مؤتمر دولي حول النووي السلمي تستضيفه باريس الاثنين والثلاثاء القادمين

إيران وكوريا الشمالية لم تُدعيا إليه.. وليبيا تقاطعه

TT

استبقت باريس قمة الأمن النووي التي دعا إليها الرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن في شهر أبريل (نيسان) ومؤتمر نيويورك في شهر مايو (أيار) لمراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية بالدعوة إلى مؤتمر دولي عن الاستخدامات السلمية للطاقة النووية الذي سيعقد يومي الاثنين والثلاثاء في العاصمة الفرنسية في مقر منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية بحضور 65 بلدا وما يزيد على 700 وزير وخبير وموظف وصناعي. وإعطاء المؤتمر الأهمية التي يستحقها، فإن الرئيس ساركوزي سيفتتحه صباح يوم الاثنين بينما يختتم أعماله رئيس الحكومة فرنسوا فيون. وتحضر المؤتمر الدول النووية الرسمية الخمس الأعضاء في مجلس الأمن الدولي (فرنسا، وبريطانيا، والولايات المتحدة الأميركية، وروسيا، والصين) ودول «الأمر الواقع النووية» وهي الهند وباكستان وإسرائيل و13 بلدا عربيا: «السعودية، ومصر، والجزائر، والأردن، والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، وقطر، والمغرب، وعمان، وسورية، وتونس، والكويت، واليمن».

ورفضت ليبيا - وكذلك النيجر وغانا - الدعوة التي وُجهت إليها فيما امتنعت باريس عن توجيه الدعوة إلى دولتين لديهما ملفات نووية عالقة مع الوكالة الدولية لطاقة النووية ومجلس الأمن الدولي هما إيران وكوريا الشمالية.

وقالت مصادر فرنسية إن طهران لم تُدعَ «لأن سلوكها لا يدل على رغبتها في التعاون مع الأسرة الدولية» بشأن الملف النووي. ولذا لم تجد باريس حاجة إلى توجيه الدعوة إليها خصوصا أن البحث جار بين العواصم المعنية وداخل أروقة مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات إضافية عليها بسبب رفضها التعاون مع الوكالة ومع مجلس الأمن. وفي المقابل، لم توضح المصادر الفرنسية الأسباب التي تجعل ليبيا ترفض حضور المؤتمر.

وتم توجيه الدعوات إلى البلدان المعنية لا إلى دول أخرى لأنها عبّرت عن رغبتها بشكل أو بآخر في الحصول على التكنولوجيا النووية السلمية.

وترى باريس التي دأب رئيسها على الترويج لفكرة أنه من حق الدول كافة أن تحصل على المنافع المترتبة على امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية بشرط توفير الضمانات حول الاستخدام السلمي لهذه الطاقة، أن «لا سبب يحول دون امتلاك الدول العربية والإسلامية» للنووي السلمي. ولذا فإن الموقف الفرنسي الرسمي يلخص بأن باريس «مستعدة لمساعدة أي دولة ترغب في الحصول على التكنولوجيا النووية».

وترفض باريس الخوض في هذه المسألة من زاوية كونها سوقا واعدة للسنوات القادمة بسبب تناقص مخزون النفط والغاز في العالم وبسب الرغبة في الحد من انبعاث غازات ثاني أكسيد الكربون باعتبار أن الطاقة النووية تعد طاقة «نظيفة». ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن خبراء «الجمعية النووية العالمية» أن العالم بحاجة إلى ما يزيد على 450 مفاعلا نوويا للسنوات العشرين القادمة، وتقدر قيمة هذه المشروعات بمئات المليارات. ويعقد مؤتمر باريس بحضور مدير عام وكالة الطاقة النووية الياباني يوكيا أمانو الذي سيتولى إدارة جلساته. وسيغتنم المسؤول الدولي مناسبة وجوده في العاصمة الفرنسية لإجراء للقاء وزير الخارجية برنار كوشنير سيدو بشكل رئيسي على الملف النووي الإيراني وعلى الجهود القائمة في الوقت الحاضر لتوفير أكثرية في مجلس الأمن الدولي تصوت لصالح قرار جديد أعدت مسودته الولايات المتحدة الأميركية بالتعاون مع فرنسا وبريطانيا.

وقالت مصادر فرنسية واسعة الإطلاع إن باريس «لم تعد تعتبر روسيا عقبة بوجه التصويت على القرار المذكور» رغم اختلاف التصريحات بين المسؤولين الروس. وجدير بالذكر أن العقوبات كانت على جدول مباحثات الرئيس ميدفيديف في باريس بحر هذا الأسبوع. وأعرب ميدفيديف عن استعداده للسير بعقوبات جديدة شرط أن تكون «ذكية» وأن لا تؤدي إلى «مآسٍ إنسانية». غير أن وزير الخارجية سيرجي لافروف أطلق تصريحات «مغايرة» إذ أكد الحاجة إلى استمرار الحوار مع طهران وهو الموقف الذي تدافع عنه الصين والبرازيل وتركيا ودول أخرى من غير الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن.

وفي هذا السياق، قالت المصادر الفرنسية الرسمية إن باريس «لن تلوم لبنان (العضو غير الدائم) في حال عارض مشروع قرار العقوبات في مجلس الأمن عندما يُطرح رسميا أو في حال امتنع عن التصويت عليه لأننا نعرف وضعه الداخلي وتوازناته السياسية وعلاقاته الإقليمية والخارجية (في إشارة إلى سورية وإيران)، ولا رغبة لنا في خلق المشكلات للحكومة اللبنانية». وكان هذا الموضوع قد أثير مؤخرا إبان الزيارة الرسمية التي قام بها إلى باريس رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري. ورد الحريري وقتها بالقول إن لبنان «يمثل الدول العربية» وسيصوت «وفق مصلحته الوطنية».

ولا تتوافر حتى الآن في مجلس الأمن الأصوات العشرة الضرورية لإقرار مشروع القانون الذي وزع المندوب الأميركي في مجلس الأمن نسخة منها على أعضائه الأسبوع الحالي. فضلا عن ذلك، ما زالت المعارضة الصينية تمنع التقدم على درب التصويت، إذ ترغب الدول الغربية في الحصول على أكبر دعم دولي في مجلس الأمن. وفي حال رفضت بكين التصويت لمصلحته، فإن القرار لن يمر إلا إذا قبلت الصين الامتناع عن التصويت وتفادي استخدام حق النقض «الفيتو». وحتى تاريخه، لم تقدم الصين أي ضمانة لا في هذا الاتجاه ولا في ذاك.