طرابلس تحذر شركات النفط الأميركية من عواقب التهكم على القيادة الليبية.. وتعلن حظرا اقتصاديا على برن

السفير الليبي في واشنطن: القذافي لم يكن يعني الكفاح المسلح عندما دعا إلى الجهاد ضد سويسرا

TT

حذرت الشركة «الوطنية الليبية للنفط»، أمس، شركات النفط الأميركية من العواقب التي قد تنجم عن تهكم المتحدث باسم الخارجية الأميركية على دعوة الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي للجهاد ضد سويسرا.

وقال رئيس الشركة «الوطنية الليبية للنفط»، شكري غانم، إنه استدعى ممثلي شركات النفط الأميركية العاملة في ليبيا للتعبير لهم عن استيائه من تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأميركية، وإبلاغهم بالتداعيات السلبية التي قد تنجم عن هذه التصريحات على العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وأضاف غانم أن «الشركات عبرت عن أسفها لتصريحات الناطق الرسمي باسم الخارجية الأميركية، وأكدت أنها ستقوم بمخاطبة الخارجية لإفهامها أن مثل هذه التصريحات ستضر بمصالح الشركات النفطية العاملة في ليبيا». وكانت طرابلس استدعت، أول من أمس، القائمة بأعمال السفارة الأميركية للاحتجاج رسميا على التصريحات التي أدلى بها فيليب كراولي الجمعة الماضي، مطالبة بـ«اعتذار وتوضيح». وكان كراولي سخر من دعوة الزعيم الليبي إلى إعلان الجهاد ضد سويسرا، مذكرا بخطابه أمام الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وقال كراولي: «رأيت هذا النبأ، وذكرني بذلك اليوم من سبتمبر، إحدى الجلسات التي لا تنسى في الجمعية العامة للأمم المتحدة»، مضيفا أن القذافي «قال كلاما كثيرا، وتطايرت أوراقه في كل مكان، من دون كثير من المعنى». وعاد كراولي الأربعاء ليقول إن اللهجة الساخرة التي استخدمها «ليست هجوما شخصيا» على الزعيم الليبي، إلا أنه لم يعتذر. لكن مصادر ليبية مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط» إن ليبيا لا ترغب في توسيع حجم الخلافات مع واشنطن على خلفية الأزمة السياسية المحتدمة بين ليبيا وسويسرا، مشيرة إلى أن طرابلس ترغب في التزام إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بالحياد وعدم التدخل بأي شكل يفسر على أنه نوع من التعاطف مع سويسرا. وفي سياق ذلك, قال سفير ليبيا لدى الولايات المتحدة، علي العجيلي، أمس إن القذافي لم يكن يعني الكفاح المسلح عندما دعا إلى الجهاد ضد سويسرا، وإنما المقاطعة الاقتصادية. وقال السفير لـ«رويترز» إن ليبيا جادة بشأن علاقاتها مع الولايات المتحدة، لكنها لن تسمح بإهانة زعيمها في إشارة إلى تعليقات تتسم بالاستهانة أدلى بها المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية الأسبوع الماضي. وقال السفير الليبي إن تصريحات كراولي أول من أمس لم تقدم الاعتذار الذي ما زالت ليبيا تتوقعه. وكان كراولي قال إنه لم يكن يقصد بتصريحاته السابقة أي هجوم شخصي. ولفتت «مؤسسة النفط الليبية» في بيان لها إلى أن مندوبي هذه الشركات باعتبارهم أعضاء في الجمعية الليبية - الأميركية للأعمال سبق لهم أن أرسلوا خطابا الشهر الماضي إلى وزارة الخارجية الأميركية، أبدوا فيه استياءهم مما قامت به وزارة الخارجية الأميركية من إخضاع مواطني عدد من الدول، ضمنها ليبيا، لإجراءات خاصة في المطارات الأميركية، وأكدوا أنهم سيبذلون قصارى جهدهم للحفاظ على العلاقات الودية الحسنة بين البلدين. ونشر موقع «مؤسسة النفط الليبية» نسخة من الرسالة الموجهة إلى كل من وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، وجانيت نابوليتانو، وزيرة شؤون الأمن الوطني الأميركي. وقالت الرسالة، التي أرسلت نيابة عن الجمعية الأميركية - الليبية للأعمال، إن الإجراءات الأميركية الأخيرة ضد رعايا ليبيا «تخرب العلاقة الثنائية التي تمت إعادة بنائها بحرص واهتمام بواسطة تطورات دبلوماسية غير مسبوقة بين أمتينا خلال السنوات السبع الماضية». ودعت الرسالة، التي تفهمت الحاجة إلى مستويات عالية من الإجراءات الأمنية في المطارات، وكذلك في نقاط دخول أخرى إلى الولايات المتحدة، إلى زيادة التنسيق والتعاون مع ليبيا كأفضل سبيل لتحقيق الأهداف الأمنية لواشنطن.

