العقوبات على إيران تدخل مرحلة نهائية.. وطهران ترد بتسريح طيارين روس

مصادر إيرانية لـ «الشرق الأوسط»: الاستغناء عن الطيارين مسألة فنية > مجموعة جينز: موقع إيراني جديد لإطلاق الصواريخ

تقرير مجموعة «جينز» عن أن إيران تبني موقعا جديدا لإطلاق الصواريخ إلى الفضاء يصعد التوتر بينها وبين الغرب (إ. ب. أ)
TT

مع تبلور شكل العقوبات المتوقع أن تفرض على إيران خلال الأسابيع المقبلة، والتي تشمل البنوك الإيرانية في الخارج وشركات ملاحة إيرانية وفرقا تتبع للحرس الثوري، وتتجنب الغاز والنفط لضمان تأييد الصين وروسيا، سعت طهران أمس إلى الضغط على موسكو مقدما من أجل دفعها للنأي بنفسها عن دعم تلك العقوبات، والضغط لمد مسار الدبلوماسية. فقد نقل عن وزير الطرق والمواصلات الإيراني حميد بهبهاني قوله أمس إن إيران منحت الطيارين الروس الذين يعملون فيها مهلة شهرين لمغادرة إيران لأنها لا تحتاج إليهم. وفيما لم يتطرق الوزير الإيراني إلى أي صلة بين القرار ودعم موسكو للعقوبات على طهران وتعطيل بناء مفاعل بوشهر وتأجيل تسليم إيران صفقة الأنظمة الصاروخية «إس 300»، كما رفضت مصادر إيرانية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» ربط تسريح الطيارين بالعلاقات السياسية مع موسكو، موضحة أن «الموضوع فني»، فإن خطوة طرد الطيارين الروس من إيران مؤشر أكيد على تأزم العلاقات بين إيران وروسيا، خاصة بعدما عبرت طهران عن إحباطها لأن موسكو لم تنقل إليها نظام الدفاع الصاروخي الذي يتيح لها حماية منشآتها النووية ضد أي هجمات إسرائيلية محتملة.

وقال بهبهاني «تنفيذا لأوامر الرئيس محمود أحمدي نجاد حددت وزارة الطرق والمواصلات مهلة شهرين لمغادرة كل الطيارين الروس إيران». وقال لوكالة «فارس» للأنباء «عندما يكون لدى بلدنا الكثير من الطيارين المهرة والمتخصصين فلا توجد حاجة لجلب طيارين من الخارج». وفيما رفضت مصادر إيرانية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» الربط بين خطوة طرد الطيارين الروس ودعم موسكو لمبدأ عقوبات على إيران ما دامت الدبلوماسية مجمدة، فإن وكالة «فارس»، شبه الرسمية للأنباء، ذكرت أن فكرة إصدار أوامر للطيارين الروس بمغادرة البلاد طرحت بعد حادث اشتعال النيران في طائرة روسية الصنع أثناء هبوطها في شمال شرقي إيران في يناير (كانون الثاني) مما أسفر عن إصابة أكثر من 40 شخصا. وذكرت الوكالة أن الطائرة تابعة لشركة «تابان» الجوية الإيرانية لكن الطيار كان روسيا. ولم تكشف الوكالة الإيرانية عن عدد الروس الذين لا يزالون يعملون في شركات خطوط الطيران الإيرانية.

وأعلن طيار إيراني يقود طائرة من طراز «توبوليف»، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن التدريب على مهمة مساعد قائد الطائرة يستغرق ما بين شهرين إلى ثلاثة. وأضاف الطيار، طالبا عدم الكشف عن هويته «لا أظن أن الطائرات الروسية ستبقى على الأرض بعد رحيل الطيارين الروس لأن ثمة أعدادا من الطيارين (الإيرانيين) في المدارس الخاصة المتزايدة».

وشهدت إيران مجموعة من حوادث تحطم الطائرات في العقود القليلة المنصرمة، بينها الكثير من حوادث تحطم طائرات روسية الصنع. وأوضح بهبهاني أن نحو 120 طائرة من بين 193 طائرة يضمها الأسطول التجاري الإيراني تعمل في الوقت الحالي، لكن باقي الأسطول لا يعمل لسبب أو لآخر.

وروسيا التي تربطها علاقات تجارية كبيرة مع إيران من بين الدول الست التي تحاول الوصول إلى حل دبلوماسي للنزاع الدائر حول البرنامج النووي الإيراني.

وأشارت موسكو إلى أنها قد تدعم فرض عقوبات جديدة على إيران بشرط ألا «تعوق» الاقتصاد الإيراني أو تستهدف البنوك أو الغاز. إلى ذلك، تعكف إيران على بناء موقع جديد لإطلاق الصواريخ إلى الفضاء على بعد مسافة قصيرة من موقع حالي بالتعاون مع كوريا الشمالية على ما يبدو، حسبما أوردت مجموعة «آي إتش إس جينز» البريطانية. وقالت المجموعة المتخصصة في معلومات الدفاع ومقرها لندن، إن عمليات البناء التي أظهرتها صور أخذت بالأقمار الصناعية للموقع الجديد الواقع قرب مدينة سيمنان شرق طهران، تشير إلى أن إيران تتعاون مع بيونغ يانغ.

