الرئيس اللبناني لـ «الشرق الأوسط» : المصلحة العربية لن تتحقق إلا بمعادلة س + س + م.. وأكثر

أكد أن لبنان سيسأل عن مصير الصدر ورفيقيه عندما تأتيه الدعوة لقمة ليبيا

الرئيس سليمان .. لبنان لم يعد ضعيفا (أ.ف.ب)
TT

بدا الرئيس اللبناني ميشال سليمان، غير متفائل بأي منحى تفاوضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين على ضوء قرار لجنة متابعة مبادرة السلام العربية الذي أعطى الجانبين جدولا زمنيا للتفاوض لا يتجاوز سقفه الأعلى 4 أشهر.

وتعود حالة التشاؤم التي أبداها الرئيس اللبناني، تجاه القرار العربي تحديدا، لعدة أسباب منها: أنه ليس شأن الجامعة العربية أن توفر غطاء لمثل هذه المفاوضات، ويعود الأمر الآخر لكون إسرائيل ليست شريكا حقيقيا في عملية السلام بسبب حكومتها المتطرفة.

وأدخل ميشال سليمان، في حديث مطول مع «الشرق الأوسط» أجرته معه من مقر إقامته في العاصمة الرياض، حرفا جديدا لمعادلة «س س» الخاصة بالتقارب السعودي - السوري، هو «م» في إشارة إلى مصر، معتبرا أن من شأن ذلك تحقيق المصلحة العربية المشتركة، وذلك للثقل التي تمثلها العواصم العربية الثلاث: القاهرة، والرياض، ودمشق.

وعند سؤال الرئيس اللبناني، حول تأثر بلده الصغير، ووقوعه ضحية للخلافات العربية - العربية، أعاد الأمر، لكون لبنان «بلد التنوع الكبير، وتقاطعا للسياسات والمرجعيات».

ولا يكتفي سليمان، بالدعوة، لتجنيب لبنان تجاذب الخلافات العربية - العربية، بل يقرن ذلك بالعمل للنأي بلبنان عنها.

وقال الرئيس سليمان إن مشاركة لبنان في قمة ليبيا «إشكالية سياسية يعود لمجلس الوزراء بتها». مشيرا إلى أنه «عندما تردنا الدعوة الرسمية إلى حضور القمة سنتخذ القرار المناسب بشأنها في ضوء الاعتبارات المختلفة التي تتحكم في مثل هذا القرار. وعندها لا بد من السؤال عن مصير الإمام الصدر ورفيقيه، فاللبنانيون وممثلوهم في السلطات الدستورية يريدون معرفة الحقيقة في هذا الموضوع».

وإذ أشار إلى أن لبنان «قام ويقوم بحملة دبلوماسية عالمية واسعة لمنع إسرائيل من تنفيذ تهديداتها ضده»، أكد أنه سيدافع عن نفسه إذا تعرض لأي عدوان. مشيرا إلى أن الذي يطمئن لبنان هو فقط «جهوزيته وتماسكه ووحدته». ورأى أن «احتمالات الحرب موجودة دائما، لكن إسرائيل تعلم أن الحرب ليست في مصلحتها»، معتبرا أن «فشلها في حرب عام 2006 عامل أساسي ومهم، لعدم تكرار التجربة». أما إذا تكررت «فالحرب هي الحرب، ونحن جاهزون للتصدي، فلبنان ليس ضعيفا بل قوي، وسيدافع عن بلاده، وكل الشعب اللبناني سيدافع عن بلاده، ويدعم الجيش، ويقاوم العدو الإسرائيلي».

وميز الرئيس سليمان بين إسرائيل «التي لا تزال ترفض الانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية وتجاهر بامتلاكها الأسلحة والرؤوس النووية» وبين إيران «التي يقول المسؤولون فيها إن استخدامهم للطاقة النووية هو لأغراض سلمية». مشيرا إلى أن لبنان «يفضل استمرار المساعي الدبلوماسية لأن سياسة العقوبات لم تأت بأي فائدة مرجوة» لكنه أشار إلى أن لبنان لن يتفرد بقراره من خلال عضويته في مجلس الأمن بل سيتشاور مع جامعة الدول العربية من أجل توحيد الموقف بشأن أي مشروع قرار بفرض عقوبات قبل عرضه على مجلس الأمن.

