فضائح بالجملة تنهال على الديمقراطيين في أميركا

في فترة حساسة تشبه تلك التي هزت عرش الجمهوريين قبل 4 سنوات

ديفيد باترسون (رويترز) وتشارلز رينجيل (أ.ب) وإريك ماسا (أ.ف.ب)
TT

تتفاقم الفضائح الأخلاقية التي تواجه الديمقراطيين في الولايات المتحدة، حيث لم يكد يمر يوم، خلال الأسابيع الأخيرة، من دون تصدر أخبار فضيحة، أو مزاعم باقتراف عمل مشين من قبل أحد أعضاء الحزب، العناوين الرئيسة لوسائل الإعلام في مختلف أرجاء البلاد من واشنطن حتى نيويورك. وأضافت المشكلات التي واجهها حاكم نيويورك، ديفيد باترسون، وأعقبتها مشكلات اثنين من أعضاء الكونغرس من الولاية، هما تشارلز رينجيل، وإريك ماسا، مزيدا من المصاعب أمام الحزب إلى جانب تلك الناجمة عن مشكلات أعضاء بارزين به أمثال إليوت سبيتزر، ورود بلاغوجيفيتش، وجون إدواردز.

ويواجه الديمقراطيون بسبب هذه القضايا انتقادات تصل إلى مستوى الانتقادات نفسها التي سبق أن استغلها ديمقراطيون بقيادة رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، وكبير العاملين في البيت الأبيض، راهم إيمانويل، بفعالية ضد الجمهوريين، ومكنتهم من استعادة السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ منذ أربعة أعوام ماضية.

وبمقدور مزيج السلطة وإغراءات الفساد إفراز قضية سياسية كبرى في أي وقت. إلا أنه في وقت تبدو علامات الغضب على الناخبين، ويبدي كثيرون بالفعل ميلهم للنظر إلى كل ما يتعلق بواشنطن بريبة وتشكك، فإن المخاطر التي يجابهها الديمقراطيون هذا العام ربما تفوق في حجمها المخاطر في أي عام آخر.

مع وجود ثمانية شهور تفصل بيننا وبين الانتخابات، لا تزال هناك فرصة أمام الديمقراطيين للحيلولة دون إعادة التاريخ نفسه. لكن الديمقراطيين، الذين يتخذون بالفعل موقف الدفاع في ما يخص قضايا الاقتصاد والرعاية الصحية والإنفاق الفيدرالي، ويواجهون جبهة محافظة استعادت نشاطها من جديد، فوجئوا بمجموعة من القضايا الأخلاقية بات لزاما عليهم التصدي لها أيضا. في هذا السياق، أشار زعيم الجمهوريين بمجلس النواب، جون بوينر، من ولاية أوهايو، إلى أن «رئيسة مجلس النواب بيلوسي سبق أن أطلقت وعدا شهيرا بإقرار أكبر قدر من الشفافية والصدق والأخلاق داخل الكونغرس على مدار تاريخه. ومع ذلك، عدنا مجددا لما كان عليه الحال فيما مضى».

عام 2006، عندما كان الديمقراطيون يقاتلون للسيطرة على مجلس النواب، دارت حملتهم ضد الجمهوريين حول كلمتين: ثقافة الفساد. وعمد قادة الحزب الديمقراطي بقوة إلى استغلال أي اتهام موجه إلى عضو بالحزب الجمهوري أو أحد أعضاء جماعات الضغط المناصرة للحزب، مشددين على أن الحزب الجمهوري باعتباره مسيطرا على الحياة السياسية في البلاد أصابه الغرور والصلف، وبات في حاجة ملحة لتطهير صفوفه.

إذن هل حانت الآن لحظة مرور الديمقراطيين بتجربة مشابهة؟ صرح تيم كين، الحاكم السابق لفيرجينيا رئيس اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي (هيئة قيادية تضم ممثلي الحزب)، أن الموجة الأخيرة من الادعاءات ضد العديد من أعضاء الحزب الديمقراطي تثير القلق. إلا أنه استطرد بأن القضايا الأخيرة - التي تدور في معظمها حول سياسيين من نيويورك - نادرا ما بلغ أي منها المستوى الوطني العام الذي بلغته الفضائح التي هزت عرش الجمهوريين قبل أربع سنوات. في ذلك الوقت، أدين توم ديلاي، زعيم الجمهوريين بمجلس النواب، في تكساس، ومست فضيحة استغلال النفوذ التي ارتبطت بعضو إحدى جماعات الضغط، جاك أبراموف، العديد من أعضاء الكونغرس من الجمهوريين.

