الممثل المدني للناتو: الأمن وحسن الإدارة أساسيان لتحقيق النجاح في أفغانستان

أكد أهمية إقناع الأفغان بوضع ثقتهم في الشرطة والحكومة

TT

اعتبر الممثل المدني للحلف الأطلسي في أفغانستان، مارك سيدويل، أن نجاح مهمة القوات الدولية في هذا البلد يتوقف على إقناع الأفغان بوضع ثقتهم في الشرطة والحكومة الأفغانيتين. وحذر سيدويل في حديث أجرته معه وكالة الصحافة الفرنسية من أن نجاح عملية «مشترك» أو «معا» باللغة الدارية التي يشنها 15 ألف عسكري أفغاني وأجنبي بقيادة قوات المارينز الأميركية في ولاية هلمند حيث معاقل حركة طالبان، يقوم على إقناع الأفغان بأن قوات وسلطات بلادهم قادرة على حمايتهم وجديرة بثقتهم. وقال إن «الأمن والعدل هما المسألتان اللتان ستحددان ما إذا كان سكان هذه المنطقة سينقلون ولاءهم من طالبان إلى الحكومة الشرعية وسيبقون عليه». وبعد 3 أسابيع على إطلاق عملية عسكرية ضخمة في منطقة مارجا المنتجة للأفيون في ولاية هلمند، اعتبر سيدويل أنه ما زال ينبغي القيام بالكثير في هذه المنطقة. وأوضح أن «السكان ينظرون بريبة كبيرة إلى دخول الشرطة، لأن لهم تجربة سيئة جدا مع الشرطة من قبل». وقال إن عناصر الشرطة «يسرفون في استغلال سلطتهم، ويبدون وحشية» مشيرا إلى «مزاعم بوقوع عمليات قتل، وحصول أعمال ضرب وتخويف بالتأكيد». وأقر بأن «ثلاثة أرباع المتمردين» من السكان المحليين الذين يقاتلون مؤسسات يعتبرونها فاسدة وقمعية، مشيرا إلى أن الكثيرين من سكان مارجا يعتبرون أن سيطرة الحكومة تعني استبدال شر بآخر. وقال: «إنهم لا يريدون طالبان، كما لا يرغبون في العودة إلى سوء استغلال السلطة الذي كان قائما قبل هيمنة طالبان». وتساءل «هل تمردوا حقا على الحكومة الوطنية الأفغانية؟ ليس بالتحديد، بل كانوا يقاومون التجاوزات التي كانوا يعانون منها». وتابع أن «هؤلاء السكان (في مارجا) عاشوا في ظل علاقات قمعية مع السلطة سواء في عهد طالبان أو قبله، وهم بحاجة الآن إلى علاقة أفضل». وأطلقت عملية «مشترك» في 13 فبراير (شباط) وهي بمثابة اختبار أول لاستراتيجية جديدة للتصدي للتمرد تجمع ما بين الجهود العسكرية والمدنية لطرد طالبان واستعادة السيطرة على البلاد. وهي أضخم عملية عسكرية منذ غزو هذا البلد وإطاحة نظام طالبان عام 2001، والأولى منذ إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما استراتيجية جديدة تقضي بتعزيز القوات المنتشرة في هذا البلد بـ30 ألف عسكري إضافي، فضلا عن 10 آلاف عسكري إضافي سترسلهم دول من أعضاء الحلف الأطلسي، ما سيرفع عدد القوات الدولية في أفغانستان إلى 150 ألفا بحلول أغسطس (آب). وحدد أوباما في استراتيجيته الجديدة جدولا زمنيا يقضي ببدء سحب القوات من هذا البلد في يوليو (تموز) 2011، ما يزيد الضغط على السلطات الأفغانية لجهة تحمل المسؤوليات الأمنية. وأعلن قادة القوات الأطلسية والأفغانية أنهم لم يحكموا السيطرة بعد بشكل تام على منطقتي مارجا وناد علي المستهدفتين بالهجوم، غير أن قوات الدفاع المدني دخلتهما لبسط سيادة الدولة وإحلال الأمن. وقال سيدويل السفير البريطاني السابق الذي عين ممثلا مدنيا للحلف الأطلسي في أفغانستان الشهر الماضي، إن مارجا تشكل «نموذجا» لخطة جديدة سيتم بسطها خلال الأشهر الـ18 المقبلة على مواقع أخرى من ولاية هلمند وولاية قندهار المجاورة.

وقال: «إن (مشترك) هي نموذج نستخلص منها عبرا» مشيرا إلى أن منطقة مارجا تشكل حالة قصوى حيث لم يسبق أن خضعت لسيطرة الحكومة. ولفت إلى أن مناطق أخرى في هلمند وقندهار ستطرح «صعوبة على أصعدة مختلفة لأنها متنازع عليها» موضحا أن «الحكومة لها وجود فيها وقد تكون جزءا من المشكلة كما أنها جزء من الحل». وقال إن التحدي المطروح الآن يكمن في تصحيح الأخطاء الماضية. وقال: «لا أحد ينكر أن الأمور سارت في الاتجاه الخاطئ في القسم الأكبر من السنوات الثماني الماضية». وتابع «إذا نظرتم إلى السنوات الأربع أو الخمس الأخيرة، فقد تدهور الأمن وأحكمت حركة التمرد قبضتها على الجنوب ووسعت نطاق نفوذها إلى الشمال والغرب، فيما ارتفعت حصيلة القتلى والجرحى وتراجع حسن الإدارة». وقال: «وحدهما القطاعان الاقتصادي والاجتماعي سجلا تحسنا» مشيرا بذلك إلى إحصائيات كشفت عن ارتفاع عدد الأطفال المنتسبين إلى مدارس وعدد العيادات في المناطق الريفية فضلا عن تسجيل تقدم في قطاعات أخرى استفادت من المساعدات الأميركية بمليارات الدولارات. لكنه تابع «علينا أن نعترف بأن الصورة متباينة للغاية إذا ما نظرنا إلى الأمن وحسن الإدارة والتنمية، وكنا نميل إلى تضخيم النجاحات على صعيد التنمية وعدم الإقرار بالمشكلات في المجالات الأخرى». وقال: «نعترف الآن بوجوب الحفاظ على الزخم على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، ولكن علينا بشكل أساسي أن نعالج مشكلات الأمن والإدارة».