«فتنة» في البرلمان البريطاني

فوز انتخابي لافت لليميني فيلدرز بهولندا

TT

يعود اليوم النائب اليميني الهولندي المتطرف غيرت فيلدرز إلى بريطانيا بعد أن كان منع من دخولها قبل عام تقريبا، ليعرض فيلمه «الفتنة» في مجلس اللوردات، حاملا معه هذه المرة انتصارين كبيرين، الأول: من بلاده، حيث حقق حزبه المعادي للإسلام انتصارا كبيرا في الانتخابات البلدية، أمس، والثاني: على النظام في بريطانيا الذي حاول منعه دخول البلاد في فبراير (شباط) من العام الماضي.. وفشل.

وبعد أن وعد فيلدرز الهولنديين، أمس، بأن حزبه «سيغزو هولندا» في الانتخابات العامة التي ستجرى بعد نحو ثلاثة أشهر، يصل اليوم في التاسعة صباحا إلى لندن حيث سيعرض فيلمه «الفتنة» في مجلس اللوردات، في خطوة تهدد بإشعال توترات دينية وعرقية في بريطانيا حيث تعيش مجموعة كبيرة من الآسيويين المسلمين. وكانت بريطانيا قد منعت فيلدرز من دخول لندن في فبراير من العام الماضي، بعد أن استندت إلى قانون أوروبي يعطي البلد الحق في رفض إدخال شخص إذا كان يهدد السلم الأمني. إلا أن فيلدرز طعن على القرار ضد وزارة الداخلية أمام محكمة بريطانية، وفاز بالحكم، وسمح له بدخول البلاد.

وسيعرض فيلدرز الذي يحاكم في بلاده بتهمة «التحريض على الكراهية وإثارة العنصرية ضد المسلمين»، فيلمه، بناء على دعوة وجهها له اللورد بيرسون الذي ينتمي إلى حزب معاد لأوروبا، والبارونة كوكس التي كانت من كبار ممولي حزب المحافظين. وقال اللورد أحمد لـ«الشرق الأوسط» إن بيرسون وكوكس لم يستشيرا أعضاء المجلس المسلمين قبل أن يقررا دعوة فيلدرز، مضيفا أن «كليهما لديه تاريخ في مهاجمة المسلمين، لذلك فإن تصرفهما لا يفاجئني». ويعد المسلمون في مجلس اللوردات عشرة أعضاء من بين 733 عضوا.

وقال اللورد أحمد ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كان سيحضر جلسة اليوم: «لن أضيع وقتي على رجل يحاكم في بلاده.. للأسف حضوره إلى بريطانيا لن يضيف شيئا للانصهار وللعلاقات (بين المسلمين البريطانيين والمسيحيين) بل ستؤدي إلى المزيد من التوترات». وأضاف: «من المؤسف أن اللورد بيرسون دعا هذا الرجل عن عمد، لأنه أصبح رائجا في أوروبا اليوم التهجم على المسلمين، وقد شاهدنا ذلك عندما هاجم الرئيس (الفرنسي نيكولا ساركوزي) البرقع، وفي سويسرا عندما صوتوا على منع بناء المآذن، وفي هولندا نجحوا في الحصول على كثير من الدعم بسبب سياستهم المضادة للإسلام..».

ومن غير المعروف عدد أعضاء مجلس اللوردات الذين قد يحضرون الجلسة اليوم، إلا أن فيلدرز لا ينعم بشعبية كبيرة بين الأحزاب البريطانية، وحتى بين حزب المحافظين، بسبب المخاوف من أن تلصق صفة العنصرية بمن يؤيد فيلدرز الذي يدعو إلى فرض ضريبة على ارتداء الحجاب، وإلى حظر القرآن الذي يشبهه بكتاب هتلر «ماين كامف».

ومن المنتظر أن ينظم المسلمون في لندن مظاهرات أمام مجلس اللوردات اليوم اعتراضا على حضور فيلدرز، بينما ينظم مؤيدو «رابطة الدفاع الإنجليزية»، وهي منظمة بريطانية معادية للهجرة، مظاهرات مرحبة بفيلدرز. وتتخوف الشرطة البريطانية من وقوع اشتباكات بين الفريقين، خصوصا وأنها ستكون منشغلة أيضا بمراقبة المتظاهرين ضد حرب العراق الذين سيتجمعون صباحا أيضا أمام مركز «الملكة إليزابيث الثانية» في لندن حيث سيدلي رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون بأقواله أمام لجنة شيلكوت، حول دوره في حرب العراق. إلا أن اللورد أحمد لم يشجع على التظاهر ضد فيلدرز، وقال: «أعتقد أن حضوري سيكون مضيعة لوقتي، وسيكون مضيعة لوقت مجتمعنا إذا قرروا الذهاب إلى البرلمان للتظاهر أمامه في الوقت الذي يتحدث فيه فيلدرز بالداخل».

ونفى مكتب اللورد بيرسون لـ«الشرق الأوسط» أن يكون خلف دعوة فيلدرز رغبة بتوجيه رسالة إلى المسلمين البريطانيين، وقال إن دعوته مجرد احتفال «انتصار لحرية التعبير». ومن المفترض أن يعقد فيلدرز مؤتمرا صحافيا في مكان بالقرب من مجلس اللوردات بعد عرض فيلمه. وفي بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أعلن مكتب بيرسون أن «فيلدرز سيعرض فيلمه في الحادية عشرة من قبل الظهر (توقيت لندن)، والجلسة مفتوحة للأسئلة، وستترأسها البارونة كوكس وبوسع اللوردات والنواب أن يحضروها».

وكان «حزب الحرية» الذي يتزعمه فيلدرز، قد حل في الطليعة في الانتخابات البلدية في مدينة الميرا الهولندية، وثانيا في لاهاي في اقتراع يشكل اختبارا قبل ثلاثة أشهر من انتخابات تشريعية مبكرة. وقال بعد صدور النتائج الأولية: «اليوم نجحنا في لاهاي والميرا وغدا في هولندا بأكملها». وأكد من جديد أمام مؤيديه أن حزبه سيكون الفائز الأكبر في الانتخابات البرلمانية المقررة في هولندا في التاسع من يونيو (حزيران) القادم.

وحصل حزب الحرية على نحو 20% من جملة أصوات الناخبين في المدينتين. وأظهر استطلاع جرى في الوقت نفسها مع الانتخابات المحلية أن «حزب الحرية» يتمتع بأكبر تأييد في هولندا وسيكون أكبر حزب في البلاد إذا جرت الانتخابات العامة الآن. كما وضع استطلاع آخر هذا الحزب في المرتبة الثالثة بين الأحزاب الهولندية، خلف الحزبين الرئيسيين الراسخين بمقاعد قليلة. يذكر أن الائتلاف الحاكم، الذي يضم هذين الحزبين بالإضافة إلى حزب الاتحاد المسيحي قد انهار قبل أسبوعين بسبب قضية تمديد المهمة العسكرية الهولندية في أفغانستان، ويبدو أن الناخبين فقدوا ثقتهم في هذين الحزبين عقب سقوط الحكومة.