وقال كين، خلال مقابلة أجريت معه: «لا أعني أن يتحلى الأفراد باللامبالاة تجاه مسؤولياتهم الأخلاقية. لكن أعتقد أن هذا الوضع مختلف قليلا. تفجر قضيتين بالولاية ذاتها في نفس الأسبوع يختلف عن نمط الفساد الذي تفشى بين أعضاء الكونغرس بمختلف أرجاء البلاد».

من ناحيتها، سارعت بيلوسي في الآونة الأخيرة إلى التعامل مع الانتقادات المتصاعدة المحيطة برينجيل، الذي تعرض للتوبيخ من قبل لجنة الأخلاق بمجلس النواب لقبوله رحلات ترعاها شركات إلى منطقة الكاريبي. ولا يزال يجري التحقيق معه بشأن اتهامات أكثر خطورة.

يذكر أن رينجيل تنحى، أخيرا، عن منصبه كرئيس للجنة السبل والطرق، في خطوة حالت دون اندلاع أي معركة سياسية حول مصيره. من جهتها، عمدت اللجنة الوطنية الجمهورية في الكونغرس إلى تكثيف ضغوطها على المشرعين الديمقراطيين بمختلف أنحاء البلاد لإعادة التبرعات السياسية التي تلقوها من رينجيل، وقد كان واحدا من أكثر المتبرعين بسخاء لزملائه في الكونغرس.

حملت إحدى الملصقات الجمهورية عبارة «الجميع في طريقهم نحو النصر» وأسفلها صورة لرينجيل يقف معترضا طريق قطار يكشف عدد الحملات الانتخابية الديمقراطية التي ساعد في تمويلها.

منذ الجمعة الماضية، أعاد 29 نائبا ديمقراطيا أو تبرعوا على منظمة خيرية بأكثر من 400.000 دولار من إسهامات تلقوها من ثلاث لجان سياسية لجمع تبرعات أشرف عليها رينجيل. إلا أنه لا يزال هناك كثيرون لم يردوا الأموال التي تلقوها بعد. ومن بين الذين لم يردوا الأموال النائب الديمقراطي مايكل إي مكموهان، عن نيويورك، والذي حصل على أكثر من 70.383 دولار.

من جهتها، رفضت بيلوسي، الاتهامات الموجهة إلى أعضاء حزبها بأنهم لم يوفوا بوعدهم بالقضاء على ثقافة الفساد داخل الكونغرس. كما نوهت إلى أنها أنشأت مجموعة خارجية لتلقي الشكاوى بشأن أعضاء الكونغرس، والتي يمكن تحويلها بسهولة إلى لجنة الأخلاق داخل مجلس النواب. وأكدت خلال مؤتمر صحافي أن «التزامي تجاه الشعب الأميركي يدور حول أن نكون دوما على مستوى ثقة الرأي العام. وداخل مجلس النواب، نحقق ذلك بالفعل».

يذكر أن الرئيس أوباما تعهد خلال حملته الانتخابية بتغيير أسلوب العمل السياسي في واشنطن وتعزيز الشفافية والأخلاق. لكنه انتهج توجها عاما اتسم بتجنب التعليق على الفضائح أو المزاعم المرتبطة بسياسيين ديمقراطيين. منذ شهور، عمل العديد من كبار مستشاريه وراء الكواليس في محاولة لتثبيط الحاكم باترسون عن الترشح في الانتخابات، الأمر الذي فشلوا في تحقيقه. والأسبوع الماضي، اعترف باترسون أنه لن يشارك في القائمة الانتخابية في الخريف المقبل، لكنه رفض التنحي عن منصبه. وأعلن البيت الأبيض أنه لا نية لديه لتناول موقف باترسون مجددا، لكن العديد من مستشاري الرئيس يتابعون قضيته عن قرب.

وربما تكون قضية حاكم آخر هي التي استحوذت على قدر أكبر من الاهتمام من جانب البيت الأبيض، وهي قضية بلاغوجيفيتش الذي أدين بالتقصير العام الماضي كحاكم لولاية إلينوي ويواجه محاكمة جنائية في يونيو (حزيران) المقبل. ومن المتوقع أن تبدأ إجراءات المحاكمة في وقت يقاتل الديمقراطيون على جبهات عدة، بينها الحملة للفوز بمقعد مجلس الشيوخ الذي كان يتقلده في يوم من الأيام الرجل الموجود حاليا داخل المكتب البيضاوي.

* خدمة «نيويورك تايمز»