وكانت طهران كشفت عن صاروخ «سيمورغ» (الفينيق) لحمل المركبات إلى الفضاء في الثالث من فبراير (شباط)، إلا أنها لم تكشف عن موقع إطلاق الصاروخ. غير أن مجموعة «جينز» قالت إنها لاحظت في صورة للأقمار الصناعية التقطت في السادس من فبراير، موقعا جديدا لإطلاق الصواريخ على بعد أربعة كيلومترات شمال شرقي موقع سيمنان الحالي. وأشارت إلى أن الموقع قد يستخدم لإطلاق صاروخ «سيمورغ» الإيراني من الجيل التالي.

وقالت مجموعة «جينز» إنها باستخدام صور أقمار صناعية التقطت في 11 فبراير أثناء إحياء إيران الذكرى الحادية والثلاثين للثورة الإسلامية، استطاعت رصد صواريخ «سيمورغ» و«سفير – 2» أثناء العرض في ساحة أزادي وسط طهران.

ويبلغ طول الصاروخ 27 مترا، وقطره 2.5 متر، ويزن 85 طنا، وهو مزود بأربعة محركات، والهدف من الصاروخ وضع قمر صناعي بوزن 100 كلغم في مدار الأرض بارتفاع 500 كلم، في غضون عامين. وذكرت المجموعة أن موقع الإطلاق يحتوي على برج إطلاق بعرض 13 مترا وطول 18 - 20 مترا «وفيه حفرة لاستيعاب اللهب بعمق يعادل ارتفاع البرج نفسه».

وقالت المجموعة إن المشروع يبدو «في منتصف مراحل اكتماله»، مضيفة أن منصة الإطلاق يمكنها أن تستوعب وبسهولة صاروخ «سيمورغ» بطول 27 مترا إذا ما تمت زيادة علو البرج بنحو عشرة أمتار إضافية. وأضافت أن «تطوير منشأة سيمنان وصاروخ (سيمورغ) يظهر ترجيح تعاون كوريا الشمالية في برنامج إيران الصاروخي». وقالت إن «المنصات التي شوهدت مثبتة على برج الإطلاق الجديد تشبه تلك التي شوهدت على البرج في موقع تونغتشانغ الجديد الكوري الشمالي لإطلاق الصواريخ. كما أن حفرة التصريف بعمق 170 مترا الواقعة مباشرة أمام منصة الإطلاق تشبه تماما تلك الموجودة في منصة إطلاق بيونغ يانغ على الساحل الغربي». يأتي ذلك، فيما قال دبلوماسيون إن اقتراحا غربيا لفرض عقوبات جديدة على إيران يتضمن دعوة لفرض قيود على البنوك الإيرانية الجديدة في الخارج، ويحث على «اليقظة» ضد البنك المركزي الإيراني. وقال دبلوماسيون على اطلاع على المفاوضات بشأن مسودة الاقتراح شريطة عدم نشر أسمائهم إنه لم يعد هناك حث على وضع البنك المركزي في قائمة سوداء رسمية للأمم المتحدة.

وأضافوا أن المسودة تدعو أيضا إلى فرض قيود على البنوك الإيرانية الجديدة في الخارج تجعل من الصعب على طهران التملص من حملة عالمية على التحويلات مع المؤسسات المالية الإيرانية القائمة من خلال إقامة مصارف جديدة. وعملت واشنطن على إعداد المسودة مع بريطانيا وفرنسا وألمانيا ثم تقاسمتها بعد ذلك مع روسيا والصين. وقال دبلوماسي لـ«رويترز»: «سنتطلع إلى تشديد القيود على نشاط البنوك الإيرانية الجديدة في الخارج».

وفرض مجلس الأمن الدولي ثلاث جولات من العقوبات على إيران لتحديها مطالب الأمم المتحدة بوقف تخصيب اليورانيوم. وقال دبلوماسي آخر إن الحث على الحذر من البنك المركزي الإيراني في الاقتراح الذي أعدته واشنطن لا بد أن يكون مقبولا لروسيا والصين أكثر من مسألة وضعه ضمن قائمة سوداء، وهو ما كان سيجعل من الصعب على أحد الاستثمار في إيران.

وقال دبلوماسي ثان إن «الفكرة هي الدعوة إلى زيادة اليقظة فيما يتعلق بالتحويلات المرتبطة بالبنك المركزي الإيراني التي يمكن للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وآخرون استخدامها كأساس لتنفيذ قيودهم الأكثر صرامة على مثل هذه التحويلات».

وهناك بنك إيراني واحد هو بنك «صباح» المدرج في قائمة سوداء، بموجب سلسلة من عقوبات الأمم المتحدة التي وردت في ثلاثة قرارات وافق عليها مجلس الأمن الدولي في أعوام 2006 و2007 و2008. وأصدر المجلس أيضا تحذيرات بشأن بنكين آخرين هما بنك «ملي» وبنك «صادرات»، لكن لم يتم وضعهما في القائمة السوداء. ولا تدعو المسودة إلى فرض عقوبات ضد صناعتي النفط والغاز الإيرانيتين مثلما اقترحت مسودة فرنسية في وقت سابق.

وتستهدف المسودة الجديدة أيضا شركات ملاحة إيرانية وفرق الحرس الثوري الإيراني وشركات متصلة به. وقال دبلوماسيون إن الإجراءات ستحد أيضا من تغطية التأمين وإعادة التأمين للشحنات الواردة والمغادرة لإيران. وستوسع أيضا من القيود على تجارة السلاح مع إيران لتصبح حظرا كاملا على الأسلحة، بما في ذلك إقامة نظام تفتيش عالمي مماثل للنظام الموجود ضد كوريا الشمالية.