وأعربت الرسالة عن القلق العميق للمعاملة التي يتلقاها المبعوثون والدبلوماسيون الليبيون إلى أميركا والأمم المتحدة بشكل مستمر، حيث يتم إخضاعهم للتفتيش الثانوي.

وطالبت الرسالة بإعادة النظر في قواعد الإجراءات الأمنية المعلنة، ومعالجة أي مسائل نظامية تستهدف الدبلوماسيين الليبيين بشكل غير عادل في المطارات الأميركية. وحملت الرسالة توقيعات كبار مسؤولي الجمعية الليبية - الأميركية للأعمال وهم: ديفيد ل. ماك، مديرها الشرفي، وإيان ديفيس، مديرها العام، وتشارلز ديتريش، مديرها التنفيذي.

يشار إلى أن شركات النفط الأميركية عملت في ليبيا من عقد الستينات من القرن الماضي، إلا أن شركتي «إكسون» و«موبيل»، اللتين اندمجتا في شركة واحدة، هي «إكسون موبيل»، أجبرتا على مغادرة ليبيا عام 1982، إثر فرض حظر أميركي على خلفية تفجير ملهى ليلي كان يرتاده جنود أميركيون.

وعلى صعيد ذي صلة، وفي تصعيد جديد للأزمة مع سويسرا، قررت الحكومة الليبية، التي يترأسها الدكتور البغدادي المحمودي، بشكل مفاجئ، حظر التعامل الاقتصادي والتجاري مع سويسرا للقطاعين العام والخاص، استجابة لدعوة العقيد القذافي مؤخرا، فيما علمت «الشرق الأوسط» أن ليبيا ستطلب إلى الدول العربية خلال القمة العربية، التي ستستضيفها قبل نهاية الشهر الحالي، اتخاذ إجراءات مناسبة.

وقالت الحكومة الليبية في بيان لها، إنها قررت في اجتماع عقدته أول من أمس في مدينة سرت الساحلية، إيجاد بدائل أفضل لتوريد الأدوية والمستلزمات الطبية والتجهيزات ومشروعات الكهرباء وغيرها، وهو ما يعنى أن ليبيا قررت عمليا إلغاء التعاقدات كافة التي أبرمتها سابقا مع الشركات السويسرية المتخصصة في هذه الأنشطة.

وقال مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط» إن ليبيا ستطلب إلى القمة العربية التي ستستضيفها نهاية الشهر الحالي على أراضيها للمرة الأولى، تبني مشروع قرار يدين «السياسة التعسفية لسويسرا ضد الشعب الليبي». وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، أن ليبيا ستطالب العرب بالتضامن معها في مواجهة سويسرا، مشيرا إلى أن ليبيا وجهت مذكرة رسمية إلى الأمانة العامة للجامعة العربية لتعميمها على دولها الأعضاء في هذا الصدد. وكانت سويسرا قد طلبت وساطة عمرو موسى، الأمين العام للجامعة العربية، بالإضافة إلى محاولة الاستعانة بعلاقات مصر وتونس مع الزعيم الليبي، غير أن هذه الوساطات باءت بالفشل حتى الآن.

ووصف محمد العماري الطويل، رئيس الرابطة الدولية لأنصار الكابتن هانيبال القذافي ومؤسسها، قرار الحكومة الليبية بمقاطعة سويسرا بأنه صائب وفي محله، وجاء في الوقت المناسب، مشيرا إلى أن الحكومة السويسرية لم تع خطورة ما قامت به، والمتمثل في منع شخصيات ليبية من دخول أراضيها، واستغلال اتفاقية شنغن للضغط على الليبيين الراغبين في السفر إلى أوروبا للعلاج.

وأعرب الطويل في تصريحات أدلى بها لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من طرابلس، عن اعتقاده أن مثل هذا الإجراء يجب أن يكون بداية لسلسلة من الإجراءات المستقبلية، مثل «إغلاق السفارة السويسرية في طرابلس وقطع كامل للعلاقات كافة بين ليبيا وسويسرا».