واعترف سليمان بوجود صعوبات تعوق انطلاقة عهده وأن الناس تأمل سرعة أكبر، مشيرا إلى أن تركيبة الواقع السياسي القائم والحدة بين الأطراف أحيانا تتطلب من المسؤولين، من رئيس الجمهورية ومن الحكومة المعالجة العاقلة وتغليب الروح الميثاقية وهذا ما يتم القيام به على هذا المستوى.

وفيما يأتي نص الحوار:

* هل لكم أن تضعونا في نتائج زيارتكم للسعودية ولقائكم بخادم الحرمين الشريفين، وما هي العناوين العريضة لهذا اللقاء؟

- أولا، لا بد من توجيه الشكر والتقدير إلى خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز على الحفاوة التي استقبلنا بها، وتاليا ليست غريبة محبته الشخصية، أولا للبنان واللبنانيين، وليس غريبا الدعم السعودي للبنان على كافة المستويات وفي شتى المجالات خصوصا في أيام المحنة وكذلك بعد عدوان يوليو (تموز) 2006. كان لا بد من تشاور مع خادم الحرمين الشريفين عشية القمة العربية، وعشية الاستحقاقات الدولية والإقليمية في المنطقة، تعلمان أنه الآن هناك محاولات للتفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهناك مساع للتفاوض بين الإسرائيليين والسوريين عبر الوساطة التركية، والتي لم تحسم حتى الآن، ونحن أصبحنا أعضاء في مجلس الأمن لمدة سنتي 2010 و2011، وبعد لقاء القمة الشهير بين خادم الحرمين والرئيس بشار الأسد، كان لا بد من لقاء الملك عبد الله، للتشاور والتنسيق معه، في كافة هذه الاستحقاقات التي تؤثر على مصير الأمة العربية، وتؤثر على كل دولة من الدول العربية، وبخاصة على لبنان.

أما بالنسبة للنتائج، فهي دائما جيدة مع الملك عبد الله، والتنسيق كان جيدا، ولقد تناولنا كافة الاحتمالات التي يمكن مجابهتها، وكيفية التصرف إزاء كل منها. كما تناولنا العلاقات الثنائية بين البلدين في كافة الميادين سواء كانت السياسية أو الأمنية أو الاقتصادية، وأنتما تعلمان أن للسعودية دورا كبيرا في إنعاش الاقتصاد اللبناني، بالمساعدات التي كانت تقدمها للبنان في ظروفه الحرجة، والضمانات والودائع التي تحيلها إلى المصارف اللبنانية، واليوم كان تركيزنا على الاستثمار والشراكة في مشاريع استثمارية في لبنان، لأن لبنان يقف على عتبة سنة أخرى واعدة، كما كانت سنة 2009 طيبة على لبنان في كافة المجالات، وقد حقق نموا اقتصاديا بلغ بين 8 و9 في المائة، نأمل أن تكون سنة 2010 مزدهرة، لذلك كان هناك تشجيع على الاستثمار في لبنان.

* إلى أين وصلت العلاقات الثنائية بين البلدين، وما هي مجالات التعاون السياسية والاقتصادية وغيرها؟

- العلاقات الثنائية هي في أعلى مراتب الجودة والامتياز سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا، سواء لجهة السعي لتنفيذ القرار 1701، أو مواجهة التهديدات الإسرائيلية أو محاربة الإرهاب أو إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين يحول دون توطينهم في لبنان، أو المضي في بناء قدرات الدولة ودعائم التنمية الاقتصادية والاجتماعية في لبنان.

* أنتم الآن في الخليج، على مقربة من ملف يشغل العالم ومجلس الأمن الدولي الذي تمثلون اليوم العالم العربي فيه وستحتلون موقع رئاسته قريبا، فكيف تنظرون إلى تطورات الأوضاع فيه؟

- إن لبنان الذي بات عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي لعامي 2010 و2011 سيكون صوت المجموعة العربية في الدفاع عن الحق العربي والقضايا الإنسانية في مجلس الأمن. ما من شك أن الأوضاع في المنطقة تشهد غليانا بفعل تعنت إسرائيل وممارساتها وتهديداتها بشن حرب تحت أكثر من ذريعة تحاول خلقها، إلا أن لبنان لا يزال يدعو إلى إحياء عملية السلام الشامل والعادل على قاعدة مرجعية مدريد والمبادرة العربية للسلام التي أطلقها في حينه جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز، إلا أن إسرائيل لا تزال تتبع سياسة الأمر الواقع والهروب إلى الأمام، وهي سياسة بدأت تلاقي اعتراضا من المجتمع الدولي. إلا أن الحاجة لا تزال قائمة لممارسة الضغوط على إسرائيل، عوض التراجع، أمام تعنتها. والمواقف الدولية الراهنة لا تشير للأسف إلى رغبة أو مقدرة على اتخاذ مثل هذه المواقف والقرارات التي تلزم إسرائيل باعتماد خيار السلام والالتزام بمقتضياته.

