فرق للتواصل ضمن حملة الجنرال ماكريستال للاستحواذ على عقول الأفغان وقلوبهم

النساء يتواصلن مع النساء في دروس حيوية للمارينز قبل الذهاب إلى أفغانستان

TT

كان أفراد المارينز من النساء اللائي يحضرن أحد الفصول الحديثة للتوعية الثقافية يدونّ الملاحظات بعناية فائقة، في الوقت الذي كانت فيه مدرستهن تعلمهن ما يجب عليهن فعله، وما يجب عليهن تجنبه أثناء الحديث إلى الأهالي في القرى الأفغانية: «لا تبدأن بإلقاء سيل من الأسئلة.. تغلبن على جمود العلاقات من خلال الاستهلال بمداعبة الأطفال، ولا تتركن المترجمين يهيمنون على الحوارات».

بالإضافة إلى شيء آخر، وفقا لما قالته، مارينا كلبنسك، المدرّسة في ذلك الفصل: «إذا كان شعرك معقوصا على شكل ذيل حصان، فاجعليه يتدلى من الخوذة ليعلم الأهالي أنك امرأة».

كان ذلك الفصل في أحد الأدغال الوعرة في كاليفورنيا في كامب بندلتون، الذي تستعد فيه 40 امرأة شابة للانتشار في أفغانستان، حيث من المقرر أن يبدأن العمل خلال الشهر الحالي كعضوات في أول فريق للتواصل النسائي وهو الوصف الذي أطلقه الجيش على أربع أو خمس وحدات سوف ترافق الرجال في الدوريات التي تجوب مقاطعة هلمند، في محاولة للتواصل مع النساء في القرى الأفغانية اللاتي لديهن قيود على التعامل مع الرجال الأجانب.

وتعمل هذه الفرق، التي سوف تذهب للالتقاء بالسيدات الأفغانيات في منازلهن، على تقييم حاجتهن إلى المساعدة، كما سوف يعملن على استقاء المعلومات منهن. وتعد تلك الفرق جزءا من حملة الجنرال ستانلي ماكريستال للاستحواذ على عقول الأفغان وقلوبهم، فيقول الضباط: «إنك لا تستطيع الفوز بثقة الأفغان وأنت لا تفتح بابا للحوار مع نصفهم».

تقول الكابتن إيملي ناسلوند، 26 عاما، والضابط التنفيذي للفريق ونائب قائدة الفريق: «نحن واثقات بقدرتنا على أن نحدث فارقا هناك». وعلى غرار 39 امرأة أخرى، تطوعت الكابتن ناسلوند للبرنامج، كما أنها تفيض حماسة بشأنه، ولكنها لا تنظر إلى العقبات والمخاطر التي تنتظرها بسذاجة، فقد تم نشر نصف هؤلاء السيدات قبل ذلك في العراق. ومن جهة أخرى، تقول السيرجينت، ميليسا هرنانديز، 35 عاما، التي اشتركت في البرنامج لأنها تريد أن تخوض تجربة مختلفة بدلا من عملها المكتبي في كامب فيكتوري، وهو مركز القياد العسكري الأميركي في بغداد: «جميعنا نعلم أن ما نأمله ليس دائما هو ما تؤول إليه الأمور». وكما هو مقرر سلفا، فإن تلك الفرق سوف تعمل كما يعمل السياسيون الأميركيون، أي إنهم سيجوبون المنازل كي يعرفوا ما الذي يرغب فيه المقترعون، فسوف يصل الفريق إلى القرية بعد الحصول على موافقة زعماء القرية الذكور، لكي يتمكنّ من الحديث إلى النساء، وسوف تقمن بالاستقرار في المعسكرات، وتعملن على توفير الأدوات المدرسية، والأدوية، وسوف يشربن الشاي ويتحدثن إلى النساء للحصول على معلومات حول القرية، والشكاوى المحلية، بالإضافة إلى معلومات حول حركة طالبان أيضا. وبغض النظر عن النتيجة، فإن تلك الفرق تعكس التغيرات التي طرأت على الجيش خلال السنوات التسع الماضية من الحرب، ليس فقط في الطريقة التي يحارب بها، ولكن في الأدوار التي يلعبها الجنسان كلاهما بين صفوفه، حيث لا تمثل النساء سوى 6% فقط من قوات المارينز، وهو ما يطرح صورة ذكورية عن الخدمة فيه، كما أنه محظور على النساء رسميا الاشتراك في الأفرع القتالية للجيش، مثل المشاة. ولكن في تحايل على البيروقراطية، سواء في الجيش أو المارينز بالعراق وأفغانستان، حيث كانت هناك حاجة ماسة إلى النساء هناك في الوظائف الحيوية مثل التخلص من القنابل أو في الاستخبارات، يتم إلحاق فرق السيدات في وحدات المشاة كافة التي كانت تقتصر على الرجال في قوة المارينز الاستكشافية الأولى، وهو ما أصبح مدعاة لفخرهن. فتقول العريف فينيسا جونز، 25 عاما: «عندما سمعت بشأن ذلك قلت، هكذا يجب أن تكون الأمور.. فلنذهب». ونشأت فكرة تلك الفرق عن برنامج سابق في العراق، الذي كان يستعين بنساء المارينز لتفتيش العراقيات في نقاط التفتيش. وخلال العام الماضي في أفغانستان، قام الجيش والمارينز بتشكيل لجان نسائية خاصة للتواصل، ولكن سرعان ما تم سحبهن للعمل طاهيات أو مهندسات.

