرر هدم هذه البيوت في سلوان - وعددها 88 بيتا - بحجة أنها بنيت من دون تراخيص من البلدية، وأنها قامت في مكان مشروع مخطط لإقامة حديقة أثرية لتخليد الآثار التي وجدت في المنطقة وتدل على تاريخ المدينة، وقصد بذلك التاريخ اليهودي، حيث يعتبر اليهود سلوان مدينة داود التاريخية، وفقا لسلطة الآثار الإسرائيلية.

ولكن المعارضة اليسارية في البلدية تدحض ادعاءات بركات وتقول، إن مشروعه انتقامي، فهناك مبنى ضخم أقامه المستوطنون في قلب حي سلوان من دون ترخيص، تسكنه حاليا 8 عائلات استيطانية، وصدر قرار من محكمة العدل العليا الإسرائيلية يقضي بهدم هذا المبنى، ويرفض نير بركات تنفيذ القرار ويسعى لمنح المستوطنين ترخيصا به، وأجبرته المحكمة في الشهر الماضي على إخلاء العائلات الاستيطانية، إلى حين يتفق على تسوية في الموضوع، فقرر الرد على المحكمة بنفس الطريقة التي يرد بها غلاة المتطرفين من المستوطنين، أي بالانتقام من الفلسطينيين، فأصدر تعليماته بهدم البيوت الفلسطينية. وكان بركات قد اقترح على الفلسطينيين حلا وسطا، حسب قوله في هذه القضية، بأن يهدم 22 بيتا فلسطينيا في المكان لغرض إقامة الحديقة، على أن يعوضهم عن ذلك بمنحهم أرضا مساحتها نصف دونم لكل عائلة في الطرف المقابل من وادي سلوان وترخيصا لبناء 4 طوابق لكل عمارة. وادعى بركات أنه ينوي منح تراخيص لبقية العمارات. لكن غالبية السكان لم يوافقوا، أولا لأنهم يخشون من أن يكون ذلك بمثابة منح شرعية للاستيطان في المدينة، وثانيا لأن اقتراح بركات لا يتضمن دفع تعويضات مالية تتيح لهم بناء بيوت بديلة.

ورد الفلسطينيون على قرار بركات بإصدار أوامر الهدم إلى التنفيذ، بسلسلة مظاهرات وهددوا بإشعال انتفاضة شعبية في المدينة، وتجندت إلى جانبهم قوى سياسية كثيرة في الضفة الغربية، وكذلك لدى فلسطينيي 48، وبدا أن القرار سيشعل فعلا انتفاضة واسعة. وأعلنت لجنة حي البستان في سلوان رفض أهالي الحي بمطلقهم لمخطط الترحيل الطوعي، معلنين اعتزامهم التوجه للمؤسسات المحلية والدولية لإفشال مخططات بلدية القدس، لأن تنفيذ هذه المخططات يعني تشريد 1500 مواطن من منازلهم في الحي. ووصفت حركة «سلام الآن» الإسرائيلية هذا المخطط بأنه «قنبلة سياسية»، وقالت إن «رئيس البلدية يسعى لتحقيق مصالح اليمين المتطرف، وقد يتسبب في إشعال المدينة، فإخلاء مئات المواطنين من البستان بهدف إقامة متنزه وفنادق، هو عمل خطير يهدف إلى إفشال تسوية سياسية مستقبلية بين إسرائيل والفلسطينيين».

وتدخلت الإدارة الأميركية في الموضوع طالبة وقف هذا التدهور، وربطته بقرار الحكومة الإسرائيلية السابق بشمل الحرم الإبراهيمي في الخليل وقبة راحيل الواقعة في باحة مسجد بلال بن رباح في بيت لحم وأسوار القدس في مشروع «حماية وترميم التراث اليهودي في أرض إسرائيل». واعتبرته تصعيدا متراكما للتوتر من شأنه أن يجهض الجهود الأميركية لاستئناف عملية السلام.

حتى جون كيري، رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكونغرس الأميركي، الذي يزور إسرائيل ويعتبر صديقا لها واستمع إلى «تفسيرات مقنعة من الإسرائيليين»، كما قال، طلب وقف المشروع، وقال في تصريح للصحف الإسرائيلية، إن قرار البلدية مثل قرارات الحكومة حول ترميم الأماكن الأثرية هي قرارات لا ضرر منها، ولكن توقيتها وشكل اتخاذ القرار فيها يتسبب في مشكلة.

كما تدخل الاتحاد الأوروبي في القضية، وحذر من تدهور أمني خطير في المنطقة.

وهذه الضغوط أجبرت نتنياهو، أمس، على التدخل، فتوجه إلى رئيس البلدية الإسرائيلي قائلا، إنه لا ينوي التدخل في عمل البلدية، إنما يريد صد القوى المعادية لإسرائيل التي «تستغل القرار الشرعي كمادة للتحريض على إسرائيل». وطلب تأجيل هدم البيوت والعودة إلى السكان الفلسطينيين في سلوان وإجراء محاولة أخرى لإقناعهم بالمشروع. فوافق رئيس البلدية على الطلب وأنزله عن أجندة لجنة التنظيم والبناء.