عميل كوري شمالي يخرج من الظل في فيينا مخاطرا بحياته

ظل 20 عاما يشتري المنتجات الفاخرة والأسلحة في أوروبا لحساب قادة بيونغ يانغ

TT

أمضى كيم يونغ ريول 20 عاما يشتري المنتجات الفاخرة والأسلحة في أوروبا لحساب قادة كوريا الشمالية قبل أن يفر من بلاده عام 1994. وهو يخشى على حياته، خصوصا أنه خرج إلى العلن هذا الأسبوع في فيينا.

وقال ريول لوكالة الصحافة الفرنسية: «لقد خرجت من الظل، لكن إلى متى ستشرق الشمس بالنسبة إليّ؟ لا أعرف. أظن أن الأمر لن يطول». ويضيف هذا الرجل البالغ الخامسة والسبعين، وقد أرخى لحية قصيرة غزاها الشيب وارتدى بزة واسعة بعض الشيء: «سيحاول الكوريون الشماليون القبض علي وقتلي». على مدى 20 عاما، زود كيم يونغ ريول، صاحب البسمة الدائمة، كبار مسؤولي النظام الكوري الشمالي منتجات غربية قانونية أو غير شرعية ملتفا بسهولة على الحصار الاقتصادي المفروض على بلاده.

وخلال تنقلاته الكثيرة إلى أوروبا، كان هذا العميل، الذي يتحدث بطلاقة الألمانية التي تعلمها في ألمانيا الشرقية سابقا، يشتري تجهيزات التجسس المتطورة والأسلحة والطائرات الصغيرة والسيارات الفخمة والسجاد، وحتى مسدسا مطليا بالذهب لزعيم البلاد في تلك الفترة كيم إيل سونغ. وشكلت فيينا إحدى وجهاته المنتظمة، حيث كان يستفيد من السرية المصرفية وحرية التجارة وعدم الصرامة من عمليات التدقيق في المطار.

كان يسافر مستعينا بجواز سفر دبلوماسي، وغالبا ما كان يحمل حقيبة يد مليئة بالأموال، ليمضي أشهرا متواصلة في أوروبا متعاملا مع شركات صغيرة لا تكترث كثيرا لوجهة السلع في مقابل عمولة نسبتها 30%. وغالبا ما كانت أجهزة المراقبة المحظورة وبنادق الصيد وأجهزة التشويش، تخزن في أقبية السفارة الكورية الشمالية في فيينا ليعاد تجهيزها وإخراجها من البلاد بوثائق مزورة، وبمساعدة موظفي جمارك تمت رشوتهم.

وكانت بيونغ يانغ تتعامل تاليا مع شركات نمساوية وسويسرية وألمانية وفرنسية. وكانت بعض السلع مصدرها تشيكوسلوفاكيا كذلك.

ويروي كيم يونغ ريول ذلك كله في كتاب بعنوان «في خدمة الديكتاتور»، الذي كتبه بمساعدة الصحافية النمساوية إنغريد شتاينر - غاشي وزوجها دردان غاشي، والذي أخرجه إلى العلن هذا الأسبوع.

وكان الكولونيل كيم يونغ ريول عضوا وفيا في الحزب، وصاحب سجل ناصع فيه عندما قرر الفرار في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 1994 خلال رحلة إلى النمسا، ناشرا خبر وفاته في وقت كان يستعد للصعود إلى طائرة تعيده إلى بلاده. وقد شعر بالاشمئزاز من النظام الذي يعيش بترف في حين كان السكان يموتون من الجوع، فقرر مغادرة عائلته من دون أن يطلعها على نياته حفاظا على أمنها وسلامته في آن. وهو يقول: «كنت أريد الحرية، كنت في حاجة إليها». كان يأمل في العودة إلى بلاده بعد سقوط النظام الشيوعي، وقد أعطته وفاة كيم إيل سونغ الأمل في 1994، ويقول: «كنت آمل في حصول تغيير أو ثورة بعد وفاة الديكتاتور الكبير».

لكنه يشدد: «انتظرت طويلا، وبعد 15 عاما لا أزال هنا. وعزائي الوحيد هو هذا الكتاب. هذا الكتاب على الأقل هو شاهد على ما حصل». وعاش تلك الفترة كلها في وضع غير قانوني في النمسا متجنبا الإقامة لفترة طويلة في أي مكان، ومؤمنا عيشه من المدخرات القليلة التي يملكها.

ويقول كيم، الذي تعلم اليابانية لمتابعة ما يجري في بلاده عبر القنوات اليابانية، إنه فقد الأمل في العودة: «أحلم برؤية عائلتي، ابني وابنتي مجددا مرة أخيرة قبل أن أموت.. لكن الأمل ضعيف». بيد أن كيم أخذ احتياطاته، ويقول: «غدا لن تروني مجددا. سأختفي». ومن جهة أخرى، انضمت الولايات المتحدة إلى الصين في دعوتها كوريا الشمالية لاستئناف المحادثات السداسية لنزع سلاحها النووي. ونقلت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية «يونهاب» عن فيليب كراولي، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، قوله: «نود أن نرى المحادثات السداسية تستأنف من جديد في أقرب وقت ممكن.. لكن كما قلت مرارا وتكرارا أن الأمر الآن في يد كوريا الشمالية كي توافق على العودة لطاولة المحادثات، وتتخذ خطوات حاسمة نحو نزع السلاح النووي».

جاءت تصريحات كراولي بعد تعليقات أدلى بها كبير مبعوثي الصين للمحادثات النووية، وو داوي، الذي قال في وقت سابق، الجمعة، في بكين إن كوريا الشمالية سوف تعود لطاولة المحادثات قبل يوليو (تموز) المقبل. وقال وو داوي لصحيفة «تشاينا ديلي»: «إن هدف الصين هو استئناف المحادثات السداسية خلال النصف الأول من هذا العام.. على الرغم من أني غير واثق من تحقيق هذا الهدف». وتصاعدت الضغوط الدولية في الأسابيع الأخيرة لحث كوريا الشمالية على العودة للمحادثات النووية المعلقة منذ انسحاب بيونغ يانغ قبل 11 شهر. وذكرت «يونهاب» إن كيم كاي جوان، كبير مبعوثي كوريا الشمالية للمحادثات النووية، يخطط للقاء مسؤولين أميركيين، للحث على استئناف المحادثات خلال ندوة أكاديمية مقرر عقدها هذا الشهر في نيويورك.