وتعد النساء في بندلتون ضمن أولى الفرق التي يتم تدريبها على تلك المهمة. تقول العريف ميشيل غريكو لوتشيانا، 22 عاما، في إشارة إلى تلك المهام خارج القاعدة: «أي فرد من المارينز يرغب في عبور الحاجز، فجميعنا ينضم لأسباب مختلفة، ولكن ذلك هو أصل كونك من المارينز».

وتقول النساء إنهن لم يكن يسعين وراء القتال، وإنهن يعملن في العادة في المناطق التي أخليت بالفعل من المسلحين. ولكن في حرب ليست بها جبهة أمامية، كان يجب عليهن الاستعداد للتعامل مع الكمائن والقناصة، وبالتالي فقد حصلن على دورات تدريبية إضافية في القتال.

وفي الدوريات، سوف تحمل السيدات البنادق الآلية «إم 4»، حيث إنها أقصر، ويسهل المناورة بها عن البنادق الآلية التقليدية التي يحملها الرجال في الجيش «إم 16»، ولكن بعدما يدخلن أي معسكر أفغاني، وفي ظل وجود حراس من المارينز متمركزين بالخارج، تم إرشادهن إلى ترك أسلحتهم، بافتراض أنهن يشعرن بالأمان، وخلع المعدات القتالية المزعجة، مثل الخوذات والدروع التي تثير حفيظة الأهالي.

كما أنهن أخبرن بأن تتعاملن بحساسية مع العادات المحلية، ومن ثم سوف ترتدين أوشحة الرأس تحت خوذاتهن، وإذا كان الجو شديد الحرارة ففي إمكانهن ربط الأوشحة على الرقبة، وتغطية شعورهن بعد نزع الخوذات مباشرة.

ومن جهة أخرى، يقول المارينز، الذين كانوا يعملون مع الفرق الخاصة في أفغانستان، إن النساء الأفغانيات في القرى، اللاتي نادرا ما تظهرن في الخارج، لديهن نفوذ في قراهن أكثر مما يعتقده قادتهن الذكور، وإن إرادة الأفغانيات الطيبة ربما تجعل الأفغان أقل تشككا بشأن القوات الأميركية.

وقد كتب الكابتن مات بوتنغر، الضابط في الاستخبارات الذي يتمركز في العاصمة الأفغانية كابل، والذي ساعد على تشكيل أول فريق للتواصل بأفغانستان وتدريبه، أنه عندما ذهبت إحدى الفرق لزيارة قرية جنوبي أفغانستان، فتح رجل له لحية رمادية باب منزله للنساء منهم، قائلا: «لقد جاء رجالكم للحرب، ولكننا نعرف أن النساء آتيات للمساعدة»، كما اعترف الرجل بخجل، وفقا لما كتبه الكابتن بوتنغر في الصحيفة الإلكترونية «سمول ورز جورنال» بأن النساء «كنّ جميلات».

وتعد الفلاحات الأفغانيات اللاتي يلتقين عند الآبار، ويتبادلن أخبار القرية فيما بينهن، مخزنا هائلا للمعلومات حول النسيج الاجتماعي للمنطقة، ومراكز القوى، والمسلحين، والبيانات المهمة كافة بالنسبة إلى القوات الأميركية، بل وكانت النساء توفر في بعض الأحيان معلومات حول المتمردين أو مصنعي القنابل.

وكجزء من حواراتهم مع الأفغانيات، من المفترض أن تطرح المارينز أسئلة بسيطة بما فيها أصعب المشكلات التي تواجه القرية، وسوف يتم وضع الإجابات في قاعدة بيانات لإرشاد الجيش والعاملين بالإغاثة. وكما قالت كلبنسكي، المدرّسة، للمارينز: «إذا قال لكنّ الأهالي إن أكبر المشكلات هي الري، وتمكنت وحدتكن من عمل شيء حيال ذلك، فسيمثل ذلك إنجازا هائلا».

وحتى الآن، ما زال المارينز، من النساء، قلقات بشأن المجهول الذي سوف يواجهنه هناك. فتقول الكابتن كلير هنري، 27 عاما، القائد الأعلى للفريق، إنها تشعر بالقلق مثل أي ضابط آخر حول مسؤوليتها تجاه النساء اللاتي يعملن تحت قيادتها. فتقول: «أنت على وشك أن تصطحب المارينز إلى طريق محفوف بالمخاطر. وفي النهاية، يجب عليك أن تتأكد إذا ما كنت قد أعطيتهن التدريب الملائم وأعددتهن جيدا سواء جسديا أو ذهنيا».

* خدمة «نيويورك تايمز»