لجنة المبادرة توافق على المفاوضات غير المباشرة على المسار الفلسطيني لـ4 أشهر

سورية تتحفظ على البند الرابع من البيان

عمرو موسى يتحدث إلى أحمد ابو الغيط أمس (أ.ب)
TT

اجتماعات وزراء الخارجية العرب في الدورة العادية الثالثة والثلاثين لم تكن عادية، فقد سبقتها عواصف وخلافات أثارتها سورية منذ اجتماعات لجنة مبادرة السلام العربية، حيث رفض مندوب سورية يوسف الأحمد أي طرح يتعلق بالمفاوضات المباشرة مع إسرائيل، وكذلك رفض تقديم أية خيارات للرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، إذ قال له: «كمل المسيرة كما بدأتها، وإن لجنة مبادرة السلام مهمتها المتابعة وليس الاقتراح». وتكرر نفس الموقف في اليوم التالي حيث استكمل المعارضة وزير الخارجية السوري وليد المعلم عندما قاطع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي كان يتلو البيان الصادر عن اللجنة قائلا إن سورية لم توافق على البند الرابع في القرارات والخاص بالتفاوض مع إسرائيل.

وقد صدر البيان الختامي مذكرا بما صدر من قبل عن وزراء الخارجية العرب بشأن استئناف المفاوضات المباشرة مع إسرائيل، الذي يتطلب قيام إسرائيل بتنفيذ التزاماتها القانونية بالوقف الكامل للاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.

وذكر البيان أن اللجنة استعرضت الإجراءات الإسرائيلية غير المشروعة في الأراضي المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية وبيت لحم والخليل وقطاع غزة، وهو ما يشير إلى نوايا إسرائيل المبيتة لنسف أي جهد تفاوضي وتعويق الوصول إلى تسوية عادلة، والإمعان في تغيير التركيبة السكانية والشكل الجغرافي للأراضي المحتلة، بما يجعل من الصعب قيام دولة فلسطينية ذات سيادة. وأكد البيان أن تحقيق الحل الدائم والشامل لقضية فلسطين، وكذلك إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي على المسارين السوري واللبناني، يعد المدخل الأساسي لتحقيق الأمن والاستقرار والسلام الشامل في المنطقة. وخلص البيان بعد ديباجته إلى النقاط التالية:

* تأكيد الالتزام بالموقف العربي من قيام دولة فلسطين وحدودها القائمة على خطوط 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. والتأكيد أن المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية المباشرة تتطلب الوقف الكامل للاستيطان في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس المحتلة، وأن المباحثات غير المباشرة المقترحة من جانب أميركا لن تثمر في فراغ تملأه الإجراءات الإسرائيلية غير المشروعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، خصوصا في ضوء استمرار الانتهاكات في القدس والخليل وبيت لحم وقطاع غزة، مما يؤدي إلى فشل هذه المباحثات في حالة استمرار هذه الممارسات الإسرائيلية. ورغم عدم الاقتناع بجدية الجانب الإسرائيلي في تحقيق السلام العادل ترى اللجنة إعطاء الفرصة للمباحثات غير المباشرة كمحاولة أخيرة، وتسهيلا لدور الولايات المتحدة في ضوء تأكيدها للرئيس الفلسطيني وفقا للآلية التالية: أن لا تكون المباحثات غير المباشرة مفتوحة النهاية، ووضع حد زمني لا يتجاوز أربعة أشهر. ورفض إجراءات إسرائيل غير المشروعة لضم الحرم الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم إلى قائمة المواقع الإسرائيلية، وتقديم شكوى لليونسكو بذلك.

* وطالبت اللجنة برفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة بشكل فوري والطلب من الولايات المتحدة اتخاذ موقف واضح من هذا الحصار الظالم واللا إنساني.

عقد اجتماع للجنة مبادرة السلام على المستوى الوزاري في الأسبوع الأول من يوليو (تموز) المقبل لتقييم ومراجعة ما تفضي إليه الجهود القائمة، والاتفاق على الخطوات القادمة في هذا المجال.