* يقال إن مسؤولين أميركيين، استمزجوا رأي لبنان في عقوبات محتملة على إيران بشأن ملفها النووي، فهل هذا صحيح؟ وما هو موقف لبنان إذا طرح هذا الموضوع؟

- إن لبنان في طليعة الدول المطالبة بأن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية تماما من الأسلحة النووية، بدءا من إسرائيل التي لا تزال ترفض الانضمام إلى معاهدة حظر الأسلحة النووية وهي تجاهر بامتلاكها الأسلحة والرؤوس النووية في حين أن المسؤولين الإيرانيين عبروا علنا عن أن استخدامهم للطاقة النووية هو لإغراض سلمية.

في مطلق الأحوال، لبنان يفضل استمرار المساعي الدبلوماسية، أما سياسة فرض العقوبات، فلم تأت بأي فائدة مرجوة في الحالات السابقة التي تم اللجوء إليها، كما حصل في العراق، بل أدت إلى إيذاء السكان المدنيين، ولبنان كونه عضوا في مجلس الأمن سيتشاور مع جامعة الدول العربية من أجل توحيد الموقف بشأن أي مشروع قرار بفرض عقوبات قبل عرضه على مجلس الأمن.

* تحدثت عن الأمور الواعدة التي تنتظر لبنان، ولكن هناك مخاوف من أمور «راعدة» إن صح التعبير، هناك تهديدات إسرائيلية، وجو إقليمي ملبد، أين يقع لبنان من كل هذه الأوضاع؟

- التهديدات الإسرائيلية، تهديدات قائمة، ونحن نعلم أن إسرائيل تهرب إلى الأمام من الوضع الدولي الضاغط حول عملية السلام، فمن جهة العرب أقروا وأعطوا فرصة لإسرائيل لتطبيق مبادرة السلام العربية، وهي تحديدا مبادرة الملك عبد الله في بيروت عام 2002، حيث أعطوها فرصة لتنفيذ هذه المبادرة، كما أن المجتمع الدولي وخاصة دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، ودولا أخرى مثل روسيا، تضغط باتجاه إطلاق عملية السلام، وإسرائيل بدورها تريد التملص من هذه الضغوطات، فهي تحاول أن تضخم من شأن التهديدات المتأتية من لبنان ومن سورية، ومن إيران وإلى آخره. أما كيف نتصرف، فالتصرف هو بوحدة الصف اللبناني، ووحدة الموقف العربي، فهذا هو أفضل تصرف لمجابهة احتمال أي اعتداء إسرائيلي سواء كان على لبنان أو على غير لبنان.

* هل من تطمينات حقيقية حصلتم عليها من خلال اتصالاتكم الدولية، ومساعيكم لـ«لجم العدوانية الإسرائيلية» كما صرحتم؟

- لبنان هو عرضة يوميا للتهديدات الإسرائيلية، وخصوصا في الآونة الأخيرة حيث تترافق هذه التهديدات مع تدريبات ومناورات. ولبنان قام ويقوم بحملة دبلوماسية عالمية واسعة لمنع إسرائيل من تنفيذ تهديداتها وهو سيدافع عن نفسه إذا تعرض لأي عدوان. والذي يطمئن لبنان هو فقط جهوزيته وتماسكه ووحدته. مع العلم بأن قيام إسرائيل بأي عدوان في ظل وجود القوات الدولية والجيش اللبناني في الجنوب يشكل تحديا صارخا للمجتمع الدولي الذي لا تزال القوى الكبرى والفاعلة فيه تعمل على إيجاد حل عادل وشامل لكافة أوجه الصراع في الشرق الأوسط. ولأن أي مغامرة إسرائيلية تقوم بها إسرائيل من شأنها أن تضع منطقة الشرق الأوسط برمتها في حال اضطراب، وهذا أمر لا مصلحة للقوى الدولية في حصوله. على أي حال، فإن لجوء إسرائيل إلى الخيار العسكري والعدوان بات مغامرة غير محسوبة النتائج بالنسبة إليها، ولها في فشلها الذريع في عدوان يوليو الذي شنته على لبنان أبلغ عبرة. فلبنان لم يعد الحلقة الضعيفة التي يحاول العدو كسرها للهرب إلى الأمام من الضغوط الدولية والتزامات السلام.

