المغرب: إضراب عام في مختلف الإدارات الحكومية يخفف من زحمة الشوارع

النقابات تطالب بزيادة الرواتب.. وتعتبر إجراءات الحكومة غير كافية * مصدر حكومي مغربي: الإضراب لا مبرر له

موظفون ينتمون إلى مختلف القطاعات الحكومية يحتجون أمام مقر وزارة تحديث القطاعات العامة بالرباط أمس (تصوير: عبد اللطيف الصيباري)
TT

خفت بشكل كبير أمس أصوات منبهات سيارات الموظفين التي تتعالى في أوقات الذروة بسبب الازدحام الذي يحدث في الشوارع الرئيسية للعاصمة الرباط، أثناء التوجه إلى مقرات العمل صباحا، أو بعد مغادرتها بعد الظهر. وذلك بسبب الإضراب العام، الذي دعت إليه النقابات. وتسبب كذلك في تأجيل قضاء كثير من المصالح الإدارية للسكان.

ونظم موظفون ينتمون إلى مختلف القطاعات الحكومية أمس مظاهرة احتجاجية أمام مقر وزارة تحديث القطاعات العامة بالرباط، رددوا خلالها شعارات تعبر عن مطالبهم. وشكل رجوع طلبة المدارس العمومية صباح أمس في مجموعات صاخبة يغلب عليها الفرح بيوم عطلة لم يكن في الحسبان، أبرز تجليات الإضراب العام للموظفين في الدار البيضاء. ورغم هيمنة القطاع الخاص على المدينة، التي تعتبر العاصمة الاقتصادية للبلاد، فإن حركة السير عرفت يوم أمس هدوءا غير عادي بسبب الإضراب. وتحتج الاتحادات العمالية الثلاثة، التي دعت إلى الإضراب، وهي الفيدرالية الديمقراطية للشغل، التابعة لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية (مشارك في الحكومة)، والاتحاد الوطني للشغل، موالٍ لحزب العدالة والتنمية الإسلامي المعارض، والاتحاد النقابي للموظفين (مستقل) على «الإعلان الانفرادي للحكومة عن نتائج الحوار الاجتماعي، والتردد في تطبيق النتائج التي لا ترقى إلى مستوى انتظارات الموظفين».

وكانت الحكومة قد صادقت مؤخرا على قانونين يتعلقان بتحديد شروط ترقية موظفي الدولة، ورفعت من عدد المستفيدين من الترقية بالاختيار من 14 إلى 17 في المائة سنويا من عدد الموظفين الذين قضوا مدة 10 سنوات في الخدمة، والترقية في الرواتب من 25 إلى 28 في المائة سنويا من عدد الموظفين المتوفرين على 5 سنوات من الخدمة، كما تمت الموافقة على اتخاذ إجراءات استثنائية لترقية الموظفين المصنفين في المراتب الدنيا. كما تقرر منح تعويضات مالية للعاملين في المناطق النائية والصعبة تقدر بـ700 درهم.

وسيستفيد من هذه الإجراءات نحو 115 ألف موظف. وذلك تنفيذا لما التزمت به الحكومة مع النقابات في إطار الحوار الاجتماعي.

بيد أن النقابات ترى أن الإجراءات الحكومية غير كافية طالما لم تتم الاستجابة لمطلبها الرئيسي المتمثل في الزيادة في الرواتب الأساسية للموظفين. «وتحسين الدخل عبر التخفيف من الضغط الضريبي، ومن الأعباء المادية للموظفين في الميادين الاجتماعية الأساسية بهدف مواجهة الغلاء المعيشي المتفاقم». وتعتبر النقابات أن «إعلان الحكومة بشكل انفرادي للمرة الثانية عن نتائج الحوار الاجتماعي دون التوافق بشأنها وقبل استكمال التفاوض حول النقاط المدرجة في جدول الأعمال، وكذا عدم التقيد بالمنهجية المتفق عليها، إخلال بقواعد الحوار الاجتماعي وتملص من الحكومة إزاء التزاماتها وتعاقداتها».