* في حال فشل المباحثات غير المباشرة واستمرار الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة تقوم الدول العربية بالدعوة إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لإعادة عرض النزاع العربي الإسرائيلي من مختلف أبعاده والطلب من أميركا عدم استخدام الفيتو باعتبار أن فشل المباحثات وتدهور الأوضاع في الأراضي المحتلة يبرر ذلك.

يذكر أن اجتماع لجنة المبادرة العربية انتهى بعد خمس ساعات من مساء أول من أمس دون إصدار أي بيان، وتم تشكيل لجنة ثلاثية مشكلة من قطر وفلسطين والأمين العام للجامعة العربية لإعداد خيارات جديدة للتعامل مع المرحلة القادمة، خصوصا بعد إعلان الرئيس الفلسطيني أنه استنفد كل الخيارات مع إسرائيل دون جدوى.

وعلمت «الشرق الأوسط» أنه تقرر أن تعطي الخيارات الجديدة فرصة لإسرائيل ولأميركا تصل إلى أربعة أشهر يتم خلالها تجميد الاستيطان ووقف الممارسات في القدس، وإذا لم تعدل سيذهب العرب إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن وخيارات أخرى لم تعلن بعد.

وكان الرئيس الفلسطيني قد تحدث مدة 39 دقيقة وطلب المغادرة بعدها، إلا أن الأمير سعود الفيصل طالبه بالاستمرار إلى نهاية الاجتماع لمناقشته حول كل التفاصيل، كما طالب بدعم مصر في عملية المصالحة الفلسطينية، وتحدث وزير الخارجية المصري عن الاحتجاج الذي قدمته مصر للأمم المتحدة ضد ممارسات إسرائيل في القدس، فيما طالب وزير الخارجية العماني يوسف العلوي بإعطاء مهلة لأميركا للضغط على إسرائيل، وأكد بأنه لا سلام دون تفاوض.

وكان مجلس الجامعة قد عقد اجتماعه ظهر أمس برئاسة الصومال بعد تسلم الرئاسة من سورية التي رفضت البند الرابع من بيان لجنة المبادرة العربية، وقام وليد المعلم بمقاطعة الأمين العام أكثر من مرة وأعلن تحفظ بلاده على البند الرابع للبيان المتعلق بالدخول في مفاوضات غير مباشرة. وقال إنه لم يكن هناك إجماع في البيان الذي صدر، فوفد سورية أكد أن مثل هذا التفويض للسلطة ليس من اختصاص لجنة مبادرة السلام العربية، التي وجدت للترويج لمبادرة السلام وليس لإعطاء تفويض.

وقال المعلم إن قرار الذهاب للمفاوضات هو قرار فلسطيني أولا وأخيرا، سواء مباشرة أو غير مباشرة، الجانب الفلسطيني أدلى بما لديه من ضمانات، مشددا على أن البند الرابع لم يكن فيه إجماع.

وأكد المعلم ضرورة اتخاذ موقف عربي موحد في مواجهة النهج الإسرائيلي الحالي في الأراضي العربية المحتلة، وضرورة أن يستخدم العرب كافة ما يملكون من أوراق لدفع المجتمع الدولي، وخصوصا الدول الفاعلة للضغط على إسرائيل لتوقف ممارستها هناك، وخصوصا تهويد القدس واستهداف المسجد الأقصى واستمرار الاستيطان، وأن تنصاع لمتطلبات السلام.

وقال المعلم رئيس الدورة الـ132 لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، في كلمة افتتاح الدورة الـ133 قبيل تسليمه رئاسة المجلس لوزير التخطيط والتعاون الدولي الصومال عبد الرحمن شكور، إن سورية رحبت بالتوجه الأميركي الجديد بشأن عملية السلام العام الماضي، ولكنها أكدت أن متطلبات السلام معروفة ومتفق عليها ومجمع عليها في قرارات عربية ودولية.

واتهم المعلم إسرائيل بإفشال كافة الجهود الرامية لإحياء عملية السلام التي لم تأتِ بثمار بسبب نهجها الذي يقوم على استمرار الاحتلال وتصفية القضية الفلسطينية، مشيرا في هذا الصدد إلى قيامها بتهويد القدس، واستهداف الأقصى، وأخيرا ضم الحرم الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم إلى ما يسمى بالتراث اليهودي، كما أن غزة تعيش حصارا قاتلا، وابتلاع الأراضي قائم.