* يقال إن استعجال إنشاء الهيئة الوطنية الجديدة للحوار الوطني أتى نتيجة مساع دولية وعربية تهدف إلى لجم التوتر في المنطقة؟

- موضوع هيئة الحوار يعود إلى رئيس الجمهورية، وكنت قد أعلنت أنني سأعمد إلى تأليفها فور الانتهاء من تعديل قانون الانتخابات البلدية والاختيارية، وهي ستنعقد الثلاثاء المقبل من أجل استئناف البحث في الاستراتيجية الوطنية للدفاع.

* كيف ستتعاملون مع الاعتراضات التي صدرت داخليا على تركيبة هيئة الحوار؟ وهل من مجال للتعديل فيها أو لإضافة مواضيع جديدة على جدول أعمالها؟

في أي عمل أو خطوة أو قرار هناك دائما من يعترض أو يتحفظ. ولكن عندما تستند الأمور إلى معايير تراعي مجموعة معطيات تنطلق من تكوين التركيبة السياسية والنسيج اللبناني، يتبين أن تشكيل الهيئة على النحو الذي تم هو أفضل ما يمكن اعتماده، وتاليا لم تتبين الضرورة لإجراء أي تعديل في اتجاه التوسيع، لأنه إذا اعتمد هذا الخيار فسيفتح الباب ربما أمام اعتراضات إضافية. ولكن فريق العمل التابع لرئاسة الجمهورية يمكنه تلقي الاقتراحات من الراغبين، لا بل مناقشتهم في ذلك حتى تأتي الاستراتيجية بحصيلة أكبر عدد ممكن من الآراء.

وبالنسبة إلى العناوين وكما سبق أن قلت إن الأساس هو الاستراتيجية الوطنية والمواضيع التي يمكن أن تتفرع عنها أو ترتبط بها تعود لإرادة المتحاورين في إدراجها أو عدم إدراجها على جدول نقاط البحث.

* يعيش لبنان تجربة غير مسبوقة في العالم بتزاوج سلاح الجيش اللبناني والقوى الأمنية مع سلاح لمقاومة يقال إن لها ارتباطات غير محلية وقرارها غير محلي. ألا يمكن أن نخشى على لبنان أن يدفع ثمن هذه الازدواجية كما حصل سابقا؟

- من المعروف أنه عندما يتعرض أي بلد لعدوان خارجي تتضافر كل القدرات الوطنية الدبلوماسية والعسكرية والبشرية والاقتصادية، ويكون الجميع معنيين كل في مجاله بالدفاع عن الوطن ومؤازرة الجيش. وفي الاجتماعات السابقة لهيئة الحوار الوطني توصلنا إلى خلاصة مفادها أن عمل المقاومة يبدأ بعد الاحتلال أو في حال عجز الجيش عن القيام بواجبه أو تراجعه تحت ضغط العدو أو طلب المؤازرة من قبل المقاومة.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن عناصر المقاومة لبنانيون ومعظمهم في الجنوب وحملوا السلاح في خلال غياب الجيش عن الجنوب، والذي حصل على إثر انتشار الفلسطينيين آنذاك واحتلال قسم في الجنوب من قبل العدو الإسرائيلي، الأمر الذي دفع أبناء الجنوب إلى تنظيم صفوفهم في إطار مقاومة الاحتلال الإسرائيلي الذي استمر من عام 1978 إلى عام 2000 حيث أرغم الجيش الإسرائيلي على الانسحاب من معظم الأراضي وبقيت مزارع شبعا وتلال كفر شوبا والجزء الشمالي في بلدة الغجر تحت الاحتلال.

* أين هو لبنان من التحالف الثلاثي الذي عبر عنه اجتماع دمشق الأخير بين الرئيسين السوري والإيراني والأمين العام لحزب الله؟

- إن لبنان يتميز بعلاقة أخوة مميزة مع سورية وبعلاقات طيبة مع إيران، وأي لقاء يبقى مفيدا له إذا كان يتلاقى مع ثوابته الوطنية والأساسية حيال مواجهة الاحتلال وردع الأخطار وكيفية استرداد الحقوق.