وفي هذا السياق، قال عبد الإله دحمان، رئيس الجامعة الوطنية لموظفي التعليم التابعة للاتحاد الوطني للشغل الموالي لحزب العدالة والتنمية، لـ«الشرق الأوسط»، إن النتائج المتحدث عنها من قبل الحكومة لن يكون لها أي أثر حقيقي على المستوى الاجتماعي، بسبب ارتفاع كلفة المعيشة والغلاء، لذلك «فنحن نطالب بالزيادة في الرواتب الأساسية للموظفين، وتحسين الدخل، وتقليص الهوة الموجودة بين الأجور، كما نطالب بتطبيق نظام ضريبي منصف ومرن»، مشيرا إلى أن أكثر من 100 ألف موظف لا يزالون في انتظار الترقية التي نطالب برفع حصتها إلى نسبة 33 في المائة بدلا من 28 في المائة التي اعتمدتها الحكومة.

وأوضح دحمان أنه «لو أن الحكومة كانت جدية وتجاوبت مع مطالب النقابات لما كان هناك إضراب، لأن الإضراب يحمل مضمونا سياسيا بامتياز».

وحول نسبة نجاح الإضراب، قال دحمان إن النقابات تجاوزت الإعلان عن نسب المشاركة في الإضراب كمؤشر لنجاحه، وأضحت تعتبر أن الدعوة إلى الإضراب في حد ذاتها تعد مؤشرا إيجابيا، مؤكدا أن نسبة المشاركة في الإضراب بلغت 90 في المائة في عدد من القطاعات مثل التعليم والصحة والعدل والجماعات المحلية (البلديات).

وتطالب النقابات بإدراج الترقية الاستثنائية في الحوار الاجتماعي المركزي لكل الموظفين المستوفين للشروط النظامية للترقية منذ سنة 2003، وعدم اقتصارها على موظفي المراتب الدنيا، كما تطالب بإعادة النظر بشكل شمولي في نظام الترقي والتنقيط والتقييم. كما تطالب بتعميم الاستفادة من التعويض عن العمل في المناطق النائية على كل الموظفين العاملين بهذه المناطق، وعدم اقتصارها على موظفي التعليم والصحة.

وانقسم موقف الاتحاد العام للشغالين في المغرب، الموالي لحزب الاستقلال (يقود الحكومة الحالية)، حول المشاركة في الإضراب. ففيما اتخذت القيادة المركزية للاتحاد قرارا بعدم المشاركة، أعلنت نقابة التعليم التابعة له مشاركتها في الإضراب ودعمها له. وحول هذا التضارب، قال محمد العربي القباج، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للشغالين، «جميع العمال التابعين للاتحاد اشتغلوا باستثناء التعليم. وسبب مشاركة نقابة التعليم التابعة لنا هو كونها ملتزمة منذ مدة بالتنسيق مع نقابات التعليم التابعة للاتحادات العمالية الأخرى في إطار تحالف استراتيجي بين النقابات الأربع».

وعن أسباب عدم مشاركة الاتحاد العام للشغالين في الإضراب، قال القباج، الذي يشغل أيضا منصب مستشار لدى رئيس الوزراء عباس الفاسي، للشؤون النقابية: «طلبنا من الاتحادات العمالية الداعية للإضراب أن تغير التاريخ بسبب رمزية يوم 3 مارس (آذار) بالنسبة للمغاربة، لكونه يصادف ذكرى عيد جلوس الملك الراحل الحسن الثاني، إلا أنها رفضت ذلك. كما أننا نرى أن علينا كنقابات أن نجلس لنوحد الرؤى والمطالب قبل أن ندخل في معارك مشتركة».

إلى ذلك، أكد مصدر حكومي أن الإضراب الذي دعت إليه أمس ثلاثة اتحادات عمالية هي: الاتحاد المغربي للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، «لا مبرر له».

وأوضح المصدر، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية، أنه لا مبرر لهذا الإضراب «على اعتبار أن النقاط التي تطالب بها هذه الاتحادات العمالية مدرجة باتفاق معها منذ أزيد من سنة، في جدول أعمال الحوار الاجتماعي للفترة 2010 - 2011».

وذكر بأنه كان من المقرر أن يتم الشروع في مناقشة هذه النقاط اعتبارا من أبريل (نيسان) المقبل حسب جدول أعمال تم الاتفاق بشأنه والتوقيع عليه بشكل مشترك.