طاولة الحوار تثير «سجالات حامية» بين القوى اللبنانية على خلفية «تصفية حسابات» لا علاقة لها بالحوار

سليمان يعتبر فشلها مسؤوليته وحده وإيجابيات نجاحها لجميع اللبنانيين

TT

فتح إعلان رئيس الجمهورية اللبنانية تشكيل طاولة الحوار بابا للسجالات «الحامية» في لبنان على خلفية «تصفية حسابات» سياسية أو خاصة لا علاقة لها بالحوار من قريب أو بعيد. وكأن هذا الحدث المنتظر منذ ما بعد الانتخابات النيابية كشف طريقة تعامل القوى السياسية مع بعضها البعض انطلاقا من المواضيع والغايات السياسية والطائفية لكل من هذه القوى. وذلك بمعزل عن مسلسل المصالحات وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية والأجواء التوافقية التي يحرص قادة كل فريق على حدها الأدنى أيا كانت الظروف.

وكأن العنوان الأبرز لهيئة الحوار الوطني والمتعلق بالاستراتيجية الدفاعية ومعالجة سلاح حزب الله، لا يكفي للسجالات، حتى أضيف إليه عدد من التناقضات المرتبطة بسعي كل فريق إلى تضخيم حجمه السياسي ليجلس إلى الطاولة.

لكن مسيرة طاولة الحوار تحاول ألا تتأثر بهذه التداعيات، وفق ما نقل زوار رئيس الجمهورية ميشال سليمان عنه. وقالت مصادر مواكبة لـ«الشرق الأوسط» إن «سليمان سيذهب في تفعيل عمل الهيئة الوطنية للحوار الوطني إلى أقصى ما يمكن. وإذا فشلت يحمل الفشل وحده، أما إذا نجحت فإن الفائدة ستعم لبنان كله من دون تفرقة بين فريق أو آخر». وأشارت إلى أن «انعقاد الطاولة وجمع الأطراف الذين لم تسنح الفرصة ليتصالحوا حتى تاريخه، يعد إنجازا إيجابيا بحد ذاته ويخفف من التشنج السياسي ويضافر القوى لمواجهة أي خطر قد يتعرض له لبنان».

وأشارت هذه المصادر إلى أن لقاء سليمان ووفد الأمانة العامة لقوى «14 آذار» على مدى أكثر من ساعة «أوضح جملة نقاط ملتبسة وأزال بعض التحفظات». وأضافت أن «رئيس الجمهورية يعتبر أن البحث حول طاولة الحوار في الاستراتيجية الدفاعية لا ينحصر فقط في السلاح، إنما يشمل الاقتصاد والتربية والأمن والإعلام، مما يستوجب طرح هذه القضايا لتحصين وسائل الدفاع عن لبنان».

وكان سليمان قد ناقش موضوع طاولة الحوار مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث تم التشاور في التحضيرات للجلسة المرتقبة الثلاثاء المقبل، إضافة إلى موضوع التعيينات الإدارية خصوصا على مستوى الهيئات الرقابية. وكرّر بري القول إن «القرار في شأن هيئة الحوار الوطني يعود إلى رئيس الجمهوريّة». وشدد على «أهميّة الحوار الذي يعتبر أكثر من ضروري للبلاد».

ولعل موقف رئيس الحكومة السابق عمر كرامي لجهة إعلانه الانسحاب من فريق «8 آذار» والرغبة في تشكيل محور معارض «خاص به» كان الأكثر إثارة للتداعيات، لا سيما أنه ربطه برفضه الجلوس إلى طاولة واحدة مع رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية سمير جعجع، ووصفِه إياه بـ«القاتل»، الأمر الذي استدعى ردا من الدائرة الإعلامية في «القوات اللبنانية».

وفي موقف داعم لكرامي بعد إعلانه الانسحاب من «8 آذار»، نقل إليه المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل، رسالة تقدير لمواقفه «الوطنية» من السيد حسن نصر الله. وشدد على أنَّ «حزب الله لا يتخلّى عن أي حليف من حلفائه».

خليل، وبعد لقائه كرامي لفت إلى أنَّ «وجهة نظر حزب الله من موضوع الحوار الوطني، هي أن تكون هناك معايير واضحة وواحدة ومحددة». وأشار في الوقت نفسه إلى أن «الحزب لا يمكن أن ينسحب من طاولة الحوار، لئلا يُفهم الموضوع على أنَّه تهرب من مناقشة موضوع الاستراتيجية الدفاعية». ورأى أن «المطلوب مشاركة كل الرؤساء السابقين في طاولة الحوار، إذا كنّا نريد أن ندخل في هذا المنطق». إلى ذلك تلقّى كرامي، اتصالا هاتفيا من رئيس مجلس النواب نبيه بري، تخلله عرض للأوضاع السياسية الراهنة.

موقف النائب في حزب «الكتائب» سامي الجميل جاء ليكرس اختلافه في وجهات النظر مع الأمانة العامة لقوى «14 آذار» عندما قال: «نحن نؤكد أننا نريد الحوار لبنانيا وخارج أي تأثير خارجي ونرفض أي تدخل من قبل جامعة الدول العربية».

ورأى وزير الدولة عدنان السيد حسين أن «طاولة الحوار الوطني تمثل الواقع السياسي والاجتماعي». واعتبر أن «المساواة بين الطوائف في هيئة الحوار الوطني أمر غير ضروري».