كركوك: العرب يصوتون لعلاوي والكرد للكردستاني والتركمان منقسمون

«الشرق الأوسط» تحاور مكوناتها.. وترصد هدوءا أمنيا غير معتاد قبيل استحقاقات مهمة كالانتخابات

صور مرشحين ومرشحات للانتخابات تغطي واجهة عمارة في كركوك («الشرق الأوسط»)
TT

في جولة استطلاعية لتقييم الوضع الانتخابي في كركوك، لاحظت «الشرق الأوسط» هدوءا أمنيا على غير عادة المحافظة، خصوصا مع اقتراب حدث كبير بحجم الانتخابات النيابية التي طالما استهدفتها القوى الإرهابية في السنوات الماضية، أو على أقل تقدير حاولت أن تعكر صفوها، وفي مقابل هذا الهدوء الأمني، كانت هناك سخونة في الدعاية الانتخابية وصلت في المراحل الأولى من انطلاق الحملة، كما يقول نائب المحافظ التركماني عرفان كركوكي، إلى حد «التصادم بين القوى المتنافسة ووقوع بعض الإصابات، ولكن، الحمد لله، تم تطويق الوضع، وسارت الحملة على أفضل ما يرام، على الرغم من تباعد المكونات بعضها عن بعض، وحتى الانقسام الكبير بين المكونات ذاتها كل على حدة».

وكان كركوكي، وهو رئيس لحزب الشعب التركماني، قد أعد قائمة منفردة لخوض الانتخابات القادمة، ولكنه تراجع مبكرا لينضم إلى التحالف الكردستاني، ويقول: «تجمعنا مع التحالف الكردستاني أواصر قوية وقواسم مشتركة كثيرة، ولذلك فضلنا الانسحاب من المنافسة لصالحه، وسنصوت في الانتخابات لهذه القائمة التي نراها من أفضل المدافعين عن حقوق التركمان في المحافظة، فقائمة التحالف تضم أيضا الكثير من التركمان الأصلاء من شتى مناطق العراق، وكذلك العرب، لذلك نعتبرها قائمة الجميع».

وحول الاتهامات التي يوجهها بعض الأطراف التركمانية والعربية للقيادة الكردية باستقدام أعداد هائلة من كرد تركيا وإيران وتنظيم هويات مزورة لهم لتمكينهم من التصويت لصالح القائمة الكردستانية في كركوك، قال رئيس حزب الشعب التركماني: «ما يقال حول استقدام هذا العدد الهائل من أكراد تركيا وإيران ما هو إلا كذبة كبيرة لا أساس لها من الصحة مطلقا».

وفي جولة ميدانية داخل كركوك لرسم خارطة القوى المشاركة في الانتخابات ومدى حظوظ القوائم والتحالفات الانتخابية بالفوز، لاحظت «الشرق الأوسط» توجها عاما لدى عرب المدينة للتصويت لصالح قائمة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي. ففي تطور لافت، أعلن مرشح تحالف القوى العراقية راكان سعيد الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» قبل يوم من وقف الحملات الانتخابية عن انسحابه من التحالف لصالح قائمة علاوي. وحول أسباب اتخاذه هذا القرار في اللحظة الأخيرة من الحملة الانتخابية، قال الجبوري الذي يحتل منصب نائب محافظ كركوك العربي: «هناك تعددية كبيرة في القوائم الانتخابية، والصف العربي منقسم على ذاته، ولضمان حصولنا على دور في البرلمان القادم وجدنا ضرورة دعم القائمة العراقية التي هي أقوى القوائم الانتخابية حاليا، فهناك توجه عام لدى عرب كركوك بدعم القائمة العراقية».

وعلى الرغم من تأكيد الجبهة التركمانية أنها الممثل الوحيد لتركمان العراق، فإن المواطن التركماني أحمد «ن» يعتبر ذلك مبالغة كبيرة ويقول: «الجبهة التركمانية لا تمثل مجموع الشعب التركماني في العراق ولا حتى في محافظة كركوك بدليل خروج الكثير من الأحزاب والقوى والشخصيات التركمانية من صفوفها في السنوات الأخيرة، فإذا كانت هي الممثل الوحيد فلماذا لا يرضى به الشعب التركماني، أنا عن نفسي سأصوت لصالح أحد المرشحين المستقلين». مواطن تركماني آخر اسمه بهاء الدين محمد كان يأمل في أن تبقى صفوف الجبهة التركمانية موحدة ليتسنى لتركمان العراق كما يقول «أن يكون لهم دور في مراكز القرار السياسي». ويتابع «كان ينبغي على الأحزاب التركمانية أن تفكر في هذا الأمر، وأن تتحالف جميعا قبل خوض الانتخابات لكي نصوت لها، أما الآن وفي ظل هذا الانقسام الكبير فأنا لا أعرف حقيقة لمن أصوت، فجميع الأحزاب التركمانية تدعي أنها تعمل من أجل الشعب التركماني، ولا أجد فرقا بين أي منها، لذلك أنا حائر فعلا، ولا أعرف لمن أصوت».

وعلى الرغم من تداعي الصف الكردي في كركوك وانقسامه بين التصويت لصالح التحالف الكردستاني أو قائمة التغيير التي طرحت نفسها بقوة وزخم كبيرين في هذه الانتخابات، فان هناك إجماعا شعبيا كرديا في المحافظة على المشاركة بحماس بالغ في الانتخابات المقبلة. ويرى رزكار أزي كوران وهو مسؤول في مؤسسة الانتخابات التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة رئيس الإقليم مسعود بارزاني «أن الأغلبية الساحقة ستصوت لصالح الكردستاني، وستحتل القائمة المرتبة الأولى من بين جمع القوائم المشاركة في هذه الانتخابات، فخطابنا السياسي واضح للجميع وهو الدفاع عن مصالح شعبنا في بغداد، وحماية مكاسبنا المتحققة في الدستور، إلى جانب سعينا لاستعادة الهوية الكردستانية لهذه المحافظة».

لكن سامال عبد الله من حركة التغيير يرى العكس من ذلك، ويقول: «التغيير أصبح حاجة ملحة ليس في كردستان بل في كل مكان يوجد فيه الكرد، وفي كركوك سئم الناخبون الكرد من أكاذيب الحزبين الكرديين اللذين استخدما مشكلة كركوك إلى يومنا هذا فقط كدعاية انتخابية من دون أن يقدموا شيئا لصالح سكانها، لذلك نتوقع أن تحصد قائمة التغيير أكثرية أصوات الناخبين». ويعارضه نوزاد رسول، وهو أحد كوادر الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني، قائلا: «من الظلم اتهام القيادة الكردية بأنها لم تفعل شيئا لأجل كركوك، فعلى الأرض لولا دور قوات الأمن الكردية في كركوك، لما كان الوضع الأمني مستتبا إلى حد ما في هذه المحافظة، وعلى الصعيد البرلماني، فإن سكان كركوك لا ينسون المعارك الكبيرة التي خاضها التحالف الكردستاني داخل البرلمان العراقي خلال الدورة السابقة، وخصوصا في المسائل المتعلقة بكركوك، والتهديدات الشوفينية التي استهدفتها، لذلك نحن نتوقع أن شعبنا في كركوك لن يتنكر لفضائل الحزبين».