لبنان: «الأقليات» الحزبية تتوحد ضد رئيس الجمهورية احتجاجا على تغييبها

سليمان: لا يمكن إرضاء الجميع.. وتوقيت الحوار أملته الاعتبارات الوطنية

TT

لم تكد رئاسة الجمهورية اللبنانية تعلن عن تشكيل الهيئة المشاركة في طاولة الحوار الوطني، حتى فتحت النار على اختيار المشاركين فيها. ولم يقتصر الاعتراض والانتقاد على فئة بعينها، إنما شمل جميع الكتل «الصغيرة» التي تدور سواء في فلك الأكثرية النيابية أو تتحالف مع الأقلية وان اختلف أسلوب طرح الاعتراض أو جدوى هذا الحوار الذي لن يغير في واقع الحال شيئا. وارتفعت أصوات نواب حاليين وسابقين، وزراء وأحزاب وشخصيات، واختلطت المعارضة بالأكثرية داعية رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى «الإنصاف».

وفي انتظار رد فعل رئاسة الجمهورية على «الهجمة الرافضة للإجحاف اللاحق بأصحابها»، رد سليمان على ما نُشر أمس عن أن تشكيل هيئة الحوار كان نتيجة ضغط خارجي، فأكد أن «توقيت عقد طاولة الحوار الوطني أملته الاعتبارات الوطنية لا أي اعتبار خارجي، بما فيه موقف الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون».

سليمان، في حديث إلى موقع إلكتروني، كشف أن «الموعد المبدئي لالتئام جلسة الحوار الوطني في قصر بعبدا هو الثلاثاء المقبل في التاسع من مارس (آذار) الحالي». وأشار إلى أن «بند الاستراتيجية الوطنية للدفاع هو البند المطروح». وقال: «إذا ارتأى المتحاورون توسيع جدول الأعمال فلا مانع حينها». ولفت إلى أن «بند الاستراتيجية الدفاعية مرتبط بالعديد من العناوين الأخرى التي تعزز المناعة الوطنية ومنها الملف المالي، الذي إذا ارتأى المتحاورون ضرورة نقاشه أيضا أو غيره فلا مانع من ذلك». ولفت إلى أنه «ليس بالإمكان إرضاء جميع القوى والشخصيات السياسية على الساحة الداخلية».

إلا أن الموقف الأكثر حدة من الحوار أطلقه أمس رئيس الحكومة السابق عمر كرامي الذي قال إن «هيئة الحوار ستكون بلا طعم ولا لون». واعتبر أنها «أُسست لمعالجة قضايا شلّت الدولة عندما كان المجلس النيابي والحكومة معطلين. واليوم مع وجودهما فأي بحث خارج الاستراتيجية الدفاعية سيكون على حساب المؤسسات الدستورية، وهذا لا يمكن أن يقبل به أحد». وتوقع «تعطل هيئة الحوار أسرع مما هو متوقع إلا إذا كانت استراتيجية الدفاع تؤدي إلى حماية سلاح المقاومة أمام التهديدات الإسرائيلية المتمادية». واعتبر أن «سليمان لم يستطع حتى الآن أن يحقق أي عمل مهم، لذلك يهرب إلى الأمام عبر الحوار أو يسافر. وهذا يكلف الخزينة مبالغ طائلة».

وأبدى كرامي «عتبه على حلفائه»، وقال: «المعارضة السنية دفعت ثمنا سياسيا كبيرا لأنها تمسكت بثوابتها ومبادئها الوطنية، وأنا بهذه المناسبة أعتبر أنه لا يوجد شيء اسمه 8 و14 آذار، وأعلن أنني لا أنتمي إلى (8 آذار)، إنما أنا في معارضة مستقلة ومتمسك بمبادئي وثوابتي الوطنية».

إلا أن النائب في كتلة «الوفاء للمقاومة» بلال فرحات رفض في حديث لـ«الشرق الأوسط» اعتبار معارضة بعض القوى لنوعية المشاركين انسحابا من التحالف الذي يجمعهم في إطار «8 آذار»، وتحديدا رئيس الحكومة السابق عمر كرامي. وأضاف أن «حزب الله مع طاولة الحوار وبإيجابية وانفتاح لطرح الأمور بغية الوصول إلى تفاهم بشأن الاستراتيجية الدفاعية». وأضاف: «مصلحة الجميع تقتضي بانعقاد الطاولة.

ولم يجد فرحات أي مانع في طرح موضوعات أخرى بالإضافة إلى الاستراتيجية الدفاعية على طاولة الحوار «ولكن موضوع الاستراتيجية الدفاعية يبقى الموضوع الأساسي، ذلك أن إطلاق النار مباشرة ومواربة على سلاح المقاومة وبمختلف الأساليب يجعل الحاجة إلى حوار وطني ملحة، لتتضح الأمور، لا سيما أن ما يحصل على الأرض يستوجب ذلك، فهناك شبكات التجسس الإسرائيلية وهناك التدخل في سيادة لبنان وصولا إلى شبكة اتصالاته. يجب أن نعي أهمية الموضوع». وقال: «لو كنا نعتقد أن الحوار بشأن الاستراتيجية الدفاعية هو مضيعة للوقت لما شاركنا فيه».

وقال عضو الأمانة العامة لقوى «14 آذار» النائب السابق فارس سعيد إن وفد الأمانة العامة الذي زار سليمان أمس «نقل إليه ثلاثة مطالب: أولها مشاركة الجامعة العربية في الحوار لأن حماية لبنان مسؤولية عربية ولبنانية مشتركة، وهذه المشاركة تحميه من المشهد الذي رأيناه في سورية أي لقاء الرئيس السوري بشار الأسد والإيراني محمود أحمدي نجاد والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله. وثانيها حصر جدول الأعمال بموضوع الاستراتيجية الدفاعية، وثالثها الاعتراض على المعايير التي اتُّبعت في تشكيل هيئة الحوار».

من جهته اعتبر وزير الدولة لشؤون مجلس النواب ميشال فرعون أن «البيان الوزاري أكد على استئناف الحوار بشأن السلاح والإستراتيجية الدفاعية، بالإضافة إلى الاهتمام العربي والدولي بهذا الموضوع، وقد تكلم عنه أمين عام مجلس الأمن بان كي مون، إلى جانب الاهتمام بحماية تطبيق القرار 1701 الذي التزم به لبنان والمجتمع الدولي».

رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون انتقد وجود فرعون في هيئة الحوار، خصوصا أن النائب السابق إيلي سكاف يمثل المعارضة وأكثر تجمع كاثوليكي وله حيثية وجود ذاتي سواء كان في الحكم أو خارجه كان من الجيد أن يكون هو ممثل الطائفة الكاثوليكية». وأضاف: «بالنسبة إلى حصر البحث في سلاح المقاومة، نحن اليوم أشد تمسكا بسلاح المقاومة، فالاعتداءات والانتهاكات البحرية والبرية والجوية مستمرة، الذي يدّعي أن لا أحد أعطى تكليفا للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله نسأله من أعطاه التكليف في السبعينات لحمل السلاح ولأي أسباب؟ لنفس الأسباب اليوم رغم أن السيد حسن لم يُقِم حواجز بين الناس»، وذلك في انتقاد لرئيس الهيئة التنفيذية لحزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.