إن التضامن العربي وتغليب المناخات المدعمة لدولنا وشعوبنا في مواجهة التهديدات الإسرائيلية والتحديات المختلفة التي تواجهها المنطقة من المفترض أن تصب في اتجاه مزيد من المنعة والقدرة. وقد أطلق الملك عبد الله بن عبد العزيز في قمة الكويت مبادرة مهمة في اتجاه التصالح والتوافق لا يمكن أن تلقى إلا كل دعم وتأييد.

* عبرتم سابقا عن عدم رضاكم عن إنتاجية الحكومة، لماذا؟ وما هي العوامل التي تعرقل انطلاقتها؟

- التعبير ليس دقيقا. الحكومة منتجة وتعمل، واعتبرت أن أولويات الناس هي أولوياتها. ولكن هناك أمل وطموح في أن تنتج أكثر. والمقصود هو تخفيض الضغط السياسي من كل الجوانب عنها كي تستطيع الانصراف بفاعلية أكبر إلى معالجة المشكلات المطروحة أمامها. والدليل على الجدية في هذا التوجه هو أن الحكومة ومنذ فترة تعقد جلستين أسبوعيا، وتمكنت من إطلاق حركة التعيينات ومن اعتماد مشروع إصلاحي لقانون الانتخابات البلدية عمره عشرات السنين علما أن العملية تأخذ وقتا.

* وصلتم إلى سدة الرئاسة في ظرف خطير جدا على لبنان، وكنتم الأمل للكثير من اللبنانيين بالتغيير، لكن يبدو أن صعوبات عدة تواجه انطلاقة العهد الجديد وتقلل من فعالية خطواته في كل مرة، فهل هناك صعوبات غير قابلة للحل؟ وما هي؟

- دقة الوضع اللبناني داخليا وإقليميا ليست خافية على أحد. الصعوبات دائما موجودة ولا شيء مستعصيا على الإطلاق. لكن الأمر يحتاج إلى الصبر وطول الأناة والروية في المعالجة مع الجميع بما يخدم قضية الوفاق والسلم الأهلي، وهذا ما يقوم به رئيس الجمهورية. صحيح أن الناس تأمل سرعة أكبر وهذا حق، لكن الصحيح أيضا أن تركيبة الواقع السياسي القائم والحدة بين الأطراف أحيانا تتطلب من المسؤولين ومن رئيس الجمهورية ومن الحكومة المعالجة العاقلة وتغليب الروح الميثاقية وهذا ما يتم القيام به على هذا المستوى. وفي نظرة إلى الواقع الحالي فقد شهد عام 2009 تطورا كبيرا واستقرارا على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية لم يشهدها لبنان منذ عشرات السنين.

* هل من أمل في الإصلاح في لبنان في ظل الواقع السياسي والطائفي القائم؟

- الأمل دائما موجود. الإصلاح يجب أن يبدأ من مكان ما وهو عملية ليست محدودة بزمان معين لأنها عملية مستمرة، ولكن الأهم والأساس هو البدء فيها، وهذا ما نحن على عتبة القيام به في موضوع الإدارة. وإذا ما تم اعتماد آلية واضحة وشفافة تأتي بالرجل المناسب إلى الموقع المناسب، فإن ذلك من شأنه التخفيف من الولاء والانتماء للمراجع الطائفية ويصبح هذا الولاء للكفاءة والوظيفة. وقد بدأت عملية الإصلاح السياسي والإداري والقضائي والاقتصادي.

* هل سيحضر لبنان قمة ليبيا؟ وعلى أي مستوى سيكون التمثيل؟

- عندما تطرح مشاركة الدولة اللبنانية في مؤتمر ما كإشكالية سياسية، فإنه يعود لمجلس الوزراء بتها. ومسألة مشاركة لبنان في القمة العربية في ليبيا من حيث المبدأ أصبحت موضع جدل في الوقت الحاضر في لبنان. لذلك عندما تردنا الدعوة الرسمية إلى حضور القمة سنتخذ القرار المناسب بشأنها في ضوء الاعتبارات المختلفة التي تتحكم في مثل هذا القرار. وعندها لا بد من السؤال عن مصير الإمام الصدر ورفيقيه، فاللبنانيون وممثلوهم في السلطات الدستورية يريدون معرفة الحقيقة في هذا الموضوع.