وأكد المعلم ضرورة أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل مع حق الدول جميعا في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، مشيرا إلى أن إسرائيل تمنع إنشاء هذه المنطقة الخالية من الأسلحة النووية لأنها ترفض الانضمام إلى اتفاقية منع الانتشار النووي، بينما تقف الوكالة الدولية للطاقة الذرية عاجزة عن أي إجراء يمكنها من معرفة طبيعة السلاح النووي الإسرائيلي.

ونبه ووزير الخارجية السوري إلى أن الانقسام الفلسطيني أمر بالغ الخطورة، داعيا إلى ضرورة وضع حد له، وقال إن الأشقاء الفلسطينيين يجب أن يدركوا أن الوحدة يجب أن تكون أولويتهم، وأن سورية عملت ما تستطيع للمساهمة في المصالحة وإنهاء الانقسام، إدراكا منها لأهمية المصالحة.

وشدد على أن المصالحة قرار الفلسطينيين أولا وأخيرا، لافتا إلى أنها ليست في صالح القضية الفلسطينية وحدها، بل في صالح كل القضايا العربية.. وأكد حرص سورية على وحدة واستقلال وأمن العراق، وقال: «إننا نؤيد العملية السياسية فيه، ومستعدون لتقدم كل الدعم، مضيفا أن أمن العراق هو جزء من أمن سورية والأمة العربية، وهذا يتطلب تحقيق المصالحة الوطنية».

وأشاد المعلم بالتقديم الحاصل في اليمن، مشددا على حرص بلاده على الحفاظ على وحدة اليمن.. ولفت إلى أن سورية أكدت مرارا دعمها للسودان في مواجهة المخططات التي تستهدف أمنه، وقال: «إننا ننظر بارتياح إلى اتفاق الإطار بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة برعاية مشكورة من دولة قطر»، وقال: «إننا نأمل أن يكون باكورة لخطوات إيجابية أخرى لصالح وحدة السودان».

وأعرب المعلم عن الألم لما يجري في الوعقب الجلسة الافتتاحية أوضح السفير السوري بالقاهرة يوسف أحمد ومندوبها الدائم لدى الجامعة ما جرى في جلسة افتتاح لجنة مبادرة السلام بقوله: «باعتبار أنى كنت رئيس وفد سورية في الاجتماع أود أن أوضح أنه تبين لنا منذ اللحظات الأولى للاجتماع أن غاية الاجتماع هي إعطاء تفويض عربي لقرار فلسطيني متخذ للذهاب إلى مفاوضات غير مباشرة دون أي ضمانات».

وأوضح في الاجتماع أن لجنة المبادرة العربية ليس من اختصاصها إعطاء مثل هذا التفويض وإنما تتمثل مهمتها في تسويق هذه المبادرة لتحقيق أهدافها، وهي إقامة السلام العادل والشامل على كل الأراضي العربية المحتلة.

وأضاف أن إعطاء مثل هذا التفويض يشكل شكلا من أشكال الشرعية للإجراءات الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة، بدءا من تهويد القدس إلى الخطر الداهم على المسجد الأقصى، وصولا إلى ضم الحرم الإبراهيمي، ناهيك بالحصار الظالم على قطاع غزة، بالإضافة إلى سياسة الاستيطان التي لم تتوقف إطلاقا.

وقال إنه إذا كانت اللجنة تتجه هذا الاتجاه فإن سورية ليست طرفا في هذا الذي يجري، فالقرار هو شأن فلسطيني، وعلى القيادة الفلسطينية التي ستذهب إلى هذه المفاوضات أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه ذلك.

وشدد على أنه لم يكن هناك إجماع خلال الاجتماع كما قيل خلال الجلسة الافتتاحية، موضحا أن هناك وفدا عربيا آخر، وقال إنه «إذا لم يكن هناك إجماع فبلادي ليست في هذا الاتجاه»، في إشارة إلى قطر.