مجلس الوزراء اللبناني يبدأ تمرير التعيينات الإدارية بالتقسيط ووزراء عون يفشلون في منعها بصوت وزير «أرمني حليف»

مصادر حكومية لـ «الشرق الأوسط»: تحالفات ظرفية.. لا يبنى عليها في السياسة

TT

بدأ مجلس الوزراء اللبناني تمرير التعيينات الإدارية بالـ«تقسيط» بعدما تعذر عليه إقرارها بالجملة في الجلسات التي عقدها بعيد تأليف الحكومة العام الماضي. وقال مصدر حكومي لبناني لـ«الشرق الأوسط» إن رئيس الحكومة سعد الحريري طرح بعض التعيينات على مجلس الوزراء ليل أول من أمس كما يسمح له الدستور الذي «نص على التوافق، وإلا فاللجوء إلى التصويت وهذا ما حصل».

غير أن هذا الاتجاه لم يمر دون «مشاكسة» قام بها «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه العماد ميشال عون تحت عنوان إنها «تعيينات فئوية» لأنها تضمنت تعيين مسلمين فقط في مناصب ثلاثة، علما بأن هذه الجلسة شهدت «اصطفافات ظرفية» تباين فيها فرقاء «الأقلية البرلمانية» مما سمح بنيل هذه التعيينات أغلبية الثلثين التي احتاجتها بعدما صوت وزراء رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جانب التعيينات بعد تمهيد سياسي لافت من بري لهذا الموقف، كذلك فعل وزير حزب «الطاشناق» المتحالف مع عون وكان صوته هو المرجح لتمرير القرار، فيما امتنع وزيرا حزب الله عن التصويت كحل وسط.

وفيما أكد «الطاشناق» على الطابع «التكتيكي» لمواقفه قالت المصادر الحكومية لـ«الشرق الأوسط» إن ما حصل في المجلس ليل أول من أمس كان نتيجة «تحالفات ظرفية، لا تحالفات سياسية»، مشيرة إلى أن تيار المستقبل كان قد صوت في مجلس النواب قبل أسابيع إلى جانب تكتل عون في موضوع خفض سن الاقتراع، معتبرة أن ما حصل «لا يصلح للبناء السياسي عليه». وأشارت إلى أن الطاشناق، كما الرئيس بري، صوت مع التعيينات تحت عنوان «منع الشلل في الإدارة الرسمية».

ونقل زوار رئيس الجمهورية ميشال سليمان عنه «حرص الرئيس على التمثيل المسيحي في التعيينات الإدارية»، وتأكيده أن «توقيت التعيينات أمس (أول من أمس) لا يعني التفريط بحقوق المسيحيين أو إلحاق الغبن بهم»، وأنه أشار أمامهم إلى أن «مجلس الوزراء يقوم بالتعيينات الضرورية من أجل السير بالتعيينات الأخرى». وقد شدد رئيس الجمهورية وفق زوّاره على أن «إدارة الدولة تعود له ولرئيس الحكومة وهما يختاران التوقيت»، متسائلا: «إذا فرغ منصب مسيحي في المستقبل فهل ننتظر شغور منصب مسلم للقيام بالتعيين؟».

وأكدت مصادر حكومية أن رئيس الحكومة سعد الحريري شدد على أن عنوان الحكومة يجب أن يكون محاربة الفساد بالعمل وليس بالشعارات، وأثنى على قرار أحد الوزراء في جلسة الحكومة أمس بإحالة أحد المديرين إلى المجلس التأديبي. ولفتت المصادر إلى أن لجوء الحريري إلى طرح موضوع الدفعة الأولى من التعيينات أتى تطبيقا للدستور، مشيرة إلى أنه إذا أراد البعض متابعة حملته على الحكومة بالقول إن الحكومة مشلولة فالتصويت أفضل طريقة لإظهار الفريق المسبب للعرقلة. وفي المقابل دافع نائب حزب الطاشناق أغوب بقرادونيان عن العلاقة مع عون، معتبرا أن «التكهنات بحصول أي خلاف مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون تبقى تكهنات وتمنيات». وقال أمس: «نحن حلفاء الجنرال عون ولا سبب سيؤثر في السير بهذا التحالف، ونحن نؤكد ألا خلافات أو تصدعات بيننا»، موضحا أن «ما حصل في جلسة مجلس الوزراء أن الوزير إبراهيم دده يان، الذي يمثلنا في الحكومة، رأى أنه من مصلحة الحكومة وتبعا لبيانها الوزاري أن يصوت مع القرار، وهو لم يعلم أن صوته يرجح القرار، في حين أنه لا يجب علينا أن نكبّر المسألة». وأضاف: «باسم تكتل النواب الأرمن وحزب الطاشناق، وباسم الوزير دده يان أقول إن ما حصل بالأمس هو قرار اتخذه الوزير وفق قناعاته».

وأكد وزير السياحة فادي عبود أن «تكتل التغيير والإصلاح موافق على الأشخاص الذين تم اختيارهم، ولكن اعتراضنا كان أنه إذا كان المقصود من هذه التعيينات الفعالية، فهذا ما لم نره، واعترضنا أيضا لأنه لم يتم البحث في الشواغر المسيحية في الفئات الثلاث». ولفت إلى أن «هناك شواغر أخرى لها الأهمية نفسها، ومنها التفتيش المركزي وديوان المحاسبة وغيرها وهي بحاجة إلى أن تفعّل أيضا». وبدوره أعلن وزير الطاقة والمياه جبران باسيل أن ما حصل في مجلس الوزراء «بسيط جدا»، وقال: «كلنا حريصون على ملء الشواغر، وأنا أكثر الوزراء المتضررين منها»، وأضاف: «ما قلناه إننا مع تفعيل الهيئات الرقابية بالدخول فيها كاملة وملء كل الشواغر وليس فئة معينة منها، فموقفنا واضح مع التعيينات شرط أن نعمل بحسب الأصول وقد أخذنا وعدا باستكمال هذه التعيينات وملء كل الشواغر».

وأشار وزير الدولة وائل أبو فاعور المقرب من رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط إلى أن «وزراء اللقاء الديمقراطي قاموا بدور توفيقي»، مشيرا إلى أن «فشل الحكومة في إقرار التعيينات، ينعكس سلبا ليس فقط على الحكومة، بل على مجمل الوضع السياسي في البلد، وكان يمكن أن يدخلنا في أزمة»، وتابع أن «وزراء اللقاء الديمقراطي يتفهمون الملاحظات التي سجلها وزراء تكتل الإصلاح والتغيير»، ولكن في نفس الوقت دعَونا إلى السير في التعيينات، مع إعطاء الأولوية للتعيينات التي يتم طرحها، إذ لا يجوز أن ننسى أن هناك قضايا لها علاقة بحياة اللبنانيين اليومية، كالتعيينات في المستشفيات الحكومية ومصالح المياه في المناطق، التي يجب السير بها».