*هل سيكون لبنان ضمن مرحلة متقدمة من أي عملية سلام، وخصوصا في ظل القرار العربي الأخير الذي أعطى موافقة للشروع بمفاوضات فلسطينية - إسرائيلية ضمن جدول زمني، فهل لبنان جزء من هذه الترتيبات التي اتفق عليها العرب في القاهرة؟

- نحن لا نقف عائقا في وجه أي مفاوضات، أنتما تعلمان، أنه بدأت مفاوضات سابقة، وكانت هناك مفاوضات غير مباشرة مع سورية، وممكن أن تعود هذه المفاوضات في وقت لاحق، نحن نؤيد المفاوضات عندما تكون على قدر متساو من الظروف لكل فريق، فلا بأس بالمفاوضات، وطالما أن لجنة المبادرة العربية اتخذت موقفا تجاه هذا الموضوع، فليس لنا موقف آخر. نحن نتحفظ على تغطية المفاوضات من قبل الجامعة العربية، ولكنه موقف اتخذ ونأمل أن تأتي هذه المفاوضات بنتيجة، ولكن يبدو أنها ليست بالقدر المرجو.

* إذن أنتم تتحفظون على القرار العربي؟

- نحن موقفنا الشخصي، أن لبنان لا يريد أن يتفاوض مع إسرائيل، وليس لديه أي ملف تفاوضي مع إسرائيل، ونحن لا نؤيد تغطية الجامعة العربية لتفاوض فريق مع إسرائيل، فالتفاوض هو شأن شخصي لكل دولة، وليس شأن الجامعة العربية، الجامعة العربية تريد المبادرة العربية للسلام، وتنادي بهذه المبادرة التي تحقق السلام العادل والشامل لكافة الفرقاء، فهذا هو الموقف اللبناني. ولكن لجنة متابعة المبادرة العربية للسلام، أعطت غطاء للتفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين بأكثرية الأعضاء، ولا أعتقد أنه ستظهر نتائج كبيرة من هذا التفاوض.

* ما هو مصدر تشاؤمكم فخامة الرئيس؟

- سبب التشاؤم، أن إسرائيل لا تريد السلام، وليست جدية في عملية السلام، وليست شريكا حقيقيا في عملية السلام.

* وهل ستظل المنطقة معلقة بهذا الشكل؟

- هل من مصلحة إسرائيل أن تبقى الأمور معلقة بلا سلام؟ اعتقادي لا، فليس من مصلحتها أن لا تسعى إلى السلام، ولكن الحكومة الإسرائيلية حكومة متطرفة، ويبدو أنها لا تريد السلام، لذلك لم تعط ضمانات للفلسطينيين لبدء المفاوضات، فهي لم تعط أي ضمانات، فبالتالي هي مفاوضات على سبيل التجربة، دون أي ضمانات مسبقة، لا إسرائيلية ولا دولية.

* وهل نعلق الآمال على حكومة إسرائيلية أقل تطرفا؟

- ربما، ولكن ليس نحن الذين نعلق الآمال، فنحن جديون وصادقون في عملية السلام، ولكن السلام يعود أولا لمصلحة إسرائيل.

* وبحاجة إلى طرفين، أليس كذلك؟

- طبعا يحتاج إلى طرفين، وإسرائيل ليست طرفا حقيقيا في عملية السلام.

* في ظل وجود حكومة مماثلة في إسرائيل، ألا نخاف على الوضع من أن يذهب بعيدا تجاه الحرب في المنطقة؟

- احتمالات الحرب موجودة دائما، لكن إسرائيل تعلم أن الحرب ليست في مصلحتها، فهي في 2006، خاضت حربا ضد لبنان، وقد كانت النتائج مؤذية جدا للبنان، ولكنها كانت مؤذية جدا لإسرائيل.

* وهل هذا سيمنعها من تكرار تجربة الحرب من جديد؟

- أعتقد أنه عامل أساسي ومهم، لعدم تكرار التجربة.

* وإذا كررتها.

- إذا تكررت، فالحرب هي الحرب، نحن جاهزون للتصدي، فلبنان ليس ضعيفا بل قوي، وسيدافع عن بلاده، وكل الشعب اللبناني سيدافع عن بلاده، ويدعم الجيش، ويقاوم العدو الإسرائيلي.

* بالانتقال إلى الملف اللبناني - السوري، أين أصبحت عملية تنقية العلاقات اللبنانية - السورية، بعد كل الذي مرت به؟

- أصبحت في مرحلة جيدة جدا، ويلزمها تعزيز العلاقات، وتجسيد العلاقات واقعيا، على ميدان التطبيق، بين الوزارات المختصة والمؤسسات في كلا البلدين، وعقد الشراكات، والاستثمار والإنتاج، فهذا أمر عالمي مشهود له، ونحن في أمس الحاجة لتجسيد هذه العلاقات، وأعتقد أنه لم يعد هناك قطيعة بين اللبنانيين والسوريين على مستوى الرئاسة والحكومات والمؤسسات، وطبعا هناك تواصل كبير على مستوى الشعب بين لبنان وسورية.

* على ذكر العلاقات اللبنانية - السورية، دائما ما يكون لبنان ضحية للخلافات العربية - العربية، فما هي الأسباب؟

- لأن لبنان هو بلد التنوع الكبير، وتقاطع للسياسات والمرجعيات، لذلك نحن حاولنا خلال عام 2009، بعد انتخاب رئيس الجمهورية، أن نبعد لبنان، ولا نجعله ساحة للخلافات العربية، لا بل نجعله مكانا للمصالحة العربية ولتضافر النوايا الطيبة العربية، وقد سعى رئيس جمهورية لبنان إلى تعميم المطالبة بهذه المصالحة، وقد حصل جزء كبير منها بفضل مبادرة خادم الحرمين الشريفين أيضا، والعلاقات السورية - السعودية الجيدة لا بل الممتازة كما أسمع من قادة البلدين، انعكست إيجابا على لبنان، ونأمل متابعة بقية العلاقات، لا أقول مصالحات لأنه ليست هناك قطيعة، بل تمتين العلاقة لمصلحة الأمة العربية، وتحديدا السعودية وسورية ومصر؟

* هل نفهم أنكم تدعون الله ليل نهار، لكي يظل العرب على وئام، ويسلم لبنان من كافة التقاطعات التي ذكرتها؟

- أدعو الله وأعمل من أجل أن تبقى العلاقات جيدة بين الدول العربية ليس فقط حتى يبقى لبنان هادئا، ولكن من أجل القضية العربية والأمة العربية. فالمصلحة ليست فقط للبنان، بل هي مصلحة سعودية ومصرية وسورية وفلسطينية ولبنانية بكل تأكيد.

* من خلال متابعتكم لملف المصالحات العربية، إلى أين وصل مستوى الإنجاز في هذا الملف؟

- جيد.

* كم في المائة، فخامة الرئيس؟

- هذه الأمور لا يمكن تحديدها مئويا، ولكن حظوظ التقدم باتجاه التعاون بين الدول العربية، كبيرة، بوجود إرادة خادم الحرمين الشريفين الطيبة في هذا المجال.

* أضفتم قبل قليل ومن خلال إجاباتكم السابقة حرف «م» لمعادلة «س س»، المتمثل في مصر؟

- أنا لا أتكلم بمعادلة من أجل الوضع في لبنان، الوضع في لبنان مستقر وجيد، لكن أقول الكلام من أجل مصلحة العرب، من المعلوم أن مصر أكبر دولة عربية، ومن المعلوم أن سورية دولة مهمة جدا للتصدي للعدو الإسرائيلي فهي دولة محورية، وكذلك المملكة العربية السعودية دول كبيرة بقدراتها وملكها وتأثيرها الكبير في المسار العربي، وخاصة أن المبادرة العربية هي مبادرة الملك عبد الله وهي المبادرة الوحيدة المطروحة للسلام.

* يعني هل نستطيع القول إن المصلحة العربية لن تتحقق إلا بمعادلة «س + س + م»؟

- وأكثر.

*مثل مَن؟

- كافة الفرقاء العرب يجب أن يكونوا متضامنين، ولكن السعودية ومصر وسورية، حددتها لأنها الدول الرئيسية في الموضوع، وعندما تتعاون هذه الدول فـــلا مشكلة بين الدول الأخــــــرى، لا مشــكلة للبنان أن يكون متضامنا أو الكويــت أو قطــــــــــر، فالجميــــــع يتمـــــــنى هذا الموضوع.